المحاكمة العلنية لخلية ينبع الإرهابية المتورطة في قتل خمسة أجانب ورجل أمن تمثل بادرة مهمة في القضاء السعودي فلأول مرة تفتح المحكمة الجزائية المتخصصة في الرياض أبوابها لحضور وسائل الإعلام, وهيئة حقوق الإنسان للاستماع ومشاهدة وقائع الجلسة والاطلاع على المرافعات المقدمة من قبل الادعاء العام والمتهمين. نقل الجلسة من قبل وسائل الإعلام للرأي العام يضعنا أمام مفترق طرق في القضاء والعدالة, ويلجم الأصوات التي تشكك في القضاء السعودي وتتهمه بالانغلاق والسرية وانعدام الشفافية وهي اتهامات طالما رددها الإعلام المناوئ لسياسات المملكة وهو ما شكل ثغرة ينفذ منها بعض المتصيدين في الهيئات والمنظمات الحقوقية الدولية. المحاكمة العلنية الشفافة لهؤلاء الإرهابيين تزيل الغشاوات التي درج دعاة الفكر التكفيري على وضعها على عيون وعقول بعض الشباب لضمهم إلى دعوتهم الضالة ولخلاياهم النائمة فليس هناك أفضل من الشفافية والعلنية لإيضاح الحقائق للمغررين بهم وللرأي العام خصوصا أن الإرهاب والتكفير لا يعيشان إلا في الظلام ومجرد أن تضيء الأنوار الكاشفة يسقط هذا الفكر ومثل هذه المحاكمة تدشن عهدا فاصلا في استراتيجية محاربة الإرهاب ووضعه في إطاره الواقعي بعيدا عن عالم المثالية والأفكار المجردة. التعرف على همجية أفكار القتلة والإرهابيين ونقلها للرأي العام جزء من مسؤولية القضاء, وجزء من مسؤولية الحكومة لحماية النظام العام, ولقطع الطريق على التطرف من التغلغل في العقول الشابة غير المحصنة فكريا وشرعيا ونفسيا. خطوة مثل تلك التي شهد وقائعها الإعلام وهيئة حقوق الإنسان وما جرى في أروقة المحكمة وقاعتها تقرب لنا المشهد الذي آن الأوان لإسدال الستار عليه واختتام نهاية المشهد الإرهابي الذي عصف بالمملكة وعبث بأمنها وأسال دماء أهلها والمستأمنين فيها بمحاكمات علنية للمتورطين والمخططين والداعمين والمنفذين لهو أفضل النهايات لإنصاف الضحايا ممن قتلوا ولإشفاء صدور الأسر من آباء وأمهات وأطفال ممن تم التغرير بأبنائهم والزج بهم في أتون الظلامية ووحشية القتل وسفك الدماء. نأمل أن تكون المحاكمات العلنية عهدا جديدا للقضاء السعودي في مسيرته الطويلة, وعهدا جديدا لتحقيق العدالة بما يتوافق مع تعاليمنا الإسلامية وبما يحقق شروط ومتطلبات القوانين الحقوقية الدولية. لعل من المناسب ان يقوم الإعلام بدوره أيضا وينقل وقائع المحاكمة للرأي العام بالشفافية المطلوبة وان يكون شاهدا على محنة دفعنا ثمنها غاليا وآن الأوان ان نختتم المشهد بتحقق العدالة الشرعية وان نضع كل ذلك في النهاية وراءنا وان نتقدم للأمام واثقين من أنفسنا ومن عزة وطننا.