قال خبراء ان ارتفاع أسعار النفط الذي يغذيه توتر متزايد مرتبط بالإنتاج جاء نتيجة تراجع استثمارات الشركات النفطية ومنتجي الذهب الأسود الذين يواجهون صعوبة في تلبية الطلب على حد تعبيرهم. وبما ان القدرات الإنتاجية محدودة، أدت المخاوف من اضطراب العرض في العراق وفنزويلا وروسيا الى رفع الأسعار الى مستويات قاربت الخمسين دولارا للبرميل الواحد في نيويورك. وفوجئت المجموعات النفطية وكذلك المنتجون بمدى نمو العرض خصوصا في الصين. وقال روبرت سكينر مدير مجموعة دراسات الطاقة اوكسفورد انستيتيوت فور اينيرجي ستاديز ان نقص الاستثمار عاد للظهور. وبعد فترة طويلة من الحد من الاستثمار، أصبحت الشركات النفطية الكبرى مستعدة من جديد للاستثمار، لكن سكينر أوضح ان هذه المجموعات تجري وراء نفط صعب جدا ومكلف جدا من ناحية استثماره ، مثل الحقول الموجودة في أعماق المياه في غرب افريقيا او خليج المكسيك. اما المحلل في مصرف باركليز بول هورسنيل فقد رأى ان نقص الاستثمار في التسعينات أدى الى عرقلة الإنتاج والتكرير والاستخراج والقدرات الإدارية. ودفع هبوط الأسعار في التسعينات التي شهدت تراجعا الى عشرة دولارات في سعر البرميل في عام 1998، الشركات النفطية الى خفض نفقاتها ومضاعفة عمليات الاندماج وشراء الحصص مما ادى الى تغيير في ثقافة وبنية الصناعة النفطية. واوضح ان عددا كبيرا من الشركات النفطية تخلص من المهندسين وعلماء الجيولوجيا الذين يديرون عادة المجموعات في مراحل التوسع ونمو الاستثمارات لتوظف محاسبين ومحامين ومتخصصين في الشؤون المالية، لكن هورسنيل رأى ان نقص استثمارات الشركات النفطية مفهوم نظرا لتراجع ارباحها في تلك الفترة. وقال ان الاسواق كانت تؤمن لهذه الشركات أرباحا على الاستثمار نسبتها واحد بالمائة فقط للتكرير في الولاياتالمتحدة في التسعينات. هذا يجعل الاستثمار في هذه الصناعة غير ممكن، مشيرا إلى أن هناك نقصا خطيرا في قدرات التكرير في الولاياتالمتحدة. وعبرت الدول المنتجة خصوصا الأعضاء في منظمة الدول المصدرة للنفط (اوبك) عن تحفظات على اعادة استثمار عائداتها النفطية في استغلال النفط مفضلة استخدام هذه الاموال لتمويل ميزانياتها. وقال محمد علي زيني المحلل في مركز الدراسات سنتر فور غلوبل اينيرجي ستاديز انه بالنسبة لأعضاء أوبك من الصعب ايجاد قدرات انتاجية اضافية بدون استخدام هذه الاموال. واشار وزير الطاقة الجزائري الاسبق الصادق بوسنة الذي كان رئيسا لاوبك، اخيرا ان قدرة المنظمة على الانتاج لم تتغير منذ ثلاثين عاما. وقال ان اوبك كانت تتمتع بقدرة انتاجية تبلغ 31 مليون برميل يوميا في الازمة النفطية الاولى في عام 1973، مؤكدا ان هذا يعني انه لم توظف استثمارات كافية رغم توافر احتياطيات نفطية وهذه الاحتياطيات كبيرة الى درجة تسمح بتغطية الطلب لعقود مقبلة. وقال زيني ان ارتفاع اسعار النفط الى مستويات قياسية يؤمن للشركات النفطية والدول المنتجة مبالغ كبيرة يمكن استثمارها في التنقيب لكن نتائج هذه العملية لن تظهر قريبا.