تؤكد بعض الدراسات النفسية أن داخل الانسان طفل (كبير) يهفو ويتوق للاشياء التي يرغبها الصغار فمعظم الكبار يحرصون على متابعة برامج الاطفال في التلفزيون خاصة افلام الكرتون لما فيها من كم هائل من البراءة والنقاء، بعض الكبار يشاهدونها لاجل المتعة او البحث عن بساطة مفقودة في حياتهم او فيما يقدم للكبار، البعض الآخر يحاول استدراك ما فاته في طفولته من اشياء لم يعرفها ابدا، وبعضهم يشده الفضول والرغبة في الاطلاع على ما يراه الابناء في محاولة لفرض نوع من الرقابة على ما يشاهده الصغار ومن ثم توجيههم بالنصائح، طرحنا سؤالا للكبار (لماذا تشاهد برامج الاطفال في التليفزيون؟) بين العنف والبراءة يقول طارق الصالح: انه يهرب الى مشاهدة افلام الكرتون كلما تشبع بمنغصات الحياة المليئة بالتناقضات وجشع الكبار واضاف: احاول العودة والعيش - ولو قليلا- في عالم طفولتي واتذكر عالم البراءة الجميل وتساءل: هل في ذلك عيب!! ويواصل الصالح بقوله ان مشاهدة برامج الاطفال بشكل متواصل تمنحه صفاء الذهن والراحة النفسية، وفي الوقت نفسه يراقب هذه البرامج جيدا كي لا تفسد تربيته لابنائه، فكل برنامج ارى انه يفوق مستوى ابنائي العقلي العمري انصحهم بعدم مشاهدته لانه يسبب لهم الارتباك بسبب عجزهم عن فهم ما يرون ويسمعون، اما البرامج التي تشجع على العنف وتركز على تكريس الغرائز في السلوك الانساني فامنعهم من مشاهدتها تماما، ولا اسمح لهم بالجلوس امامها ولو لدقائق معدودة لان مصلحتهم تكمن في الابتعاد عن هذه النوعية من البرامج التي لا تناسب مجتمعنا وقيمنا وتسيء الى اجيال باكمالها. ويضيف: ان مشاهدة الطفل مشاهد العنف والرعب على الشاشة تفقده التوازن وتسرق منه البراءة وحب الخير، واذا لم ندرك خطورة هذه البرامج فاننا نساهم بوضع اطفالنا على اول طريق الانحراف. مساعدة على الاختيار اما عبدالله المالك فيبين انه يشاهد برامج الاطفال ليعرف ماهية هذه البرامج والرسائل التي تقدمها الى الاطفال لانه لا يثق بكل ما تعرضه الشاشة الصغيرة، ويقول: لا يستيطع اي طفل الاستغناء عن برامج التليفزيون، فهو يشاهدها يوميا لفترات توازي فترات المدرسة احيانا، ومن هنا تأتي الخطورة فانا لا اشعر بالامان عندما اتركهم يتنقلون بين المحطات ويشاهدون كل شيء لذلك اجد نفسي ملزما بالجلوس معهم اطول فترة ممكنة لاتابع بدقة كبيرة هذه البرامج وابذل جهدا كبيرا لاقنع ابنائي بان هذا جميل ومفيد وذلك خيال ووهم وتلك اكاذيب لا علاقة لها بالحقيقة ويضيف: اسمح لهم بمشاهدة كل شيء مبدئيا ومناقشتهم فيه باستثناء البرامج التي تشجع قيم العنف والسلوك العدواني التي لا اسمح لهم بمشاهدتها ابدا. تقييم تربوي ويعتقد ناصر علي الحربي ان برامج الاطفال في انحدار دائم ويتراجع مستواها كل عام، واذا استمر الحال هكذا فانها ستفرغ من كل مضمون وستقتصر على جمال الصورة فقط، وحتى قيم الخير والشر التي كانت تدعو اليها سابقا البرامج قد تغيرت كثيرا بحيث اصبحت هذه المفاهيم سطحية جدا ولا علاقة لها بجوهر الحياة، ولذلك اتحمل مسؤولية توضيح مفهوم الخير والشر بعيدا عن الجرعة التي تقدمها هذه البرامج، ويتابع: اصبحت الجرعة التعليمية في هذه البرامج شبه معدومة وفي طريقها الى الزوال ليحل محلها نمط المتعة والتشويق فقط، ونحن لاحول لنا ولاقوة، لاننا نستورد هذه البرامج بشروط المنتج وليس بشروطنا وباخلاقياتهم وليس باخلاقياتنا وقيمنا، فلم نعد نشاهد مثلا البرامج التي تدعم وتشجع قيم الاسرة العربية الاصيلة، او تلك التي تحافظ على لغتنا وتراثنا الحضاري والثقافي، والسبب ببساطة اننا لم نعد ننتج شيئا ذا قيمة بل نستورد كل شيء. برامج مسلية سفر القحطاني يقول: انه يعشق