تمر المملكة بحركة عقارية وعمرانية واسعة النطاق تحمل معها كل معاني الحداثة والتجديد، اعتمادا على احدث ما توصلت اليه الادارة البشرية في التطوير والعمران.. لكن هذه النهضة جاءت على حساب الاحياء القديمة، التي لم تطلها هذه النهضة الا قليلا، بل ان كل العمارات والفلل والقصور والمباني يتم تأسيسها حديثا، وينتقل اهالي الاحياء القديمة الى المواقع الجديدة، دون النظر الى تلك الاحياء، التي تحولت بعضها الى مواقع اثرية مهجورة، مأوى لعدد كبير من النفايات والمخلوقات الصغيرة، فلا تعمير ولا تدمير، بل بقيت تشوه الوجه الحضاري للبلد، وتحدث خطرا داهما على المواطنين. ورغم ان هناك توجها من البعض لاحداث الترميم او التجديد، الا ان ما يحدث لا يعدو كونه مبادرات فردية، لم تسهم في اعادة الحياة لهذه الاحياء، التي كانت في يوم ما زاخرة بالوجود البشري الانساني، تحولت بفعل عوامل الزمن الى مواقع اثرية تذكرنا باطلال امرئ القيس وعنترة بن شداد. المستثمرون العقاريون يرون اهمية إعادة الحياة لهذه الاحياء، لكنهم يقفون عند عقبة رئيسية في هذا الامر، وهي ان الاحياء مملوكة لقطاع واسع من الناس، هجروا بيوتهم ولا يرغبون في بيعها الا بسعر غال يفوق قيمة البيوت الخربة. بالتالي فالمسؤولية تقع على الجهات الرسمية بالدرجة الاولى ثم يأتي بعد ذلك دور المستثمرين. وعلى كل الاحوال فاننا وبغض النظر عن المسؤول الاول والاخير امام مشكلة تتمثل في عقار قائم لا يعمر ولا يستثمر! التمسك بالتراث القديم قال حمود العلي الخلف احد المستثمرين العقاريين بالمنطقة الشرقية ان اعادة النظر في الاحياء القديمة امر محمود، خصوصا ان هناك مباني سكنية داخل هذه الاحياء القديمة، قد هجرت لسنوات طويلة، دون اعادة الترميم فيها، وهكذا تكون مسؤولية هذه المباني على اصحابها فان لم يعرفوا او يستطيعوا الترميم فان الجهة المعنية في هدم المباني تقوم بهدمها، واستبدالها بمساكن راقية، يتواجد بها محلات تجارية، وهناك احياء في قلب مدينة الدمام بها الاسواق التجارية التي تخدم سكان المنطقة الا انه وللاسف يلاحظ مساكن قديمة جدا لاتخدم المجاروين لها وتحتاج الى هدم، اضافة الى ان الامانة تكون عليها مسئولية في توسعة الشوارع قدر الامكان، حيث ان هذه الاحياء خططت قبل سنوات عديدة، في ظل القلة السكانية وفي عصرنا الحالي، هناك العديد من الكثافة السكانية التي لا يمكن ايجاد مواقف لمثل هذه الكثافة، وطالب الخلف ابقاء بعض المباني الاثرية التي غير آيلة للسقوط للمحافظة على التراث السابق، بحيث تعطي طابعا حضاريا عن القديم والحديث، وكما هو معمول به في الدول الغربية، واشار الخلف إلى ان هناك مخططات جديدة قادرة على استقبال تلك الكثافة السكانية، ولعشر سنوات قادمة، ونحن بدورنا نؤكد على الجهات المعنية بالإشراف على تلك المخططات ان تراعي فيها توسعة الشوارع الداخلية للاحياء، وفسح المجال في ايجاد محلات تجارية تخدم كل حي، لكي نصل الى الهدف المنشود وهو خدمة المجتمع. واضاف الخلف: ان الحركة التجارية تتمركز في شارع الملك فيصل (شارع الحب) حيث به حركة تجارية جيدة، وان كانت تجاوره بعض المباني التي تحتاج الى ترميم حتى يعطي صورة حضارية وتجارية لكل المتسوقين، والامانة ستأخذ فكرة التوسع بطرق مدروسة لتلافي الاخطاء في السابق، حيث نجد ان هناك شوارع تجارية كبيرة الا ان شوارعها لاتكفي في استقبال المتسوقين لعدم وجود مواقف جانبية للسيارات وهذا يقلل من حركة التجارة وقوتها، ونحن لابد من مراعاة كيفية استقطاب المتسوقين وغيرهم حتى تكون الحركة التجارية اكثر ربحية وهذا مؤشر يوحي بأن الاقتصاد سيكون اكثر ارتفاعا من السابق، واكد الخلف ان التنوع التجاري مطلوب، بحيث يلبي رغبة جميع المتسوقين في شارع تجاري. التطور مطلب أساسي قال أبو خمسين عضو اللجنة العقارية بغرفة الشرقية: ان عملية الاستثمار في الاحياء القديمة مطلب اساسي بشرط ان تقوم الجهات المعنية بالمعاينة لهذه الاحياء ومطالبة ملاك العقارات بهدم