يعتمد نجاح المنشآت في تحقيق اهدافها واستمرارها في السوق على استراتيجيتها المتبعة لتسويق منتجاتها أو خدماتها، ولايعني تعدد الاستراتيجيات بأي حال من الاحوال ان هناك استراتيجية افضل من الاخرى فقد نجحت شركة اي بي ام في مجال اجهزة المين فريم وفشلت في صناعة الكمبيوترات الشخصية، ورغم بروز شركة بروكتر اند قامبل في صناعة حفائض الاطفال (بامبرز) الا انها فقدت حوالي ثلث هذا السوق لصالح شركة هجيز. لقد ارتبط مفهوم التسويق في اذهان العديد من المديرين بمفاهيم بسيطة مثل الاعلان او الترويج كما ارتبط مفهوم الاستراتيجية بالعمل الكبير والواسع جدا الذي لا يقوم به سوى الدول او الشركات العالمية العظمى. ومر مفهوم التسويق بعدة مفاهيم منها النظرة الانتاجية ومفهوم المبيعات والاهتمام بالعميل والاهتمام بالمنافسة والمنافسين، والنظرة الاستراتيجية وهي النظرة للعميل وللمنافسة في آن واحد. لم تعد اذا الشركات في هذا الوقت تنظر الى التسويق على اساس انه قسم من اقسام الشركة بل جعلت فلسفة الادارة كلها مبنية على التسويق من خلال تبني مفهوم القرب من المستهلك. الاستراتيجية التسويقية استراتيجيات التسويق التنافسية الناجحة هي تلك التي تربط منتجات المنشأة بالاسواق المستهدفة لتحقيق المحافظة على تميز تنافسي نسبي بهدف رفع مستوى العائدات الربحية. والاستراتيجية التسويقية هي التي تحدد اين تريد ان تقف مستقبلا، هل تريد ان تكون مبادرا؟ وفي ماذا؟ ام تريد ان تكون متفرجا مراقبا؟ ام تريد أن تكون تابعا للمبادرين المخاطرين؟ الاستراتيجية هي العمل المرتبط بالنظرة البعيدة والرؤية المستقبلية الى السوق والمنافسة، والمستهلك وحاجاته، والى رغباته التي يسعى لتلبيتها. هدف الاستراتيجية التسويقية هو تطوير اطار جديد للاستراتيجيات التسويقية التنافسية بحيث يستوعب الطروحات التي تنطوي عليها العديد من الاسهامات السابقة. اما منهجها فيكون عبر مناقشة طبيعة الاستراتيجيات التسويقية، ومن ثم ايجاد مفهوم بديل يساعد مديري المنشآت ورجال التسويق بالدرجة الاولى على وضع اطار جديد للاستراتيجيات التسويقية التنافسية. ان قبول المبدأ العام بأن المنشآة تحتاج الى استراتيجية تسويقية تنافسية واضحة ومحددة المعالم لكي تتمكن من المنافسة بفعالية، ومن ثم الاتفاق على ثلاثة مواضيع رئيسية لاستخدامها في تطوير الاطار الجديد للاستراتيجيات التسويقية، فعلى المنشأة ان تميز بين الجوانب الداخلية والخارجية لميزاتها التنافسية، كما ان الاستراتيجيات التسويقية التنافسية ليست بالضرورة مستقلة عن بعضها البعض، الى جانب تعريف القطاع الذي تنافس فيه المنشأة وطبيعة السوق المرتبط بذلك. الميزات التنافسية لكي تتحقق ديناميكية التنافس والوضع الخاص بالقطاع او السوق فان على المنشأة ان تأخذ في الاعتبار التفريق ومن ثم الربط بين الجوانب الداخلية والخارجية لاي ميزة تنافسية مستقبلية. من أسس المميزات التنافسية في الجانب الداخلي الخاص بالتكاليف المالية يجب الحصول على مصدر للمدخلات الانتاجية بتكلفة منخفضة مع الانتاج بكميات كبيرة، ومن الضرورة الاستفادة من الخبرات وترشيد المصاريف الادارية والتشغيلية، والاستثمارات التقنية تؤدي الى خفض تكاليف الانتاج ورفع مستوى التشغيل. اما في