رغم ان البريد الالكتروني حل محل التليفون والرسائل والفاكس ووفر كثيرا من الوقت وشكل همزة الوصل الجديدة بدلا من وسائل الاتصال التقليدية التي اوشكت على الاختفاء الا ان الكثير منا مازال يصر على استخدام الوسائل التقليدية في التواصل. ورغم قناعتنا بعدم فاعلية تلك الوسائل التقليدية في الوقت الحاضر، وعدم توافقها مع الوسائل التكنولوجية الحديثة الا ان هناك شعورا يمتد ليشمل الخوف التام من استخدامها. فما السبب يا ترى؟ هل فعلا علاقتنا بالتقنية واستخداماتها علاقة جفاء؟ هل تلك التقنية وعجزنا في التأقلم معها سبيا الكثير من الشك وعدم الثقة والخوف من منتجاتها؟ قد يكون من الصعوبة بمكان ايجاد اجابات محددة لتلك الاسئلة، ولكن ما هو ليس صعبا معرفة هل التقنية فعلا لا يمكن استيعابها ام ان المجتمع فرض علينا واقعا جعل من استخدام التقنية شبحا يلازمنا في اي وقت وزرع فينا الخوف من استخدامها. وقد يكون من تلك الاسباب اننا لم نساهم في الخيال العلمي سواء بشكل مباشر او غير مباشر والذي قدم لنا كل المنتجات التقنية السهلة التي نستخدمها اليوم سواء برغبتنا او مكرهين عليها. لا يجب علينا ان نخجل من عدم مشاركتنا في بعض الادوات والوسائل خاصة ذات التقنية العالية التي نستخدمها ولو حتى بالتفكير لان هذا هو الواقع وهو الذي جعلنا لا نتوقع وجودها بيننا اصلا، او تداخلها مع حياتنا اليومية بشكل صارخ. لذلك، ومع هذا الوضع المحزن اصبحنا نواجهها اي التقنية الحديثة بشيء من الدهشة، مما جعل ردود افعالنا تجاهها متباينة بين القبول والرفض، لذلك اصبح خيالنا لا يسعفنا كثيرا في استيعابها، مما اوجد شعورا بالجفاء تجاهها. ولعجزنا التام في التعامل معها، نرفضها كاجراء حذري وقائي كمن يدخل مطعما ولا يخاطر بطلب وجبة لا يعرفها ويتورط فيها. واحيانا نرفض تلك المنتجات بحجة اثارها السلبية على ثقافتنا وعلى صحتنا وصحة ابنائنا وبناتنا كستار نختبئ وراءه، لنجعل لانفسنا عذرا من عدم استخدامها. وتدريجيا نبدأ في التكيف مع تلك المنتجات ونتصالح معها ونبدأ في استخدامها بعد اكتشاف مميزاتها. لكن المشكلة انه في الغالب ما ان نبدأ التكيف مع تلك المنتجات الا ويضخ (الخواجات) منتجات اكثر تقدما من الناحية التقنية والله يعيننا على استيعابها وكم من الوقت يستغرق للتعايش والتكيف معها. لقد اصبح التقدم الهائل في وسائل استخدام التقنية الحديثة سمة من سمات العصر او ما يسمى بالاقتصاد او اقتصاديات المستهلك. كيف يمكن اذن ان نتغلب على هذه الفجوة التقنية التي ربما تقاس بعشرات السنين بيننا وبين الدول المصدرة لتلك التقنيات؟ في رأيي يجب اولا ان نتعلم لكي نستطيع لا اقول ان ننافس فهذا من سابع المستحيلات فهم اسس التقنية الحديثة وكيفية بنائها. لقد توافر امامنا الكثير من السبل للتعلم عما كنا عليه في السابق مثل الانترنت والتجارة الالكترونية والامكانيات الهائلة لشبكة الاتصالات العالمية. ورغم انتشار (الانترنت) بين العامة وتشكيلها عند بعضهم حالات اقرب ما توصف بالادمان ووصول بعضهم الى مراحل متأخرة ومستعصية صعبة العلاج، فليسأل هل الوقت الذي نستغرقه على الانترنت مثلا يستفاد منه بالشكل المطلوب؟ كم نصيب الوقت الذي يقضيه شبابنا على الانترنت للتعلم وكم نصيب استخدامهم للملهيات مثل برامج المحادثة (CHAT)؟ لا اعتقد ان احدا منكم اعزائي يريد ان يعرف الاجابة لانها مخجلة ومخجلة بكل ما تحمله تلك الكلمة من معنى. اذن الحل يكمن في التعليم المنهجي، اذ يجب التوسع في كليات التقنية ولكن ليس بنفس مستوى كليات التقنية الموجودة لدينا، فمستواها بعيد كل البعد عن اسمها. فكليات التقنية التي اقصدها كلايت يدرس فيها طلاب موهوبون كل حسب ميوله باستخدام احدث وسائل التقنية حتى يمكن ان نحصل على علماء يمكن ان يستفيد منهم المجتمع، لعلهم يخففون علينا رهبتنا من التقنية واستخداماتها ولربما يصلون حبل الوصال المقطوع بيننا وبين التقنية الحديثة. ولا يفوتني ان انوه بضرورة الاستثمار في التقنية الحديثة وكذلك الانفاق على البحث والتطوير لأهميتها الكبرى. فلنتذكر جميعا تجربة ماليزيا التي تبنت نظرية 20/20. ومن لا يعرف ماهية نظرية 20/20 فليسأل رجل الشارع الماليزي عنها، وسينبهر تماما بما تعني. * مستشار مالي واداري - عضو الجمعية السعودية للإدارة