المباني القديمة وابدالها بمبان حديثة تناسب التطور المشهود في النطاق العمراني للمنطقة الشرقية، كذلك نجد ان المستثمرين يرغبون في ذلك، لا سيما ان تلك الاحياء القديمة تمتلك مواقع جذابة ومراكز ذات اهمية في الممارسات العقارية والتجارية، وما يلاحظ ان هناك احياء قديمة الا ان الاستثمار يتركز عليها وبشكل كبير والحل لمثل هذه الاحياء ان تكون هناك آلية في كيفية اعادة الاستثمار في هذه الاحياء، والكثافة السكانية في المنطقة الشرقية تزداد يوما بعد يوم، الامر الذي سيوجد إقبالا على الاحياء القديمة خصوصا ان تواجد المراكز التجارية متوافر واشار ابوخمسين إلى ان الجهة المسئولة عن ذلك يطلب منها التوسعة في الشوارع بهذه الاحياء وتلافي الاخطاء التي وقعت فيها في الاحياء الجديدة، واستطرد ابو خمسين: ان المنطقة الشرقية اكثر المناطق جذبا لعملية الاستثمار اضافة الى السياحة واحاطتها بالشواطيء البحرية. وامتدح أبوخمسين فكرة دراسة تخطيط الاحياء القديمة بما يتواكب مع التطور العمراني في هذا الوقت واكد ان الانظار ستكون مركزة على هذه الاحياء واضاف ان دعم الدولة لصندوق التنمية سيكون عاملا مشجعا للمقترضين في البناء بطرق تخطيطية سليمة بعيدة عن العشوائية، والبناء بالطرق البدائية التي لاتخدم المنطقة لا حاضرا ولا مستقبلا. وتطرق الى ان نسبة نجاح الاستثمار حاليا هي في الاحياء القديمة، والتي تقع في قلب مدينة الدمام مثلا والخبر، والقطيف، والجبيل، وهذا يضاعف من انتعاش حركة العقار في المنطقة على مختلف الانشطة العقارية. المباني التراثية وتطرق فائق الصالح مدير عام مجموعة الحساوي بالشرقية الى كيفية الاستثمار في الاحياء القديمة والتي يمكن الاستفادة منها حاليا ومستقبلا واشار إلى ان طريقة الاحتفاظ ببعض المباني التراثية والتي مضى عليها سنوات عديدة وان كانت قليلة تكون بإعادة الترميم بطرق جيدة حتى يمكن الحفاظ عليها لسنوات اكثر. وقال الصالح : ان المباني التراثية ستكون من مسئولية الجهات الرسمية التي تهتم بالبيئة القديمة فهي تقوم بعملية شرائها لكي تحافظ عليها، ويبقى مسجلا في التاريخ، واشار إلى ان المباني الآيلة للسقوط تكون مسؤولية الامانة في مخاطبة اصحابها وهذا قائم في الوقت الحالي، وطريقة تطوير الاحياء القديمة أن تأتي بالبناء الجديد الذي تشهده في الاحياء الجديدة مع متابعة المباني السكنية التي تحتاج الى صيانة وترميم، وكل ما في الامر هو ان الاحياء القديمة خططت في زمن كان العدد السكاني قليلا وفي الوقت الحالي فان اعداد السكان تزداد يوما بعد يوم، واكد الصالح انه يجب على الجهات المسئولة وضع شروط للمباني الذي اخذت اكثر من 15 عاما اعادة ترميمها بعد ان تضع هناك لجنة مكونة للاشراف على هذه المباني من داخل وخارج المبنى، وهذه كلها تعود لصالح المنطقة اقتصاديا وتجاريا وعقاريا، والطرق التي تقوم بها الامانة حاليا هدفها التقليل من هدر المال العام، اما عن الاحياء الجديدة فالمهم ان تكون مدروسة حيث يجب تلافي الاخطاء القديمة، ومطالبة اصحاب البناء بأن تكون هناك اشكال جمالية تؤكد التطور في البناء العملاق، واعتبر الصالح ان دراسة المخططات بابعاد طويلة المدى ستحقق مطالب السكان في المنطقة الشرقية، والمنطقة الشرقية طرح بها العديد من المساهمات العقارية التي يمكن ان تخدم جزءا من هذه الكثافة السكانية مشيرا الى ان اغلب الساكنين في الاحياء القديمة هجروا تلك المنازل بحثا عن مواقع اكثر اتساعا وهذا ما جعل تلك المباني القديمة بعيدة عن اهتمامهم الشخصي، وهناك امور اخرى ادت الى عدم الاهتمام بالمباني القديمة كوجود مشاكل عليها عن طريق الإرث فكان من الاولى تركها. هذا هو مفهوم الكثير ممن لهم مساكن قديمة، ونحن نأمل من كل من له مسكن اعادة النظر فيه واستغلاله مرة ثانية الامر الذي سيقدم له عائدا ماليا جيدا، اضافة الى ان التطور المشهود عقاريا وعمرانيا يستوجب منا مواكبة النقلة النوعية في العمران الذي تشهده المملكة. محمد بوخمسين فائق الصالح