لا أحب التشاؤم الذي قد يثني عزيمة الكثير منا، لكن الحقائق المؤلمة عن وضع شركاتنا الصغيرة لا تدع مجالاً للشك حول ضعفها في العديد من النقاط التي تعد قوتها ركيزة المنافسة العالمية. ولا أشكك في أن نسبة بسيطة جداً من هذه الشركات تتمتع برؤية استراتيجية صحيحة، كذلك لا يعني مقالي أن الشركات الكبيرة في وضع تنافسي قوي، لكنني أتحدث عن ضعف غالبية الشركات الصغيرة التي توظف نسبة كبيرة من المواطنين وتساهم بنسبة كبيرة في إجمالي الناتج الوطني. المقارنة البسيطة بين شركاتنا الوطنية الصغيرة ومثيلاتها في الدول المتقدمة توضح الكثير من نقاط الضعف التي لا يمكن لشركاتنا اختراق الأسواق العالمية لأنها لا تمتلك القوة في ذلك. وستواجه شركاتنا العديد من التحديات التي تقلل من شأنها بين منافسيها في السوق السعودية وخارجها ما لم يتم تحديد نقاط الضعف وتطويرها بأسرع ما يمكن قبل دخول الشركات الأجنبية العملاقة عندما يفتح انضمامنا لمنظمة التجارة العالمية الفرصة لها لمنافستنا في عقر دارنا وجهاً لوجه. ومن الحقائق المؤلمة التي تعيشها الشركات السعودية الصغيرة ضعف الرؤية والفكر الاستراتيجي الذي يدفعها نحو التميز والنمو والمنافسة. الفكر الاستراتيجي الواضح يضيء الطريق أمام الشركات السعودية لاستثمار الفرص، بل والبقاء في مقدمة المنافسة عندما تحقق ميزات تنافسية قوية بين المنافسين. وعندما أتحدث عن الفكر الاستراتيجي فإنني أقصد بذلك الرؤية الناضجة البعيدة المدى لما ترغب إدارات هذه الشركات أن تصبح في المستقبل عندما تستشرفه وتخطط نموها على أساس زمني طويل الأجل. وإذا سألني سائل عن وضع شركاتنا الصغيرة عن وضعها في هذا الشأن فإن إجابتي مؤلمة لا تتعدى كلمتين "وضع مخجل". الشركات السعودية التي تعمل على نطاق دولي قوي لا يتجاوز عددها 25 شركة، لكن لا توجد بينها شركة صغيرة واحدة لغياب الفكر الاستراتيجي عنها. إن صح الكلام فأن الشركات الصغيرة تعمل وتفكر في نطاق ضيق جداً لا يتعدى المنطقة التي تنتمي لها مما يجعلها لا تواكب المقولة الفلسفية الاستراتيجية الطموحة "فكر عالمياً وأعمل محلياً". لقد كانت الدراسة التي قمت بها للبحث في التخطيط الاستراتيجي في الشركات السعودية الصغيرة والمتوسطة تشير إلى أن حوالي 60% منها ليست لديها رسالة استراتيجية بينما 75% ليست لديها خطة استراتيجية. ومن الأفكار الاستراتيجية التي تفتقر لها الشركات السعودية الصغيرة استخدام الإنترنت للترويج لمنتجاتها وخدماتها محلياً وعالمياً، حيث لا تستخدم نسبة كبيرة منها هذه الوسيلة الثورية في عالم التسويق. وهناك قصور في فهم التسويق وكيفية الوصول للزبون وتلبية احتياجاته لكسب رضاه وثقته، فالتسويق التقليدي لا يزال يمارس وكأنها تعيش بمعزل ومأمن من المنافسين. والحلول للتغلب على نقاط الضعف في الشركات السعودية الصغيرة تنبع من تكوين دورات تدريبية وورش عمل في الغرف التجارية السعودية للتوعية بضرورة تقوية الجوانب الاستراتيجية الضعيفة لتمكينها من خوض المنافسة التي لا ملاذ منها بعد انضمام المملكة لمنظمة التجارة العالمية، ناهيك عن ضرورة مساهمة الجامعات السعودية في البرامج المتخصصة لتطوير الأعمال الصغيرة والمتوسطة. وليس من المستغرب عدم معرفة الإدارات والموظفين بنقاط الضعف وخطر المنافسة لأنها عاشت فترة حماية حكومية منذ ولادتها جعلتها بمعزل عن معرفة البيئة التنافسية التي تكون مصدراً للإبداع والابتكار والفرص. الإدارة الاستراتيجية والتسويق بجامعة الملك فهد للبترول والمعادن [email protected]