مثلما تتغير اشياء كثيرة في حياتنا وتنقلب امور عدة رأسا على عقب فكلما تطورت حياتنا بفضل المبتكرات وتكنولوجياتها التي لا تعد ولا تحصى تغيرت عاداتنا بعضها او كلها. كنا قديما نجلس على الحصير اما الان فنتباهى بالرخام المستدير. كنا نزور القريب والبعيد اما الان فتكفينا رسالة بالجوال العزيز. كذلك هؤاؤنا اصبح ملوثا بالحضارة والجديد. واكلنا اصبح تحت الطلب سريعا.. وجاءنا ضيف لنا كريم.. رمضان هذا الضيف له نفحات خاصة واجواء مميزة متوارثة من اجدادنا لنا.. منها الاكلات الشعبية التي تعد خصيصا لهذا الشهر ويتباهى بها الجيران والاقارب حين يتبادلون الاطباق فيما بينهم. وكما اصاب الناس كافة هوس بالصرعات الجديدة والمبتكرة ومنها هذه المطاعم المنتشرة بكثرة لاعداد الوجبات السريعة.. التي يحلم بها كبارنا قبل صغارنا.. فهل يرجع لهم رشدهم في رمضان. وجبات غير صحية تبدي نورية محمد فريج (ربة بيت) امتعاضها من ان يكون الافطار بالوجبات السريعة او الخفيفة المنتشرة في ايامنا هذه وقالت: لا يحلو رمضان الا بأكلاته الخاصة والمعروفة بها ومن ثم ان الصائم معدته خاوية طوال اليوم ولابد ان يبتدئ بالساخن وهو الشوربة ومن ثم يأكل ما يعوض صيامه والمعروف لدينا ان الثريد او الهريس او الارز وباقي الاصناف التي تعد في افطار رمضان تحتوي على نسبة عالية من النشويات والكربوهيدرات والبروتينات وحتى الحلويات قد تمد الصائم بالطاقة التي فقدها طوال اليوم وهو صائم. وطبق السلطة يمده بالفيتامينات اللازمة والالياف.. فكيف للصائم ان يترك هذا كله ويذهب ليأكل البرجر مثلا او برستد الدجاج.. الخ وكلها تعد وجبات غير صحية اولا ولا تناسب الصائم ثانيا. وتضيف نورية: الاهم من ذلك ان فترة المغرب ما قبل الافطار لا يوجد اي مطعم او بوفيه يباشر عمله ويعد هذه الوجبات فكيف يتسنى لهذا الصائم الذي شهيته رمته بين هذه المطاعم.. واذا كان من توصيات رسولنا الكريم تعجيل الافطار وتأخير السحور فهل سيصبر هذا الصائم لما بعد صلاة المغرب او بعد الافطار. وخلاصة القول ان الصيام له احترامه وخصوصياته. شغف كبير ويؤكد محسن السويكت (موظف) ان رمضان لا يحلو الا باللمة حول السفرة (سفرة الافطار) وهناك عوائل كثيرة وأسر يلتم شمل الكبير والصغير فيها.. لما فيها من نكهة خاصة طيبة في هذا الشهر وطبعا سفرة رمضان لها مميزات خاصة بها واطباق معروفة لدى الكبير والصغير بل يوجد شغف كبير لدى بعض الناس لالتهام هذه الاصناف التي تعد خصيصا لهذا الشهر بينما الوجبات السريعة.. يمكن للصائم تناولها بعد الافطار او في اوقات السحور مثلا.. ولا اسف عليها لانها موجودة طوال العام.. قد تكون هذه افكار دخيلة علينا كما حدث للكثير من الاطباء ان يتجه بعض الناس او الاولاد لتناول الوجبات السريعة على الافطار.. ولا اعرف بالضبط ماذا يكون شعور من يأكلها وهو صائم. طعم مميز ويذكر منصور علي (طالب) انه يستلذ بالوجبات السريعة, ولا يفضل الطعام المعد في البيت لانه متعود عليه ومكرر كما يقول ولكن في شهر رمضان لابد له من الافطار على اكلات رمضان الشعبية او المبتكرة لان فيها لذة خاصة وطعما مميزا يشتهيه الصائم منذ فترة الظهيرة حينما تمر على انفه روائح الطبخ الهاربة من شبابيك المنازل بينما الوجبات السريعة التي هي لذيذة بالنسبة لنا لها اوقات غير وقت الافطار ومتوافرة في الايام العادية على مدار الساعة.. بينما رمضان ضيف يأتينا مرة كل سنة. تحصيل حاصل ويقول محمد السادة (طالب): تعودت على الوجبات الخفيفة والسريعة ولا افضل طبخ البيت وحتى الاكلات الشعبية التي تقوم باعدادها والدتي فأنا اجلس حول السفرة تحصيل حاصل فقط آكل لقمة ارز او ثريد وملعقة شوربة واشرب العصير او الفيمتو ومن ثم اجلس وانتظر الى ان تفتح محلات الوجبات السريعة او البوفيهات واقوم سريعا لاحضار طلبي لانني لا اشعر بالشبع الا عند تناول هذه الوجبات فالبرجر او الدجاج او البطاطا المقلية وحتى حلقات البصل الذ من جميع اطباق رمضان.. ويضيف: انني لا اتحيز لهذه الوجبات من اجل شيء معين سوى انني استلذ بها ولا احب غيرها.. ماذا افعل انها هوايتي المفضلة ان التهم مثل هذه الوجبات. حسب الظروف وبحكم طبيعة عمل منير سعيد احمد (موظف) فانها تحتم عليه ان