تبدو ثقافة – الاختلاف – من أجل مجرد الاختلاف هي دافع – الفزعة – من أجل توقيع بيان ضمّخته أصابع بضعة وخمسين فرداً حول أحداث القطيف، وعلى النقيض المقابل، نتائج محاكمة خلية تمويل إرهابية. أضافوا المحاكمة وأحداثها للبيان من أجل الهروب من تهمة الانتقاء الفئوي، وإلا، فلماذا اختاروا مجرد محاكمة واحدة من بين ما لا يقل عن عشر قضايا أخرى أمام المحاكم الشرعية بذات التهمة؟ السؤال: ما هي المعلومة المؤكدة لدى بضعة وخمسين فرداً، ينتشرون في عشرات المدن القريبة والبعيدة كي يبصموا جهراً أن الأجهزة الأمنية هي من بدأ الاستفزاز والقتل، أو أن المحكمة العلنية التي حضرتها كل وسائل الإعلام كانت إقصائية وجائرة؟ ومن المفارقة أن بعض – أعلام – هؤلاء الموقعين هم ذات الأسماء التي طالبت في بيان شهير سابق بضرورة محاكمة متورطي الإرهاب أو إخلاء سبيلهم، وحين ابتدأ القضاء يأخذ مجراه بلعوا الشرط الأول من البيان واعترضوا على مجرد واحدة من هذه القضايا في صورة انتقائية مشبوهة. ومن اللافت بمكان أن بيان الإخوة الموقعين لا يعرض رأياً ثقافياً في قضية ساخنة بقدر ما يحاكي ويقفز بالاتهام إلى أحداث مادية محسوسة ثم يتخذ موقفاً واضحاً بالاتهام والوقوف المعلن مع طرف ضد الآخر. وعوداً على بدء، ما هي الأدلة الواضحة الملموسة التي يتكتمون عليها في هاتين الحادثتين بالتحديد، وسوادهم الأغلب على بعد مئات أو آلاف الأميال من بؤرة الحدث في القطيف، وكلهم بلا استثناء لم يحضروا وثيقة واحدة من محاكمة علنية مكشوفة، رغم أنهم أو بعضهم يذيل توقيعه – بالحقوقي – ورغم أن القطب البارز منهم كان على بعد أمتار معدودة من مبنى المحكمة؟ هؤلاء وقعوا في الفخ المشبوه، لأن بيان التكتل الثقافي الذي يحترم أدنى معايير الرأي هو البيان الذي يناقش القضايا الفكرية، لا البيان الذي يحاكي وقائع ميدانية ثم يتخذ منها موقفاً صريحاً يقفز به إلى نتائج لم تكتمل أركانها ولم تفند بعد حيثياتها المادية المحسوسة. اقرؤوا البيان ثم حاكموني على لغته.