منذ طفولته متابعة برامج الاطفال ويشاهدها يوميا ولا ينافس هذا الحب سوى متابعته البرامج الاخبارية، بحيث اصبحت برامج التليفزيون عنده تقسم الى برامج للاطفال واخرى اخبارية. ويرى ان برامج الاطفال مسلية جدا وتبعث الهدوء والسكينة في نفسه ويواصل: لقد ادمنت مشاهدتها في اوقات الفراغ لانها تبعدني عن متاعب العمل والمشكلات اليومية لما تقدمه من بساطة وبراءة خالية من التعقيد وغموض المعاني، ولا تحتمل افكارها اي التباس او سوء الفهم، فهي بسيطة ومباشرة وتريحني دائما فاشعر كأنني طفل صغير متعلق بها ومتفاعل مع فقراتها. ويضيف: لا احب تعقيد الامور كثيرا والبحث في تفاصيل هذه البرامج ومدلولاتها ومقاصدها ورسائلها الخفية فبهذه الطريقة سأفسد متعة المشاهدة على نفسي وعلى ابنائي، وبصراحة انا لا اتفق مع الاهل الذين يمارسون رقابة صارمة وتدقيقا في هذه البرامج فالموضوع لا يحتاج الى كل هذه الجدية والاحساس بالخطورة وكأننا في حرب مع هذه البرامج. ويتابع: بصراحة لم اقل مرة واحدة لاحد ابنائي شاهد هذا او لا تشاهد ذاك، ولكن اتركهم يستمتعون بها باية طريقة وفي اي وقت يشاؤون ولا اشعر ابدا بالخوف عليهم فهي اولا واخيرا ليست سوى برامج اطفال تقدم لهم متعة مجانية ولا انوي افساد هذه المتعة. مجال اوسع ويعتقد سلطان الراجح ان برامج الاطفال الحالية لم تقدم جديدا لذا احتفظت بجمالها وجاذبيتها لدى الاجيال الماضية التي تحرص على متابعتها بين حين وآخر، وقال ان ازدياد المحطات وتعدد البرامج بشكل كبير يزيد من صعوبة الرقابة ويمنح الطفل مجالا اوسع في الاختيار، وهنا يأتي دور الاسرة بمساعدة الطفل للحصول على ما يفيده عن طريق الاقناع قدر الامكان. اعتراف كبير ويعتبر رياض الصليع ان عودة الكبار الى مشاهدة برامج الاطفال ظاهرة صحية تعيد للانسان براءته الاولى وتذكره بطفولته وبكل ما تحتويه من ذكريات وبساطة واحلام. ويقول: ان البرامج القديمة التي شاهدها طفلا كانت اجمل واكثر انسانية وحميمية وتشبه بساطة الحياة في تلك الايام لكن البرامج الحالية وان كانت لا تخلو من المتعة فقد افتقدت لكثير من الانسانية التي كانت سمة البرامج القديمة: ولا ينكر ان تلك البرامج اسهمت بتشكيل شخصيته وتطورها وان هناك شخصيات كثيرة من افلام الرسوم المتحركة قد تركت في نفسه اثرا كبيرا لازمه طوال حياته ولايزال يتذكرها بمحبة كبيرة، ولا يؤمن الصليع بنظرية منع الاطفال من مشاهدة بعض البرامج او الغاء محطات معينة حفاظا على شخصية الطفل، بل يدعو الى التوعية الصحيحة لان الرقابة فعل آني ولا يمكن للانسان ان يمارسه دائما، والرقابة الصارمة قد تحدث ضرراكبيرا على شخصية الطفل يفوق ضرر تلك البرامج. الهروب الى المتحركة يعترف احمد الدوسري بانه مدمن على مشاهدة برامج الاطفال وتستهويه بشكل خاص افلام الرسوم المتحركة حيث يتابعها بمتعة كبيرة لكنه يهرب من برامج العنف والافلام التي تركز على البطولة الفردية وتمجد القسوة وينصح الاطفال بعدم حضورها، شارحا لهم مخاطرها واكاذيبها واهدافها في تخريب عقولهم. ويقول: انا لا اطالب تلك البرامج بالمعجزات بل بتقديم المتعة الحقيقية والفائدة قدر الامكان دون الاساءة الى قيم الطفولة ومفاهيمها البريئة حول الحياة والخير والشر. ويتمنى يوسف ان يكون التركيز على انتاج البرامج التعليمية المناسبة للاطفال، والتي ضاقت مساحتها في السنوات الاخيرة رغم حاجة الاطفال وحب الكبار لها. ويعتقد ان انحدار مستوى هذه البرامج يضع الاهل امام مشكلة كبيرة في السماح للابناء بمتابعة اي شيء وهذا خطير لان القيام بفعل الرقابة اليومية صعب تحقيقه وقد يؤدي الى توتر في العلاقات مع الاطفال. برامج الاطفال تقدم افكارا بناءة للصغار