امرأة عرف الناس مواهبها منذ صغرها، كانت لها شخصيتها المستقلة الواثقة بنفسها، وكانت الزوجة الصالحة والأم الحنونة في حياتها، كانت وببساطة تحب الخير للغير قبل أن تريد الخير لنفسها. أم عبد الله لم تكن أما لأولادها فقط، بل كانت أما للجميع، قرأت القرآن ولكنها لم تذهب إلى أي مدرسة، كانت الحياة هي مدرستها، وعندما توفيت والدتها قبل أكثر من 30 عاما ورثت عنها أمورا كثيرة. كانت تداوي الجروح لوجه الله سبحانه وتعالى، وكانت تعرف بأمور المرأة أكثر من غيرها، ومع مرور الزمن أصبحت وكأنها باحثة اجتماعية، كانت تمسح دمعة الأرامل، وتقف بجانب المطلقات، وتأخذ بيد اليتيم، فقدت اثنين من فلذات أكبادها ولكنها صبرت، ومع الوقت كانت تخفي دموعها؛ لتمسح دموع الأخريات من النساء ممن فقدن أحباء لهن. كانت تعرف بألم النساء الأخريات ولكنها كانت تخفف عنهن قبل أن تخفف عن نفسها، ولم تشغلها آلامها عن بقية أبنائها، بل ربتهم خير تربية.. وعندما كبر الأولاد والبنات أصبح أزواج بناتها وكأنهم أولادها وزوجات أبنائها كأنهن بناتها، فقد كان الحب في قلبها يكفي الجميع، والكل يرى مدى الاحترام بين أفراد أسرتها. كان الحب في قلبها يكفي الجميع.كانت لها شخصية جذابة ونصائح لا تخطئ المراد. لقد تعلم منها الكثير من النساء معنى احترام الذات والثقة بالنفس. وبالطبع فالقدر المحتوم لا يترك أي نفس.. فكل ابن أنثى وإن طالت سلامته... يوما على آلة حدباء محمول. لقد توفيت المربية والأم (مريم الملحم). ولكن ما قامت به في الماضي للكثير من النساء كان له أثر كبير على أكثرهن. كانت ناصحة، وكانت معالجة، كانت تتحدث بثقة وكانت تنافس أكثر المحاورين في الأمور الاجتماعية. أحبها الجميع؛ لأنها أحبت الجميع. وكان يأتي لها الكثير من أقاربها وغيرهم ولا يخرجون من بيتها إلا ومعنوياتهم مرتفعة؛ لأنها وببساطة تزرع الأمل، وتنظر للدنيا بمنظار ناصع البياض. إنه أمر جميل أن نرى نساء في مجتمعنا ممن خففن آلام غيرهن من النساء. والأكثر جمالا هو أننا نعلم بأن هناك غيرها في المجتمع ممن يزرعن البسمة على وجوه الغير. وهناك الكثير من النساء في مجتمعنا ممن يعملن وبصمت لمسح دمعة أو الوقوف بجانب محتاجة. هكذا كانت أم عبد الله، تداوي جروح غيرها قبل أن تداوي جروحها. الكل تعلم معنى الصبر من هذه المرأة. وفي الختام.. جعلها الله سبحانه وتعالى في جنات النعيم. تويتر @mulhim12