جانب المهارات الابداعية داخل المنشأة فينبغي انفاق مبالغ طائلة على تطوير منتجاتها تستثمر في بناء وتحسين صورتها الذهنية لدى عملائها وتقدم منتجات باسعار اعلى من متوسط اسعار السوق وتستهدف شريحة مميزة وذات قدرة شرائية عالية. هذا في الجانب الداخلي للمنشأة، اما في جانبها الخارجي فمن ناحية التكاليف المالية للدخول في منافسة سعرية يجب ان تحدد قطاع المستهلكين ذوي الحساسية القوية للاسعار الذين يتربع السعر على رأس قائمة اولوياتهم ولا يهتمون بالجديد من السلع والخدمات ومستعدون لشراء السلعة نفسها لفترات زمنية طويلة ولا يهتمون كثيرا بالعلامة التجارية. اما من ناحية المهارات الابداعية لتحقيق التميز التسويقي نجد ان لدى المستهلكين حساسية سعرية منخفضة ويهتمون بالعلامة التجارية، ولدى هذه النوعية استعداد للمفاضلة بين السعر والسمعة، وليست لديهم القدرة على تقييم المنتج قبل الشراء. التنافس وحدود السوق في استراتيجيات التسويق التنافسية وحدود السوق يبرز نوعان رئيسيان يرتبطان بتحليل الاستراتيجيات التسويقية التنافسية هما الكيفية التي يتم على اساسها التنافس في السوق وفيما تقرر المنشأة ما اذا كانت استراتيجيتها تستهدف كامل السوق او تستهدف شريحة او جزءا محددا منه. والاسلوب التنظيمي الذي تتميز به المنشأة حتى تكون في موقف يمكنها من فرض السعر الاضافي فالمنتجات المتشابهة والخصائص التنظيمية والتكنولوجية المتماثلة تجعل من تحديد السوق والقطاع أمرا ميسرا. من تحديد السوق السابق يمكن استنتاج ان التشابة في المنتجات ينحصر في منطقة محددة تدعى المنافسة السعرية. عند التطبيق سنجد ان استراتيجيات الريادة السعرية او المحاكاة تكون ملائمة فقط عندما تكون حدود السوق معروفة ومحددة بطريقة واضحة. يمكن التعرف على الشرائح السوقية عن طريق تحديد المرونات السعرية المتقاطعة مرتفعة المستوى في الجانب الخارجي، والتي يمكن تحديدها من خلال هيكلة الاسعار المتشابهة مع التأكيد انه في حالات الاحتكار لجزء او لشريحة من السوق لا يمكن تطبيق هيكلة الاسعار واستنادا الى ذلك يمكن استخلاص الآثار الاستراتيجية التالية وهي رسم اطار نظري لتعريف المجموعات الاستراتيجية. ان الاستراتيجيات تميل نحو التشابه وليس بالضرورة التطابق، كما ان المنافسة القائمة على اساس السعر او التكلفة مع المنافسين الحاليين لا تستثني اتباع استراتيجيات التميز مع المنافسين الآخرين. التميز التنافسي ان من المهم التفرقة بين الجانب الداخلي والخارجي وآثار كل منهما على صياغة استراتيجية التسويق التنافسية، ان هذه الاستراتيجيات قد تمت صياغتها بناء على اسس التميز التنافسي لدى المنشآت، كما يجب بيان ان الترابط الاستراتيجي لاستراتيجية المنشأة التسويقية التنافسية وقوتها نابع من تحديد حدود السوق الذي تعمل فيه والشريحة التي تستهدفها، ووضع اطار جديد يمكن من خلاله صياغة اربع استراتيجيات تسويقية للمنافسة بناء على اربعة اسس للتميز وهناك تناسب طردي بين الاهتمام والجهد الذي توليه المؤسسة لاستراتيجيتها التسويقية والمستهلك. ان الاطار الذي طرحناه هنا ليس طرحا نظريا مجردا ولكنه يعطي بعدا تطبيقيا منظما للمنشآت العاملة في السوق وللدراسات التطبيقية المستقبلية. * جامعة الملك سعود