يراقب موقع سري للغاية مدفون داخل جبل تحت 600 متر من الصخور آفاق السماء على مدار الساعة للتأكد من ألا تفاجأ الولاياتالمتحدة مرة أخرى بهجوم على غرار هجمات 11 سبتمبر. ولم يكن مركز عمليات تشيين ماونتين قرب كولورادو سبرينجز الذي صمم ليكون مركزا للحراسة ابان الحرب الباردة ضد الطائرات السوفيتية المقاتلة مستعدا لتلك الهجمات التي وقعت عام 2001. ورغم أن أعينهم مدربة على رصد التهديدات القادمة من خارج البلاد فان هذه الوحدات فشلت في منع أو حتى تخفيف وطأة أول هجوم على أراضي الولاياتالمتحدة من قبل عدو أجنبي ليس بدولة تسلل دون رصده. ولكن منذ هجمات 11 سبتمبر جعلت اصلاحات أمنية كبيرة من تشيين ماونتين ومقر قيادة الدفاع الجوي والفضائي لامريكا الشمالية الامريكية الكندية (نوراد) القريب والقيادة الشمالية الامريكية (نورثكوم) الجديدة مركز السيطرة على شبكة مكافحة الارهاب التابعة للجيش الذي يعمل من أجل درء الهجمات عن امريكا الشمالية. وقال الميجر تشارلز ثينجر الذي يرأس مركز التحذير للفضاء والطيران في تشيين ماونتين: قبل 11 سبتمبر كان لدينا تركيز داخلي محدود للغاية. صباح 11 سبتمبر كانت هناك اكثر من ثلاثة آلاف طائرة تحلق فوق الولاياتالمتحدة ولم تستطع نوراد رصد الا أقل من 20 في المئة منها. وتتولى نوراد المسؤولية عن رصد ومواجهة التهديدات المحمولة جوا. واليوم يراقب الجنود داخل تشين ماونتين مجموعة من الشاشات التي توضح خط سير الرحلات الجوية لكل الطائرات التجارية التي تحلق فوق الولاياتالمتحدة كما يراقبون خرائط ورسوما بيانية ورسوما تخطيطية يجري تحديثها بشكل منتظم تحمل معلومات قد تنذر بوقوع هجوم. ويعد مركز تشيين ماونتين موقعا عسكريا فريدا مليئا بأطقم مختلفة من العاملين في الجيش الامريكي والقوات البحرية والقوات الجوية ومشاة البحرية والقوات المسلحة الكندية. وقال الكوماندر البحري مايك وايت في مقر القيادة المشتركة في كولورادو سبرينجز: لم تكن هناك اجراءات موضوعة لتخفيف وطأة هذا النوع من التهديد الذي شهدناه في ذلك اليوم. وأضاف ان هذا الوضع تغير الان بفضل توسيع الدوريات الجوية والتغطية بالرادار وتبادل المعلومات والتنسيق الاستخباراتي فضلا عن العزم على اسقاط أي طائرة مدنية اذا اقتضى الامر.أنشئت نورثكوم وهي الجزء من الجيش الامريكي المسؤول عن حماية الاراضي والبحار والاجواء في الولاياتالمتحدة بعد هجمات سبتمبر التي نفذت باستخدام طائرات مخطوفة وأصبحت تعمل بكل طاقتها بعد عامين في 11 سبتمبر عام 2003. ويدعم مركز تشيين ماونتين مهمته باستخدام الاقمار الصناعية وأجهزة استشعار أخرى ذات تقنية عالية بحجم كرة التنس لمراقبة الفضاء والسماء تجنبا للتهديدات المحتملة. وتأخذ نوراد التي تتعاون تعاونا وثيقا مع نورثكوم هذه المعلومات لتحذير حكومتي الولاياتالمتحدة وكندا وتحاول اعتراض التهديدات أو تدميرها اذا اقتضى الامر. ويمتزج الجبل المقام به المركز من الخارج بسلاسة مع البيئة ليخفي المجمع عالي التقنية داخل أحضانه. ومتى تتجاوز الابواب المصنوعة من 25 طنا من الصلب الى داخل الموقع تجد مجموعة من الغرف والانفاق في طرق متعرجة عبر الجرانيت. وثبتت المباني في الجبل باستخدام 115 الف مسمار وترتكز على نحو 1300 زنبرك تحمي المنشأة من التضرر اذا حدث زلزال أو هز صاروخ الارض. وفي الوقت الذي تراقب فيه القوات في تشيين ماونتين التهديدات المحتملة يقوم المحللون الاستخباراتيون في نورثكوم ونوراد في قاعدة بيترسون الجوية القريبة باضافة المعلومات المختلفة الى البيانات التي تمدهم بها وكالات اتحادية أخرى لتكوين صورة شاملة لأي خطر قد يلوح في الافق. وقال مدير الاستخبارات في نورثكوم ونوراد وهويته سرية للغاية حيث اكتفى بذكر أن اسمه مايك: هدفنا هو التوصيل بين النقاط... حتى نكون صورة واضحة للتهديد... حماية أراضينا مسألة أساسية. وكانت لجنة التحقيق في هجمات 11 سبتمبر التي كلفت بالتحقيق في اكبر اخفاق استخباراتي في تاريخ الولاياتالمتحدة قد أفادت بأن عدم القدرة على التوصيل بين النقاط كان أحد العوامل الاساسية التي سمحت بوقوع الهجمات. كما ذكرت اللجنة أن الاضطراب وسوء التنسيق بين نوراد وادارة الطيران الاتحادي المدنية كانا من بين الاسباب قائلة انهما لم تكونا مستعدتين للتعامل مع هجوم مثل هذا. وفي 11 سبتمبر عام 2001 لم يصل الامر باسقاط الطائرات المخطوفة الى المقاتلات المستعدة حتى تحطمت آخر الطائرات التي استخدمت في الهجوم. وقال مسؤولو الجيش ان هذه المخاوف تمت معالجتها الان. ويعمل مسؤولو ادارة الطيران الاتحادي جنبا الى جنب مع نظرائهم في تشيين ماونتين. وقال الجنرال رالف ايبرهارت قائد قيادتي نورثكوم ونوراد انه وضعت الان اجراءات لضمان أن تتمكن الطائرات المقاتلة من التخلص من الطائرة التي تشكل تهديدا في الوقت المناسب للمساعدة في تجنب وقوع مأساة أخرى. وأضاف انه منذ هجمات عام 2001 استدعت نوراد مقاتلات نحو 1600 مرة للتحقق من انحراف طائرات عن مسارها في الجو غير أنه لم يتبين أن أيا منها يشكل تهديدا حقيقيا. وقال ايبرهارت الذي قام بثلاثمائة مهمة جوية قتالية في فيتنام ويتقاعد في نوفمبر ان قرار تدمير طائرة تجارية لن يؤخذ باستخفاف ابدا وان أي شخص يسمح بحدوث هذا أو يتسبب في حدوثه سيحاسب حسابا عسيرا. وتابع قائلا: لكننا مستعدون للقيام بهذا لاننا نعلم أننا ان لم نقم به فعلى الارجح سيموت المئات وربما الآلاف على الارض ايضا.