جيد أن يصلني هذا السؤال من أحد الشباب هل للإيمان فائدة دنيوية مباشرة غير أنه من أركان الدين أمام الله سبحانه وتعالى؟ وأحب أن أجيب عليه من واقع يقيني وشعوري، وإدراكي لذا سميت هذا العمود اليوم كما قرأت "بالإيمان تتوازن الروح والمادة". فالصلة الرئيسية بين الانسان وخالقه في نظر القرآن الكريم تقوم على محبة الخالق وشكره على ما أنعم على الإنسان من نعم لا تعد، ولا تحصى ولكن بجانب هذا يهدف القرآن الكريم إلى غايتين اثنتين هما: تربية الضمير الإنساني، والحصول على السعادة النفسية وهنا الربط بين الروح والمادة، بين السماء والأرض. والعامل الأساسي للسعادة النفسية هو ذلك الاتصال بالله تعالى وأنه معنا على الدوام، وأننا لسنا منسيين أمام كوارث هذه الحياة (أي الحماية المادية المباشرة) وأن الله معنا، يعيننا وينجينا ويشفينا بقدرته، وفضله ورحمته. إذن الإيمان بالله الحق سبحانه هو عماد الحياة الروحية (الاطمئنان الروحي في الظن بثواب الله في الآخرة) ومنبع طمأنينة نفسية، ومصدر كل سعادة وأن هناك قدرة بلا حدود قادرة على حمايتك بلا حدود. (طمأنينة الدنيا) الإيمان بالله تعالى هو عماد الحياة لانه يطلق النفس من قيودها فتستكبر على الشهوات، ولا تبالي بالمنافع والمضار الصادرة من الغريزة الصماء. والنتيجة على المدى الذي يتعدى الفرد (مع نفعه له كفرد) سعى الفرد المؤمن لنفسه ولمجتمعه وللناس جميعا إلى قوانين الحق العامة، ومبادىء العدل، وسنن الخير الشاملة، وهذه كلها صفات وأخلاقيات وقواعد سلوكية من نبل، وتضحية، وإيثار، ومساعدة مستمدة من إيمانه بالله تعالى مما يجعلنا وهذا ما يستحق تأملا طويلا لا نرى آية في القرآن الكريم يذكر فيها (الذين آمنوا) إلا وأضاف الله سبحانه وتعالى (وعملوا الصالحات) أي أن الايمان يجب أن يكون مقرونا بالعمل الصالح (دنيويا) لك وللآخرين كما يقول سبحانه (إن الذين آمنو وعملوا الصالحات أولئك هم خير البرية) إذن هنا تتوازن الروح والمادة.