سيكون مؤتمر الحزب الجمهوري الذي سيعقد الاسبوع المقبل في مدينة نيويورك لاعلان مرشح الحزب في انتخابات الرئاسة الامريكية حدثا معدا مسبقا لا ينطوي على قدر كبير من الاثارة. لكن مستقبل الرئيس الامريكي جورج بوش يمكن أن يعتمد على نتيجة هذا المؤتمر. وأعدت بدقة جميع الفعاليات الرسمية للمؤتمر الذي يستمر أربعة أيام بدءا من يوم الاثنين المقبل في ساحة ماديسون سكوير جاردن قبل موعد انعقاده بفترة طويلة. وسيعيد الحزب الحاكم ترشيح بوش ونائبه ديك تشيني لفترة ولاية ثانية. وسيكون كثير من المتحدثين خلال المؤتمر من الجمهوريين المعتدلين مثل أرنولد شوارزنيجر حاكم كاليفورنيا في محاولة لتقريب صورة بوش من الكتلة المعتدلة بالحزب لزيادة معدلات التأييد الشعبي له. سيرفع مندوبو الحزب الذين يبلغ عددهم 4853 لافتات وافق عليها الحزب وسيرددون هتافات صاخبة وعندما يختتم بوش خطاب قبول ترشيحه مساء يوم الخميس المقبل ستتساقط كميات كبيرة من البالونات من سقف القاعة. وسيكون من الصعب التنبؤ برد فعل المتابعين للمؤتمر في مختلف أنحاء الولاياتالمتحدة. وسيحتاج بوش بعد انتهاء مؤتمر الحزب الجمهوري في نيويورك إلى حشد قوة الدفع لحملته الانتخابية في الخريف المقبل في سباق انتخابي محتدم ضد المرشح الديموقراطي جون كيري الذي يهاجم الرئيس الامريكي بسبب حرب العراق التي تفتقر للشعبية وزيادة عجز الميزانية الذي تفاقم بسبب الاعفاءات الضريبية ونفقات الحرب. وكانت الهجمات التي استهدفت مركز التجارة العالمي في 11 أيلول/سبتمبر عام 2001 من أبرز أحداث فترة ولاية بوش ومن المتوقع أن تهيمن أحداث 11 أيلول/سبتمبر على مؤتمر الحزب الجمهوري. وسيشارك رودي جيولياني رئيس بلدية نيويورك أثناء أحداث 11 أيلول/سبتمبر وخلفه مايكل بلومبرج بإلقاء كلمات في افتتاح المؤتمر. وسيقدم جورج باتاكي حاكم ولاية نيويورك الجمهوري بوش لالقاء كلمته في الليلة الاخيرة للمؤتمر. ودائما ما يحقق المرشحون دفعة أو ارتفاعا في نسبة تأييدهم بعد مؤتمر ترشيحهم. وبالنسبة لبوش فإن حجم التأييد الذي سيحشده يوم الجمعة الثالث من أيلول/سبتمبر المقبل يرتبط بشدة بفرصه في الفوز عندما يتوجه الناخبون إلى مراكز الاقتراع يوم الثلاثاء الثاني من تشرين الاول/نوفمبر المقبل. وانخرط بوش بالفعل في المعركة السياسية الحاسمة في حياته في منافسة مع جون كيري عضو مجلس الشيوخ عن ولاية ماساتشوسيتس الذي قبل ترشيح الحزب الديموقراطي له في انتخابات الرئاسة في 29 تموز/يوليو الماضي في بوسطن. وكشفت استطلاعات الرأي في آب/أغسطس الحالي احتدام حدة التنافس بين المرشحين الجمهوري والديموقراطي في كثير من ساحات المعارك الانتخابية الرئيسية التي تتحدد نتيجتها وفق نظام حصول الفائز على جميع الاصوات المطبق في كل واحدة من الولاياتالامريكية الخمسين على حدة. وحصل جون كيري بعد مؤتمر الحزب الديموقراطي على دفعة محدودة في معدلات تأييده لا تزيد عن بضع