يكون خارج المنزل وقت الافطار.. يقول: لا استطيع العودة الا بعد التاسعة احيانا, ربما لانني عازب ليس لدي اسرة فان اكلي الامثل هو تناول الوجبات السريعة كافطار وللحق ان نفسي تتوق لمائدة افطار شهية كالتي تعد في معظم البيوت ولكن ظروف العمل تجبرني على تناول ما هو سريع وقريب.. ولكن احيانا لا يكون لدي اي عمل فأكون متواجدا بين والدي او احدى اخواتي المتزوجات لانضم لسفرة رمضان مع (لمة عائلية). ويضيف: انه لمن الجنون ان يأتي شهر رمضان الفضيل وتكون لدى الصائم اسرة تعد له ما لذ وطاب ويتجه للوجبات السريعة التي هي اصلا ليست صحية بل انها تشبع فقط. إغراء السريعة وتقول نهى رائد الجشي (طالبة): نحن الشابات اصبحنا نفضل الوجبات السريعة ولكن هذا لا يعني ان نفضلها في شهر رمضان على الشوربة او السلطة او اطباق غنية بالخضراوات التي هي مفيدة لبشرتنا إن الوجبات السريعة وبرغم تحذيرات الجميع بأنها مشبعة بالدهون الا انها تغرينا. وتمثل متعة لنا قد نطلبها في فترة التسلية ما بعد الافطار او وقت السحور ممكن ولكن لا يوجد شيء في الدنيا يجعلنا نفرط في وجبة الافطار الشهية. إدمان اما بالنسبة لفاطمة حسن عبدالله (طالبة بالثانوية) فانها تقول: تقوم والدتي باعداد سفرة الافطار بمساعدة الخادمة, وتكون السفرة مليئة ومتنوعة ولكنني مع اختي الاخرى تعودنا على طلب وجبات سريعة, خاصة ان المطعم الذي يعد مثل هذه الوجبات قريب من بيتنا فنحن تعودنا على مدار ايام السنة ان نتناول مثل هذه الوجبات بل اننا اصبحنا زبائن نتعامل مع هذا المطعم يوميا تقريبا.. ولا تسألوني ما السبب لانني لا اعرف الاجابة.. كل ما اعرفه اننا ادمنا على اكل هذه الوجبات السريعة لدرجة ان الوالدة تخاصمنا احيانا واحيانا اخرى تطلب من الوالد عدم اعطائنا النقود لشرائها ولا فائدة ترجى منا. سابع المستحيلات ويقول حسين مهدي آل اسماعيل (رب اسرة): من سابع المستحيلات كما يقال ان اترك انا او احد افراد اسرتي سفرة رمضان وقت الافطار.. اقصد الاكلات الشعبية التي عشنا وتربينا وربينا اولادنا على ان افطار رمضان لا يكون الا بالخبيص والهريس ولذة الثريد او المرقوق وحلاوة اللقيمات مع الساقو لا تضاهيها حلاوة وشوربة الشوفان باللحم ومهلبية الارز لا تساوى وجبات الدنيا كلها.. لقد عشنا سنينا طوالا على هذه الاكلات ولم نشتك شيئا والآن مع ظهور هذه الوجبات السريعة ظهرت امراض متعددة انها وجبات ضارة غير صحية تخزن لشهور طويلة ولا يعرف الانسان مصدرها وكيفية اعدادها والمواد المضافة لها فكيف له ان يأمن على نفسه ويأكلها مع الاسف الشديد ان كثرة الخبط واللبط الحاصلة في الدنيا عمت عيون أبنائنا وجعلتهم لا يفرقون بين المفيد والضار لهم. رائحة الشعبي وترى ام حيدر آل خليفة ان الاكلات الشعبية التي نقوم نحن النساء باعدادها في المنزل لها طعم خاص ولها رائحة يشمها القادم من بعيد فالذي يتمشى في الحواري والطرقات وقت العصر او المغرب يشم الروائح المختلفة التي تظهر من كل بيت فهل يستطيع احد ان يقارنها بروائح الوجبات السريعة.. انه اختلاف كبير.. ان الصائم لا ترتوي عروقه الا بالشوربة والثريد كما تقول ام حيدر ويروي ظمأه بالماء المضاف اليه ماء اللقاح او المشروبات الرمضانية. عامل وجبات سريعة يعمل سعيد محمد فقي (مصري) بأحد مطاعم الوجبات السريعة ويقول: هذه الوجبات غير صحية تماما ولا يوجد هنا ما هو صحي غير السلطات, انني اعمل في مهنة تخالف تخصصي الدراسي تماما, وهذا يرجع لظروف التوظيف لدي ولا اعرف مدى اقبال الناس على مثل هذه الوجبات في الافطار ولكن اقبالهم شديد عليها في الايام العادية اما بالنسبة للفرع الذي اعمل به في هذه المنطقة فانه وقت الافطار يكون شبه خال, ونادرا ما ترى زبونا او اثنين في هذا الوقت ويكونون عزابا طبعا. اما بالنسبة لي فانه اصبح لدي تشبع من روائح هذه الوجبات ونفسي تتوق لرائحة الاكل البيتي (الطبيخ) الذي تتعب في اعداده ست البيت.. انه فرق شاسع بين الاثنين والحقيقة ان مائدة الافطار لا تحلو الا بالاكلات المخصصة لهذا الشهر سواء هنا بالمملكة او حتى في مصر عندنا او في اي قطر عربي. رمضان هذا الشهر الذي هو للعبادة والقرآن وايضا متعلق بعاداتنا وتقاليدينا وما رأينا آباءنا عليه.