البيئة مرآة تعكس الواقع المعيش بايجابياته وسلبياته.. والبيئة النظيفة عنوان المجتمع المتحضر.. والنظافة عنصر هام في حياة الفرد والمجتمع - والقصد نظافة البيئة - فضلا عن انها شيء من الايمان - والسعي في ايجاد بيئة نظيفة تخلو تماما من الشوائب والتشوهات مطلب حضاري تتطلع اليه مجمل الشعوب بمختلف اعرافها وتقاليدها.. والحياة في ظل اجواء ملوثه تبدو في ارذلها.. ويظل جانب المحافظة على البيئة نظيفة ومقبولة مسئولية مشتركة يتحملها الجميع. وحينما يراد لنا ان نعبر عن حبنا وانتمائنا للارض فليس اكثر من ان نترجم هذا الشعور الحتمي بان نجعل هذه البيئة زاهية نضرة تفترش الورد قبل الرمل غالبا.. لتبدو جميلة في عيوننا قبل عيون الاخرين. ثمة تشوهات كثيرة تملأ المكان.. لم تسلم من عبثها المتخلف غالبية المرافق العامة.. شخبطة مراهقة ومخلفات عارية هناك.. منظر يخدش الحياء وآخر يشوه جمال الطبيعة ويلوث الهواء.. البعض يزأر غضبا من تلك المشاهد.. ويلقي باللائمة على المسئولين في البلديات وكل جهة لها علاقة بصحة البيئة ونظافتها.. وفي ذات الوقت ليس مستعدا في تغيير عادته في رمي العلب الفارغة من نافذة السيارة..والبعض الاخر لاتتعدى اهتماماته المحافظة على نظافة كل شيء يحتويه سقف منزله.. عدا ذلك لايرى الزاما في الاهتمام به او المحافظة عليه.. والكثير من مرافقنا العامة تؤكد هذا التوجه العقيم. ولانبرئ ساحة بعض المسئولين في البلديات من الاتهام بالتقصير تجاه البيئة ونظافتها حيث ان هناك عددا من المدن والقرى تعاني اهمالا واضحا في كافة مرافقها ويأتي في مقدمتها الطرق المشوهة والمستنقعات. والى جانبهم يأتي دور المتعهدين بنظافة البيئة - والذي لاشك في وفاء المخلصين منهم - حيث يبدي بعضهم الاستعداد التام في تولي شئون نظافة البيئة يبديها بوعود تسمو الى الطموح.. لكن سرعان ما تبدد هذه الوعود حال بدء عملهم الفعلي حيث نجد اكواما لمخلفات تفوق سلال النفايات دون ان يكون هناك تحرك يواكب هذا الفيض الذي يهدد البيئة قبل ان يشوهها. وللوصول الى تحقيق هذه المطب لسنا بحاجة الى قلب موازين حياتنا العادية.. لكننا احوج ما نكون الى احساس حقيقي تجسده عزيمتنا في النهوض بالارض والشعور بالمسؤولية تجاه كل شبر يمثل حدودها الجغرافية. فليس من الحكمة ان نعهد كل واجباتنا للاخرين.. ونظافة البيئة وجمالها واجب قومي يحتم علينا الالتزام به والعمل على تفعيلة بشيء من رد الجميل والوفاء للتربة التي ننتمي اليها لتبقى نظيفة نضرة تعكس تناغما مشتركا يجمعنا في حب متبادل يعرف بالوطنية. بيئتنا جميلة برغم كل التشوهات بيئتنا جميلة.. برغم بعض التشوهات.. لكنها تظل كذلك.. في عيوننا درة.. بسواحلها الجميلة ونخيلها الشم ومرافقها الفسيحة.. ربما لانشعر بهذا الجمال ونحن على الارض لاننا ننظر اليها برؤية افقية واحدة..ولو اتيح لنا رؤيتها من مروحية لتغيرت نظرتنا وعرفنا اننا احيانا كثيرة نقصد المنتزهات العامة للترويح والخروج من روتين الحياة المتعب - او بالاحرى الممل - لكن سرعان ما ينتابنا شعور بالغضب تجاه هؤلاء - من هم؟.. لانعرف! فهم يشوهون كل شيء يستعملونه او يدخلون اليه.. كل شيء جميل.. البعض يأكل ويرمي.. والبعض الاخر يجلس ويترك المخلفات حيث مجلسه.. وهناك من يسيء استعمال الاجهزة المتاحة.. وهذا الحال ليس في اماكن دون اخرى بل انك تلاحظه في كل مكان.. ولانشك في انها تصرفات فردية تنم عن نفوس مريضة. واذا ما تحدثنا عن هذه التصرفات التي عادة ما تحدث من فئة قليلة غير واضحة الملامح.. فان هناك ايضا تصرفات لاتقل بشاعة من سابقتها حيث نجد الكثير من المحال التجارية وفي مقدمتها المطاعم وورش السيارات ومحلات قطع الغيار تفترش الارض بالزيوت المختلفة والعلب الفارغة وكل شيء له علاقة بتشويه البيئة والمنظر العام. البعض