بلغت تكلفة شحن النفط الخام من الخليج أعلى مستوياتها منذ عام 1973 حيث من المتوقع أن ترتفع الاسعار بدرجة أكبر لمواكبة الارتفاعات الكبيرة في الطلب على النفط. وزادت تكلفة شحن النفط من الخليج الى الولاياتالمتحدة أكبر مستهلك للنفط في العالم بأكثر من مثليها منذ أغسطس عندما كان متوسط التكلفة يتراوح حول أعلى مستوياته الموسمية. والآن يتكلف نقل البرميل من النفط الخام من الخليج الى الولاياتالمتحدة 5ر4 دولار. أي أن تكلفة ناقلة عملاقة محملة بمليوني برميل من الخام تبلغ تسعة ملايين دولار. وزادت الاسعار بأكثر من 500 بالمائة عن مستواها في عام 2002 عندما تضرر الاقتصاد بسبب هجمات 11 سبتمبر من العام السابق على الولاياتالمتحدة وكانت شركات الشحن على وشك الافلاس. وقد شهدت تكاليف الشحن على مسارات التصدير العالمية من الخليج وغرب افريقيا وبحر الشمال ومنطقة الكاريبي قفزات وواصلت تجاوز المستويات القياسية في الاسبوعين الماضيين ولا يرى المحللون تراجعا في اقبال المستهلكين المتعطشين للنفط قبل الربع الثاني من عام 2005 على أقرب تقدير. ومع ضخ دول أوبك النفط بمستويات انتاج قياسية لمقابلة أكبر زيادة في الطلب منذ 24 عاما والضغوط التي تتعرض لها المصافي لضمان مخزوناتها قبيل بلوغ الطلب ذروته في فصل الشتاء في النصف الشمالي من الكرة الارضية فمن المتوقع أن ترتفع التكاليف لمستويات أعلى قبل أن تبدأ في التراجع. وقال جون دوين المحلل لدى سمسون سبينس أند يونج: الامر يتعلق بطلب قوي للغاية على النفط خاصة من الصين والهند هذا العام أكثر مما يتعلق مثلا بحجم الاسطول العالمي. وقالت شركة بوتن اند بارتنرز لتحليلات الشحن في تقرير: باعتبارنا ملاك ناقلات فاننا نعلم ما يحدث عندما يزيد الطلب على العرض، اسعار الناقلات ترتفع وترتفع كثيرا. وأضاف: صناعة النفط تشهد الظاهرة نفسها المتمثلة في تجاوز الطلب للعرض باسعار النفط الراهنة التي تتراوح حول 55 دولارا للبرميل. وهذا الارتفاع في الطلب في ظل النمو الاقتصادي القوي والمصحوب بطلب على رحلات شحن طويلة وسط تنافس المصافي في الشرق والغرب قبيل موسم ذروة الطلب في فصل الشتاء أدى الى رفع تكاليف الشحن. وقال أحد المتابعين: الطلب الصيني فاجأ الناس حقا هذا العام واستؤجرت السفن قبل فترة طويلة من المواعيد المحددة للوصول في الاسابيع القليلة الماضية مما أعطى السوق دفعة اضافية. وعلى جانب العرض يقول الخبراء ان اسطول ناقلات النفط العملاقة نما بمعدل بلغ نحو 5ر2 بالمائة هذا العام بالمقارنة بعام 2003 عندما نما بمعدل طفيف للغاية وعامي 2001 و2002 اللذين شهدا انكماشا. وتحقق شركات الشحن التي تنقل النفط الخام أرباحا قياسية هذا العام وأوقفت عمليات الاستغناء عن السفن القديمة واخراجها من الخدمة هذا العام للاستفادة من ازدهار السوق. وفضلا عن ذلك يقول المحللون: ان المخاوف المتعاقبة من تعطل امدادات النفط في دول رائدة من الاعضاء في أوبك مثل نيجيريا والعراق وفنزويلا ودول من خارج المنظمة مثل روسيا فاقمت من ارتفاع تكاليف الشحن. وقال دوين: زاد ذلك من حدة القلق وعندما يشعر الناس بالقلق بشأن الامدادات فانهم يرغبون في الحصول على النفط وبسرعة خاصة مع ارتفاع اسعار النفط الي هذا الحد. وأسهم تزايد التعطيلات في مضيقي البوسفور والدردنيل وهما من اكثر طرق النقل العالمية ازدحاما كذلك في رفع تكاليف الشحن اذ تنتظر السفن التي تحمل مليون برميل والناقلات الاصغر حجما التي تنقل 80 الف طن من الخام لفترات اطول للمرور. وجاءت هذه التأخيرات مبكرة عن موعدها هذا العام مع ارتفاع الامدادات من روسيا وبحر قزوين ومن المتوقع أن يطول أمدها مع تدهور الاحوال الجوية. وقد لا تكون نهاية ارتفاع اسعار الشحن منظورة حتى العام المقبل عندما تكون اسعار النفط المرتفعة للغاية قد خفضت الطلب العالمي. وقال دوين: لا نتوقع أن يتكرر النمو الكبير جدا الذي شهدناه هذا العام في العام المقبل. مشيرا الى اثار التشديد النقدي في الصين من اجل الحد من النمو المحموم. مضيفا لكن ذلك لن يمتد اثره الى دائرة العرض حتى الربع الثاني من عام 2005. وخفضت وكالة الطاقة الدولية ومقرها باريس هذا الشهر توقعاتها لنمو الطلب العالمي على النفط العام المقبل بمقدار 320 ألف برميل يوميا الى 45ر1 مليون برميل يوميا وقدرت الاستهلاك العالمي بنحو 85ر83 مليون برميل يوميا.