اصبح واضحا للعيان ان خطة فك الارتباط الشارونية لا علاقة لها بمشروع خارطة الطريق، وان كان الظن يدور في مخيلة بعض الاوساط السياسية ان الخطة في حد ذاتها قد تكون خطوة اولى من خطوات مشروع الخارطة، بيد ان واقع الامر لا يفسر هذا الظن بأي شكل، ذلك ان الموقف الشاروني يدعم رؤية ما يجري على الارض أي يرسخ القبول بوجود المراكز السكانية الاسرائيلية الكبرى في الضفة الغربية، وهذا ما قرأه الفلسطينيون قراءة صحيحة. فشارون يرمي من وراء انسحابه من غزة الاعلان عن انه الانسحاب الاخير من الاراضي الفلسطينية، المحتلة منذ عام 1967، وهو اعلان يبيح له كما يتصور اكمال بناء الجدار العازل ومصادرة مساحات شاسعة من اراضي الضفة الغربية وقضم المزيد من الطرق الالتفافية، ومن ثم يصل الى هدفه الاساس من الخطة والمتمحور حول فصل القطاع عن الضفة الغربية، ومن ثم يتعذر على الفلسطينيين اقامة دولة مستقلة قابلة للبقاء والاستمرارية، بل ان شارون يذهب الى أبعد من هذه الخطوة من خلال تدميره البنى التحتية في قطاع غزة وارتكاب المزيد من المذابح لدفع الفلسطينيين للنزوح خارج غزة، بما يؤكد بوضوح ان الخطة والخطوة التدميرية الاخيرة معا يستهدفان مصادرة عملية السلام بكل تفاصيلها وجزئياتها وعلى رأسها ما يتعلق بمسألة اقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها، وكذلك الحيلولة دون الخوض في مسائل عودة اللاجئين والحدود والقدس. وهذا يعني ان دوامة العنف مرشحة للاستمرار وان مزيدا من اراقة الدماء بين الطرفين الفلسطيني والاسرائيلي سيكون ماثلا أمام شارون ويحول دون تحقيق حلم من انتخبه فيه بضمان الامن لاسرائيل. فقد عجز هذا الدموي منذ انتخابه رئيسا لوزراء الكيان الاسرائيلي من تحقيق هذا الحلم الذي يبدو الآن انه اضحى مستحيلا بفعل ممارساته العدوانية وركوب رأسه وتعنته وافلاسه من اي خطوة سياسية بامكانها تمهيد الطريق نحو الوصول الى حلول عقلانية وقاطعة لانهاء وتسوية أزمته القائمة مع الفلسطينيين.