اثار الدكتور ربيع محمد عبد العزيز أستاذ الأدب بجامعة الملك فيصل عدة تساؤلات لدى الحاضرين في محاضرته بعنوان ثقافة أبي الطيب المتنبي , والذي أبى ألا يترك في الدنيا أقوى دوي , وأن يظل قادرا على إثارة العقول وتحريك الأقلام , وذلك في أثنينية الأستاذ محمد النعيم . وتناول البحث ستة محاورمن ثقافة أبي الطيب المتنبي وهي : الثقافة اللغوية , الثقافة النحوية والصرفية, ثقافته الفلسفية , ثقافته الصوفية , ثقافته الإسلامية , ثقافته من سرقاته الشعرية. وتطرق الدكتور ربيع في البداية إلى شهادات الدارسين لكي يعطينا صورة لبعض ما جاء على أقلام الكتاب من مؤلفات وأبحاث وما ذكر عن هذه الشخصية منها تتلمذه على يد فصحاء البادية على مدى ثلاثة أعوام , وحفظه لأشعار أبي تمام والبحتري وكان كثير الرواية جيد النقد, ودرسه للفلسفة والتصوف وما طالعته ما ترجم إلى العربية من مؤلفات أرسطو. ثقافته اللغوية يرى الدكتور ربيع من قراءتنا لأشعار أبي الطيب المتنبي , كما ورد من آراء الدارسين في تكوينه اللغوي , نلاحظ من أشعاره تكتظ بالكثير من الألفاظ الغريبة والدخيلة والمعربة. مثل كلمة ( يلل , حفش , الجائد ,تطس ,الملاب ) التي جاءت في بعض أبياته , ولكل منها معنى ودلالة , أما الدخيل فهي من الالفاظ الأعجمية التي تدل على ما يكون بين اللغات الحية من اقتراض لغوي كما جاء في شعر الأعشى , ومن الألفاظ الأعجمية التي تعاطاها المتنبي كلمة ( مخشلبا , الملاب ). ثقافته النحوية والصرفية ويضيف أن في شعر أبي الطيب المتنبي أصداء قوية من النحو الكوفي, وفيه تراكيب وأبنية صرفية مثل ( جللا كما بي فليك التبريح ** أغذاء ذا الرشأ الأغن الشيح) , وقد اختصم النحاة حول حذف النون من الفعل ( يك) فهناك من خطأه وأجاز له , مستندا إلى الضرورة الشعرية التي تجيز للشاعر مثل هذا الحذف ومجيء هذا النوع في أشعار العرب , وقد فصل الدكتور ربيع في هذا المجال من ألفاظ وجمع وتصغير من كلمات الشاعر وكيف تفوق على أقرانه وأفحم خصومه معتمدا على ثقافته العميقة وشرح بعض الكلمات التي استخدمها المتنبي في شعره مثل ( إلاكا , بوقات , دنا , آخاء , الرمحان , لييلتنا ) . ثقافته الفلسفية ويرى الدكتور ربيع لأبي الطيب صلة وثقى بأبي نصر الفارابي يرجعنا على ما في شعره من أصداء الفلسفة الأرسطية ومن استلهام لمقولات أرسطو مستشهدا في ذلك بأبيات , وما يستعيره المتنبي بألفاظ ومصطلحات الفلاسفة ومنها القياس الفاسد , ومعرفته بالملل والمذاهب الفلسفية الأخرى مستدلا بها في أبيات . ثقافته الصوفية ويصف الدكتور ربيع أنه ليس غريبا أن نجد في شعر المتنبي أصداء لثقافته الصوفية , اصطناعا لاصطلاحات المتصوفة وطرائقهم في تعقيد العبارة حتى تلتوي مقاصدهم إلا على أنصارهم , ونراه يستعير اصطلاح الحضور والغيبة وكذلك الظاهر والباطن. ثقافته الإسلامية برغم ما يبديه بعض الدارسين من تحفظات حول سلامة عقيدة أبي الطيب , فلا شك أن في ثقافته آ ثارا قوية تدل على المكونات الإسلامية في ثقافته , يظهر هذا في تناصاته مع العديد من الآيات القرآنية والأحاديث النبوية مستشهدا بذلك بأبيات شعرية وأحاديث. ثقافته من سرقاته يقول الدكتور ربيع رغم تحفظي الشديد على مصطلح السرقات ولا سيما بعد ظهور نظرية التناص , إلا أنني مضطر إلى اعتماد هذا المصطلح كما عرف في كتابات نقادنا القدامى , وإلى اتخاذه سبيلا إلى الكشف عن جانب من معارف أبي الطيب بالشعر والشعراء , وطرائقهم في الحس والعبارة , ويعرج بعد ذلك على بعض الشواهد الكاشفة عن انتفاع المتنبي بأشعار غيره مثل عروة بن العبد الكلبي , دعبل الخزاعي , منصور النمري.