باستثناء بعض اساتذة الجامعات.. فان طرق التدريس لدى غالبيتهم تقليدية تقوم على اعتبار ان مهمة التدريس في الجامعة هي حقن المعلومات في اذهان التلاميذ.. وعلى التلميذ حفظها واسترجاعها.. وتفريغها في ورقة اجابة الاختبار.. حتى ان بعض الاساتذة من الوافدين يطالبون بان تكون الاجابة بالنص.. لما املوه على التلاميذ من المذكرة التي اعدت منذ سنين والتي تتكرر دون تطوير.. والتي يتم بيعها في مكتبات البيع.. او محلات الاستنساخ.. وباستثناء هذه الفئة من الاساتذة الذين يمارسون هذه الطريقة.. ويشكلون شريحة لايستهان بها.. فان معظم الاساتذة يمارسون طريقة التلقين للتلاميذ باساليب مختلفة.. وعدد قليل من الاساتذة يمارسون طريقة الحوار والمناقشة وتنويع اساليب مشاركة الطلبة في تحضير معلومات المقرر.. وهؤلاء يمارسون هذه الطريقة الحديثة لانهم يدركون جدواها واهميتها في تنمية القدرات الذهنية والمهارات البحثية وترسيخ ثقافة الحوار والمناقشة.. وتنمية شخصية الطالب الجامعي .. وانعكست طريقة حقن المعلومات في اذهان التلاميذ سواء من خلال المحاضرة الالقائية التي تنشر التثاؤب ثم النوم بين المتلقين.. او من خلال التلقين.. في كسل الطالب الجامعي ونفوره من القراءة والاطلاع وكرهه لاجراء البحث العلمي.. وعدم ارتياد المكتبة الجامعية.. وادت الى تنمية الاتجاهات السلبية لديه مثل الاتكالية والغش في الاختبار.. وعدم الثقة في الذات.. وشراء البحث من بعض الناس.. وأخذ خاطر استاذه بكل ما يرضيه ماديا ومعنويا.. ولقد صورت هذه السلبيات (الدكتورة فريدة المشرف) شعرا في زاويتها الاسبوعية بصحيفة (اليوم) اصدار يوم الاثنين 7 رجب 1425 ه، تقول على لسان الطالب الجامعي: (استاذ حلاوة.. اللي احبه ويحبه قلبي يحضرني وانا نايم في فراشي.. واذا تأخرت عن المحاضرة لا يطردني.. وفي الامتحان يغششني.. واذا رسبت ينجحني.. وفي البحوث ما يكلفني.. الا باللي يستفيد منه.. في بحوثه وكتبه وليس له علاقة بمنهجي ومقرري.. وعلى الغياب يسامحني.. يسلك اموره واموري.. ولاعلى المستويات يرفعني.. وانا ما اقصر.. تذاكر سفر. وكمبيوتر. وشحن العفش وسيارة اجرة وحتى ايجار الشقة مستعد أدفعه.. بس اوصل.. بدون تعب.. مالي خلق على التعلم.. الخ) وفي يقيني ان ما ورد في زاوية الكاتبة المذكورة يعكس السلبيات التي يمارسها بعض وليس كل الاساتذة الوافدين.. اما فيما يتصف به الطالب الجامعي من كسل وكراهية للتعلم.. فيمكن ان يتصف بها عدد كبير من طلبة الجامعات بنين وبنات.. ويمكن ان يعزى ذلك الى الخلفية التعليمية في مدارس التعليم العام.. والى امتداد هذه الخلفية في التعليم الجامعي عن طريق اساليب التدريس التقليدية التي تهيمن على غالبية اساتذة الجامعات. ومن العوامل الاساسية في نظري التي ادت وتؤدي الى هذا التردي في اساليب التدريس بالمؤسسات الجامعية في هذه البلاد: @ افتقار اساتذة الجامعات الى الاعداد التربوي القبلي.. وخاصة طرق التدريس الحديثة المبنية على فلسفة ان الطالب الجامعي هو الذي ينبغي ان يبحث بنفسه عن المعلومات المتعلقة بالمقرر مما يدفعه للبحث عنها في مصادرها.. كالمكتبة الجامعية.. وشبكة المعلومات العالمية (الانترنت) والاستفسارات من المتخصصين.. ومن ثم تحضيرها في قاعة المحاضرات ومناقشتها مع الطلبة والاستاذ يشرف على ذلك ويبدي رأيه فيها.. وينتج عن هذه الطريقة المشوقة تطور الطالب الجامعي عقليا وعلميا ووجدانيا.. والاعتماد على الذات.. وتنمية عادة البحث العلمي.. وصقل مهاراته ومواهبه.. وينبغي ان يمنح درجات بما يستحقه.. واعفاؤه من الاختبارات الدورية.. وهذه الطريقة تجعل الطالب محور العملية التدريسية.. ويصبح دور الاستاذ الجامعي: التوجيه والتحفيز والتقييم.. ويتحول الطالب من خلال هذه الطريقة من الاتكالية الى الاعتماد على النفس.. ومن النفور من البحث العلمي الى الشغف به.. ومن كره التعلم الى الاقبال عليه.. ومن السلبيات الى الايجابيات.. ومن الحفظ والاسترجاع الى الفهم والادراك والتحليل والاستنتاج والاستيعاب.. والابداع. @ العامل الثاني: الذي ادى الى الممارسات السلبية في اساليب التدريس في الجامعات.. عدم توفير دورات تربوية للاستاذ الجامعي.. اثناء الخدمة من قبل مدربين غير تقليديين ويقترح في هذا الشأن قيام وزارة التعليم العالي بانشاء مركز تربوي متخصص في تدريب اساتذة الجامعات على طرق التعليم الجامعي الحديثة.. وان يستقطب له خبراء من الدول المتقدمة في هذا المجال. @ العامل الثالث: ربما لا يوجد اي اهتمام حتى الآن من قبل الجامعات السعودية بتطوير طرق التدريس فيها بما يتناسب مع فلسفة اعتبار الطالب الجامعي محور عملية التدريس وليس متلقيا لها.. ولم اسمع خلال عملي بالجامعة.. اي حديث عن ذلك. @ العامل الرابع: الحرية الاكاديمية المطلقة الممنوحة لاساتذة الجامعات.. ادت الى ممارسات غير سليمة سواء على مستوى التدريس او على مستوى العلاقات والتعامل مع الطلبة.. لدى شريحة كبيرة منهم. واقترح اعادة النظر من قبل وزارة التعليم العالي في هذه الحرية التي تمنح حصانة لمن يستحق ومن لا يستحق.. ووضع معايير وشروط حديثة لتقويم الاساتذة لتمنح الحرية الاكاديمية بموجبها للاساتذة الجديرين بها.. ممن يتم تقويم ادائهم لفترة كافية في التدريس والبحث العلمي والتوجيه والارشاد وخدمة المجتمع (وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون).. والله ولي التوفيق.