يرى هذه التصرفات والتعاملات تنشأ مع طبيعة البيئة التي تحيط بهذا او ذاك.. فاذا ما كانت هذه البيئة نظيفة وجميلة فسيكون لها واقع الاثر في تصرفاته تجاهها.. والبعض الاخر يرجع هذه التعاملات الشاذة الى قصور نوعي في الوعي واساليب التربية والتعليم التي يتقاسمها البيت والمدرسة ويستوعبها الشارع.. والاخير اقرب للمنطق.. فالاسرة تعد المؤسس الحقيقي في بناء الشخصية وتطويع سلوكياتها تجاه كل شيء.. كما ان للمدرسة دورا تقويميا في ترشيد هذه السلوكيات وتطبيعها في اطار منهجي يتوافق مع مقومات الحياة العامة وللشارع ايضا ايجابية في تطبيق هذه المعادلة احيانا. الحضارة تعني احترام جوانب الحياة العامة يقول امين بن احمد الموسى.. المعلم بتعليم الشرقية عن دور المعلم والمدرسة في توعية النشء وتعويدهم على احترام البيئة والمحافظة على نظافتها وجمالها.. ان المناهج المدرسية تناولت هذا الجانب في مادة الوطنية بشيء من التوضيح وهناك الكثير من المدارس الحكومية وكذلك الاهلية تعمل على تأكيده بشيء من الجدية مشيرا الى ان البعض من المدارس تقيم المسابقات في هذا الصدد تشجيعا منها على تعميم الالتزام بجانب النظافة واحترام البيئة وزيادة الوعي لدى طلابها. وفي المقابل يذكر الموسى: ان البعض الاخر من المدارس وكذلك المدرسون لايعيرون لهذا الجانب اي اهتمام بل ان المدارس ذاتها تفتقر لعنصر النظافة.. مؤكدا مطلب الجميع في مواكبة ما تقوم به المدارس ذات الاهتمام بهذا الجانب الحيوي الذي نتطلع اليه جميعا. ويؤكد ان المحافظة على البيئة وجمالها من الواجبات الاساسية التي تحتم علينا مراعاتها ومنحها كل اهتماماتنا موضحا حجم الجانب الحضاري الذي وصلت اليه الشعوب المتقدمة في كافة شئون الحياة.. والمتمثل في العناية بجمال الطبيعة والمحافظة عليها كما هو الحال داخل منازلنا. ويرجع الموسى بعض التشوهات التي نراها في العديد من الاماكن العامة الى تخلف اجتماعي وعدم وعي من بعض مرتاديها رغم تصورهم ووهم انفسهم انهم متقدمون في تعاملاتهم تجاه البيئة مشيرا الى ان الحضارة تعني احترام جوانب الحياة العامة في مجمل شئونها. ظاهرة التقصير بحاجة لدراسة من جهته قال محمد الخليفة: لانشك في ان هناك تقصيرا معلنا من قبل الجميع تجاه البيئة وجمالها.. بالرغم من وجود تعاون صادق النية من المخلصين (مسئولين ومواطنين).. وظاهرة التقصير التي نتلمسها في العديد من المدن والقرى ومرافقنا العامة بحاجة الى اهتمام من قبل الجميع لايجاد حلول مناسبة تساعدنا في النهوض بالارض ومواكبة خصوبتها وطبيعتها السهلة. واضاف: ان المقومات الكفيلة بايجاد بيئة جميلة لاتنقصها العناصر المشجعة حيث خصوبة التربة وامتداد السواحل ووجود المعالم التي تدفعنا مرغمين إلى المطالبة بالتغير والتطوير الى عالم يتمشى وطموحاتنا التي تدفعنا غالبا إلى الهرب الى خارج حدود هذه الارض الطيبة بحثا عن طبيعة غناء بمقوماتها الماء والخضرة. التربية المثالية تفرز جيلا يحترم بيئته وحمل حسين بن علي ال سليس الآباء مجمل التصرفات العبثية التي يقوم بها أبناؤهم تجاه البيئة ومرافقها العامة مشيرا الى ان التربية المثالية تساهم في ايجاد جيل واع يقدر قيمة الارض ويعي مسئولياته تجاه البيئة ونظافتها. وقال: ان البعض من الآباء يدركون واجباتهم تجاه ابنائهم في النصح والارشاد.. وفي الوقت نفسه لايتقيدون بما ينصحون به ابناءهم حيث تجدهم يرتكبون المخالفة تلو الاخرى امام مرأى من ابنائهم برمي المخلفات في غير مكانها المخصص او احيانا من نافذة السيارة.. والبعض الاخر من الاباء يتجاهلون كل ما يقوم به ابناؤهم من مخالفات ضد البيئة وهذه التناقضات تساهم سلبا في تشويه فكرة حب الارض واحترامها لدى ابنائنا شباب اليوم ورجال المستقبل. التقصير سببه غياب الصيانة ويرى سعد رشاد