فى البداية نريد ان نحذر من العواقب الوخيمة لإفراط الإدارة الأميركية ومرشح الحزب الديموقراطي جون كيري في استخدام سلاح الخوف من وقوع هجمات إرهابية. او محاولة ايحاء كل منهما بالقدرة الفردية على حماية الولاياتالمتحدة كوسيلة للحصول على مكاسب سياسية أكبر في حملة انتخابات الرئاسة الأميركية. السبب أن كلا المرشحين يستغلان الإعلانات والأحاديث والمناظرات كبوق لتوصيل رسائل الخطر للشعب الأميركي من خلال الجهاز الإعلامي الأميركي الهائل. فبوش يتهم كيري مرارا وتكرارا بالضعف في مواجهة الإرهاب وعدم الثبات على موقف في العراق. بينما يحذر كيري الناخبين من أن انتخاب بوش لفترة رئاسة ثانية ربما يقود إلى فيتنام أخرى، ويذكرهم بأن أسامة بن لادن زعيم تنظيم القاعدة الإرهابي والرأس المدبر لهجمات سبتمبر الإرهابية لا يزال حرا طليقا. إن توقع حدوث الخطر الدائم الذي يسيطر على الشعب الأميركي يؤثر تأثيرا بالغ الخطورة على صحة هؤلاء الذين يقطنون المدن الكبرى كواشنطن ونيويورك ناهيك عن هؤلاء الذين يعيشون في المدن الساحلية، فقد أصبح المواطن الأميركي في حالة دائمة من الحذر واليقظة والقلق نتيجة لتذكية الحالة الأمنية، وهي العملية التي تستنفذ قواه وتتعارض مع حياته الطبيعية. ان تأصل غريزة الخوف في مملكة الحيوان التي يعتبر الإنسان عضوا فيها، حيث ان مركز الخوف في المخ البشري ينشط كنتيجة للاستجابة لتلقي إشارات الخطر، ملقيا الجسم في حالة "الصراع أو الهروب". بالإضافة إلى أنه قد يؤدي إلى الضغط العصبي الذي يمكن أن يقود إلى أمراض القلب والسكتة القلبية والدماغية وربما الإقدام على الانتحار. المشكلة أن مضاعفات تلك الأعراض تزيد بكثير عن أضرار الهجمات الإرهابية ذاتها فيشير الى انه إذا كانت أحداث سبتمبر الإرهابية قد أسفرت عن مصرع نحو ثلاثة آلاف أميركي عام 2001، فان الإحصاءات في العام ذاته تشير إلى مصرع نحو 700 ألف شخص نتيجة لأمراض القلب و 553 الفا آخرين من أمراض السرطان إضافة إلى مقتل نحو 102 ألف في حوادث وانتحار ما يقرب من 31 الفا آخرين. الخطير هو ميل الشعب الأميركي منذ هجمات سبتمبر الإرهابية إلى المبالغة في تقييم التأثير الشخصي للمعلومات التي يتلقاها بخصوص التهديدات الإرهابية.إن البشر يميلون الى تعميم الخوف من التحذيرات المحددة وغير المحددة. كما أنهم في هذا العصر الذي سيطرت عليه وسائل التكنولوجيا الجبارة، يحاولون تحليل المعلومات المضغوطة المتوافرة من خلال المصادر المختلفة كالإنترنت والإعلام، وتطبيقها على حياتهم وأن النتيجة الحتمية لذلك هي فقدانهم الإحساس بالأرقام والأخطار الحقيقية المحدقة بهم والتي هي في الواقع ضئيلة جدا. المهم أن الخوف يخدمنا افضل ما يكون عندما يحذرنا من أخطار حقيقية نتعرض لها بشكل مباشر، وانه ينبغي لنا ان نتعلم كيف نضع الخطر في موضعه الصحيح حتى لا نؤذي صحتنا.