نقاط مئوية في معظم استطلاعات الرأي لكنه ربما لم يكن يأمل في أكثر من ذلك. ولم يدع نظام الانتخابات الاولية المطبق منذ الخمسينات والستينيات في الولاياتالمتحدة أي مجال للاثارة بشأن الفائز بترشيح الحزب. وصار المرشحون لمنصب الرئاسة حاليا يسيطرون على المتحدثين ونصوص الكلمات التي يلقونها ونتيجة لذلك أصبحت المؤتمرات مراسم نمطية معدة مسبقا وتفتقر إلى الاحداث المثيرة. ونتيجة لذلك دأبت الشبكات التليفزيونية بانتظام على تقليل فترات تغطية تلك المؤتمرات وإحالة هذه الاحداث إلى القنوات الاخبارية التي تقدم خدماتها على مدار 24 ساعة. ولم تقطع الشبكات برامجها المعتادة الرئيسية أثناء مؤتمر الحزب الديموقراطي في حزيران/يونيو سوى لساعة واحدة مساء لبث الخطب السياسية. وستكون كلمة بوش التي سيلقيها بمناسبة قبول ترشيحه آخر فرصة متاحة له لمخاطبة الناخبين في مختلف أنحاء البلاد بشكل مباشر. ولا يتوقع لحدث آخر أن يجذب انتباه الرأي العام الامريكي بشكل مماثل باستثناء المناظرات الثلاثة التي سيجريها مع كيري في أيلول/سبتمبر وتشرين الاول/أكتوبر المقبلين. وأمضى بوش الاسبوع الذي يسبق المؤتمر في مزرعته الخاصة في تكساس محاطا بالمستشارين الذين عكفوا على صياغة خطاب الموافقة على الترشيح لتأكيد الاوجه الايجابية في الاقتصاد والتعبير عن صورة زعيم عالمي يتسم بالقوة والحزم. ورفض بوش في البداية أن يجيب عن أي أسئلة طرحها فريق الصحفيين الذي توجه إلى مزرعته بشأن النقاط التي سيتطرق إليها في خطابه. وقال بوش لا أريد أن أعطيكم أي مقتطفات من الكلمة خشية ألا تبدون الاهتمام عندما أقف هناك لالقائها مما أثار ضحك الصحفيين. وذكر الرئيس الامريكي أنه يتطلع لحضور المؤتمر وتعهد بإلقاء كلمة تركز على المستقبل مشيرا إلى بعض النقاط التي يرجح أن تشملها الكلمة. وقال لدينا سجل رائع عندما تفكرون في هذه المسألة حيث قدنا العالم والحرب على الارهاب. العالم أصبح أكثر أمنا بسبب الخطوات التي اتخذناها فحركة طالبان لم تعد تحكم أفغانستان وصدام حسين قابع في زنزانة بالسجن . وأكد بوش أن باكستان أصبحت حليفا للولايات المتحدة ضد تنظيم القاعدة الذي شن هجمات أيلول/سبتمبر فيما وافقت ليبيا التي كانت فيما مضى دولة مارقة على نزع أسلحتها. وفيما يتعلق بالقضايا الداخلية أشار بوش إلى الركود الاقتصادي الذي كانت تعاني منه الولاياتالمتحدة في بداية فترة ولايته وامتدح سياسته المتعلقة بالاعفاءات الضريبية التي حققت نموا وانتعاشا. وتفاخر بوش بالاصلاحات في نظام التعليم والامتيازات في مجال الرعاية الصحية للمتقاعدين وتعزيز اتفاقيات التجارة الحرة لفتح أسواق خارجية. وقال لدينا سجل رائع لكن السبب الوحيد للحديث عن هذا السجل هو إعطاؤنا الفرصة لدفع البلاد للامام. نحن قادرون على إنجاز المهمة وأثبتنا لكم ذلك وهناك مهام أخرى يتعين القيام بها. بوش يحتاج لقوة دفع بسبب حرب العراق التي تقتصر الى الشعبية