رغم أن المنزل تم تحويله إلى متحف منذ سنوات إلا أن مناسبة "أولمبياد أثينا" الأخيرة دفعت اليونانيين السكندريين إلى استعادة باقي مقتنيات الشاعر اليوناني السكندري "قسطنطين كفافيس" من "متحف بيانكي" في أثينا وضمها إلى باقي مقتنيات متحفه في نفس العمارة التي يعود تاريخها إلى العام 1890 والتي تقع خلف "دار الاوبرا" في وسط الاسكندرية في "الحي اليوناني". وإذا كان امين المتحف المصري ومديرته اليونانية ستافولا هما اكثر من يقدمان شرحاً عن مقتنيات المتحف، الا أن الجميع في الإسكندرية يعرفون أن مدام كريستين قسطنطين صاحبة مقهى "ايليت" الشهير، والتي تبلغ من عمرها 88 عاما هي اكثر من تحكي عن كفافيس الذي كان يحضر إلى مقهى اليونانيين الاول الذي اشترته في الخمسينات تخليدا لشاعرها العظيم. ويعد الشاعر اليوناني الكبير قسطنطين كفافيس من اشهر الشعراء العالميين الذين ارتبط اسمهم بالإسكندرية، وقد ولد في 29 ابريل من العام 1863 ورحل في 29 ابريل من العام 1933. هنا عاش وكتب أشعاره على ضوء الشموع التي كان يفضلها على الكهرباء وهنا تحول المكان الذي شهد إبداعه وجنونه إلى "بنسيون" بعدما باعه لأحد أصدقائه لولا تدخل القنصلية اليونانية في الإسكندرية التي أنشأت بمساهمة الجالية اليونانية جمعية باسم كفافيس. في مدخل الشقة التي تحتل الطابق الثاني في العمارة العتيقة في وسط الإسكندرية تطالعك صور لكفافيس وسط ثمانية من الأخوة مع والده، كانت الأم تتطلع لإنجاب فتاة ولكن القدر منحها كفافيس فارتبطت به وألبسته ملابس الفتيات، ما جعله يتحول إلى حبها بالكامل، فلم يتزوج طوال حياته. على الحائط تطالعك مقاطع من أشعاره حيث ترك 150 قصيدة. ويقول أمين المتحف: كان كفافيس يجيد خمس لغات واهتم بالتاريخ اليوناني والكلاسيكيات إلا أنه عمل موظفا في وزارة الأشغال ثم سمسارا في البورصة. ولد كفافيس في الإسكندرية لأسرة يونانية هاجرت من اسطنبول واستوطنت الثغر وكان والده ميسورا وشقيقه الأكبر تاجر أقطان. ويتكون المتحف او بالأحرى الشقة التي عاش فيها كفافيس ربع القرن الأخير في حياته من سبع حجرات تضم حجرة صالون، وقناع الموت الذي طبع له لحظة وفاته، ومؤلفاته وصوره مع أسرته بجانب حجرة خصصت لصديقه الروائي اليوناني "سترايتس تيراتاس" الذي كان يعيش معه وكلاهما عشقا الإسكندرية وتاريخها وشوارعها ومقاهيها. وتقول مدام"كريستين" صاحبة مقهى "ايليت" اليوناني الشهير عن كفافيس: كنت صبية صغيرة عندما كنت أراه قادما إلى "ايليت" لتناول الطعام والشراب وكثيرا ما كان يجلس حوله الناس وكان يداعبني قائلا باليونانية "يا جميلة الأولمب لا تتركي الإسكندرية" وهو ما نفذته وعشت حياتي بأكملها هنا، وتمكنت في العام 1952 من شراء "ايليت" ونثرت صور كفافيس في كل ركن ومازلنا نقدم طبقه اليوناني وشرابه المفضل لبعض اليونانيين المقيمين او القادمين إلى الإسكندرية. وتستطرد مدام كريستين التي تبلغ 88 عاما: كان كفافي يوناني الأصل إنجليزي الجنسية، مصريا صميما يتحدث بلهجة ابناء بحري رغم أنه يجيد خمس لغات أجنبية وقد عشق فنه ولم يتربح منه وعمل موظفا لفترة ثم سمسارا ولم يتورط طوال حياته في أي معركة. الثابت أن كفافيس عاش في البداية حياة مرفهة، لأن أسرته ميسورة ولكنه فيما بعد وبسبب التبذير كان عليه أن يكد ليكسب قوته وتقول مدام كريستين كل ما تركه كان نحو تسعمائة جنيه لبنات أشقائه. وقبل فترة قام احد اثرياء اليونانيين في الإسكندرية والاشتراك مع القنصلية والمستشار الثقافي بشراء المكان الذي كان مساعد كفافيّ اليوناني ويدعى "سونجوبلو" قد باعه إلى احد اليونانيين الذي قام بتحويله إلى "بنسيون" واستغل اسم الشاعر للترويج له، وقد قام "سونجوبلو" ببيع مقتنيات كفافيّ إلى المتحف الثقافي في اثنيا. وتقول مدام كريستين: قمنا باسترداد هذه المقتنيات ومؤخرا تم استرداد ما تبقى منها مثل دواوين أشعاره ومذكراته ورسائله الخطية وبعض المتعلقات الشخصية واسطوانات موسيقية وجهاز "جرامفون" وصور نادرة له مع الشيخ سيد درويش