ما سمات الخطاب الاعلامي الامريكي الموجه للشعوب العربية؟ وما طبيعة المصادر التي يعتمد عليها؟ وانعكاسات ذلك على الذهنية العربية وهويتها؟ ولماذا كل مشاعر الكراهية والغضب والعداء ضد امريكا؟ هذه الاسئلة وغيرها كانت محور الدراسة التي قدمها الدكتور محمد سعد احمد ابراهيم الاستاذ المساعد بقسم الاعلام بآداب المنيا تحت عنوان (خطاب العولمة والهوية في وسائل الاعلام الامريكية الموجهة بالعربية وانعكاساتها على استجابات الشباب) وذلك خلال مشاركته في المؤتمر العلمي السنوي العاشر الذي تنظمه كلية الاعلام بجامعة القاهرة. تهدف الدراسة الى توصيف وتحليل الخطاب الاعلامي الامريكي الموجه باللغة العربية ومدى انعكاساتها على الاستجابات المعرفية والوجدانية للشباب المصري الذي يمثل جزءا من الشباب العربي. كشفت نتائج الدراسة وحدة توجه الخطابين الثقافي والسياسي وتكاملمها من خلال تثقيف السياسة وتسييس الثقافة بما يكفل تسويق القيم الامريكية وتفكيك مشاعر الغضب والكراهية لدى الجمهور العربي واظهرت الدراسة ارتفاع معدلات التمييز في الخطاب الاعلامي الامريكي وهيمنة التيار المحافظ المتطرف على مصادر المعلومات وتشكيل الاطر الاعلامية وانتاج الافكار والمعاني، الامر الذي يعكس غلبة الطابع الايديولوجي على الطابع الثقافي وتسويق المفاهيم والتصورات المستمدة من نظرية الصراع الثقافي امام الرؤى المعلنة لتصادم الثقافات وهو ما يتعارض مع الاهدف المعلنة لما يسمى بحملات كسب العقول والقلوب. كما تكشف الدراسة ان وسائل الاعلام الامريكية الموجهة بالعربية لا تركز على مصدرين رئيسيين يتمثلان في منظمات المجتمع المدني وثيقة الصلة بالدوائر الامريكية وفي نفس الوقت الامريكيين العرب وهذا ما يعكس التوجه الاحادي للخطاب الاعلامي الامريكي والتجاهل المتعمد للقوى العربية المناهضة للعولمة والامركة، والاحتفاء بالنخب العربية المتأمركة والنماذج الشاببية المتمردة على القيم العربية والاسلامية. ايضاً توصلت الدراسة الى تعمد وسائل الاعلام الامريكي ابراز اطر الصراع والنموذج الامريكي والديمقراطية تليها في موقع متوسط اطر الكراهية والقيم المشتركة والهيمنة بينما جاءت اطر قبول الاخر العلمانية والطائفية في موقع متأخر وهو ما يعكس الطابع التصادمي للخطاب الامريكي وسعيه لفرض النموذج الامريكي بوصفه البديل الوحيد المجسد لنظرية نهاية التاريخ. واستنتجت الدراسة وجود تكامل بين آليات وتكنيكات الخطاب الاعلامي الامريكي سعياً وراء تغييب الهوية والتاريخ والحضارة واعادة ترتيب الذهنية العربية من اجل تسويق الهوية والشرق اوسطية. وابرزت الدراسة سمات الخطاب الاعلامي الامريكي في بعض النقاط منها انه خطاب تبشيري استعلائي يعكس نزاعات الهيمنة والتسلط والاستبداد ويتناقض مع مقولات الديمراطية وحقوق الانسان وهو خطاب عدائي تحريضي يتخذ من الاسلام خصماً حضارياً بديلاً عن الشيوعية ويحرض القوى الدولية على التصدي للقيم العربية والاسلامية جاعلاً منها مصدر الشر والارهاب. كما انه خطاب احادي التوجه يستند الى المرجعية الواحدة والنموذج الواحد ويروج المعايير والقيم ذات البعد الواحد والتفكير الواحد ويتجاهل التنوع الثقافي والخصوصية الحضارية وهو خطاب اختزالي يختزل صراع الحضارات في الحرب على الارهاب والهيمنة في العداء والكراهية والعدوان في النزعة الانسانية والمقاومة في الكرامة الشخصية فضلاً عن انه خطاب اصولي ينزع نحو تسييس الدين وتديين السياسة من خلال تحويل القضايا الى مسائل انسانية مصيرية تحتم تدخل الاخيار لهزيمة الاشرار. وكشفت نتائج الدراسة ميل الجمهور المصري الى مقاومة المحتوى الاعلامي الاجنبي وانتاج معان تقاوم وتقوض المعاني التي استهدفها القائم بالاتصال الاجنبي وان هناك مشاعر من الكراهية والغضب داخل صدور الشباب كرد فعل لخطاب الاستعلاء والهيمنة والتسلط الامريكي على عكس ما حاولت ان تروج له البحوث والدراسات الامريكية بتراجع موجات العداء والكراهية لدى الشباب نتيجة لاستيعابهم للقيم الامريكية.