العبدالله: ان جانب التقصير في نظافة البيئة في الكثير من جوانب الحياة يرجع الى عنصر الصيانة المفقود في الكثير من مرافقنا العامة حيث اذا ما تعطل شيء منها تركت على حالها حتى تتلف مشيرا الى ان جانب التقصير فيما يتعلق بالبيئة وجمالها سببه الاهمال المعلن من قبل الجميع.. وهذه حقيقة يجب ان نعترف امامها وان نسعى في تقويمها حتى نحظى ببيئة صحية وجميلة. واضاف: ان غالبية مرافقنا العامة كالمدارس والمستشفيات والعديد من الدوائر العامة والمتنزهات.. وكذلك البعض من الطرقات والازقة حبلى بالكثير من التجاوزات منها ما تم تشويهه بالكتابة على الاسوار سواء من قبل المراهقين او من اصحاب المؤسسات الخاصة التي ترى من الأسوار النظيفة مكانا مناسبا للاعلان عن منتجاتها وخدماتها في حين ان البلديات لا تعير هذه الكتابة اي اهتمام او ملاحقة قانونية للمتسبب في حين ان البعض منها والقصد الاعلانات قد تم وضع رقم الهاتف عليها بسبيل المثال: هناك اعلان لم يسلم منه سور او جسر في محافظة الاحساء.. يحمل عبارة (استراحة الشرقية) كتب منذ فترة طويلة.. ولم يكن للبلدية اي تحرك يذكر تجاهه سواء بالازالة او غيرها من الاجراءات الاخرى. وقال: ان البلدية تتحمل الجانب الاكبر في مسئولياتها تجاه البيئة والمجتمع.. ومن واجبها توجيه المجتمع وارشاده وتوفير الارضية الصحية التي تدفعه للالتزام باحترام البيئة والاهتمام بها من خلال وسائل الاعلام وملاحقة المخالفين من اصحاب المحال التجارية والمؤسسات وكذلك الاسواق الاسبوعية التي تعتمد على استخدام الاراضي الفضاء كموقع لتسويق بضائعها حيث يترك اصحاب هذه البسطات مخلفاتهم من الاوراق وغيرها من العلب الفارغة وبعض الخضراوات والفواكه الفاسدة بعد انتهاء اوقات التسوق الى ساعات واحيانا الى ايام. واكد: ان المجتمع في كل مكان وزمان يرفض ان يعيش وسط بيئة تفتقر للنظافة او هذا المطلب الحتمي يتطلع الى تعاون مشترك من الجميع.. يتمثل في الاستماع الى مطالبه وتحسين حالة الطرق المتصدعة والحفر المنتشرة هنا وهناك والى تجاوب وتناغم من قبل المسؤولين في البلديات. الحلم بشواطئ خالية من التشوهات فيما يحلم خالد علي العيسى بشواطئ جميلة خالية من كل التشوهات ويقول: ليس هناك اجمل من ان تكون شواطئنا جميلة تفترش الرمل النظيف الخالي من العلب الفارغة والنفايات وكل الشوائب. ويرى انه من الواجب علينا تنظيف البيئة من كل شيء يسيء اليها ولاسيما شواطئنا الجميلة التي تحتاج منا الى القليل من الجد والعمل والعزم على تنظيفها من هؤلاء المتطفلين على ماتسمى بالتجارة السياحية حيث نجدهم يبسطون ببضائعهم بشكل غير لائق ويسوقون مواد البعض منها منتهية الصلاحية والاخرى غير معروفة.. وكذلك هم اصحاب الدراجات النارية ذات العجلات الاربع الذين يتخذون من الشواطئ موقعا استراتيجيا لممارسة تجارتهم رغم انف السلامة والقانون. ويضيف: الواجب يحتم علينا جميعا المساهمة الفاعلة في ايجاد بيئة نظيفة تعكس صدق مشاعرنا تجاه بيئتنا وحبنا لهذه الارض المباركة التي حباها الله دون غيرها بقدسية الحرمين الشريفين. ويؤكد: انه بامكاننا الوصول الى بيئة نظيفة خالية من كل التشوهات اذا ما اخلصنا النية وبدأنا بانفسنا في عدم رمي المخلفات أيا كان حجمها واعتبرنا اننا مسؤولون عن انفسنا في مجمل التصرفات التي تبدر منا وانه ليس من واجب عامل النظافة ان يجمع النفايات التي وضعت خارج سلة النفايات او ورقة الكلينكس التي رمينا بها على الارض بكل جرأة او السيجارة او غيرها مما خف او ثقل وزنه. وفي خاتمة كلامه قال: نتمنى ان تكون هناك صيغة تفاهم بين المواطن والمسؤول وان يشعر كل منهما بواجبه تجاه البيئة والوطن.. وحينما تتحقق هذه المعادلة فحتما لن تكون هناك بيئة تشكو العلل.. لكنها ستتبدل الى بيئة جميلة وصحية ينقصها الخلل.