هذا التعبير ( أمية الأرواح) للشاعر الرائع جاسم الصحيح، وقد ورد ضمن بيت شعري جميل في مدح الرسول صلى الله عليه وسلم من قصيدة طويلة: ==1== ويصوغ الضياء في لغة عذراء ==0== ==0==تمحو أمية الأرواح ==2== وإذن هناك أمية بصرية، وأمية فكرية، وهناك أمية الروح. وأعتقد أن أمية الروح أشد ظلاماً من أية أمية أخرى. أمية الروح تعني انفصال الإنسان عن كل منابع الجمال في الحياة، تعني أنه شجرة بلا جذور تشده إلى الأرض وإلى الشمس. تعني الغربة التي تحيطه بكل الأشواك وهو لا يشعر بها. الأمية البصرية أو الأبجدية أقل ضروب الأميات ضرراً فهي لا تفتك بغير صاحبها. أما الأميتان الفكرية والروحية فقد عانت المسيرة البشرية ولا تزال من فداحتهما، ان ما حدث ويحدث من قتل للناس بدون حق وعدوان بدون حق إنما مرده إلى هاتين الأميتين. خذ مسألة الاختلاف بين الناس ترى ان الاختلاف طبيعة بشرية لا يمكن لأحد أن يصادرها. ولكن الأمية الفكرية والأمية الروحية تعتبران الاختلاف جريمة تدعو في كثير من الأحيان إلى التناحر والتصفية الجسدية. تبلد الإحساس تحجره انفصاله عن الحياة والأحياء. هذا التبلد ليس نوعاً واحداً. انه أنواع عديدة: فهناك التبلد الدائم الذي نعبر عنه ب(أمية الروح) أو غربة الإحساس، وهناك التبلد العابر الذي يعاني منه الأفراد الذين وصلت بهم أحاسيسهم المرهفة إلى حد الشعور بالاغتراب. حين قال المتنبي: ==1== أصخرة أنا مالي لا تحركني ==0== ==0==هذي المدام ولا هذي الأغاريد ==2== فهل بإمكانك اعتبار إحساسه متبلداً منفصلاً عن الحياة والأحياء بحيث لا يشعر حتى بعذوبة الغناء؟ لا.. أبداً ليس بإمكانك حتى الظن بهذا لأن المتنبي وأمثاله من الشعراء الكبار من أشد الناس رهافة في الحس. حين قال الجواهري: ==1== أبداً.. أنظر الحوادث والعالم ==0== ==0==والناس من وراء ضباب ==2== هل يشك أحد في رهافة شاعر عملاق مثل الجواهري؟ لا.. أبداً.. وهنا يأتي السؤال: بماذا نسمي مثل هذه الحالة؟ ببساطة نسميها رهافة الحس إلى عدم استجابة الأشياء للتعاطي معه.