مثل مجتمعاتنا لا تلام ان اصابتها حمى الفواكه اجمع وان اجتاحتها الفضائيات ومخلوقاتها. مجتمعات اعتادت على سياسة الردع والنقد دون الرجوع الى اصول واسباب المشكلة. فأمة لم تعتد الفرح لن تلام ان تراقصت فرحا على اي دندنة. ومجتمعات اعتادت الزجر والمنع من كل شيء دون ايجاد بدائل واسباب، وطاقات شبابية مهدرة، وفقر عاطفي مدقع، وشعوب استهلكت كل صور الدم والعنف، ومستوى درجات احساس تصل الى ما تحت الصفر. كلها كتلة سموم اصابتنا بالوهن لنلقى انفسنا نتراقص على انغام الالم في خلايانا. لماذا اعتدنا على التوبيخ دون الرجوع لأصل السبب، ففي عصر انفتحت فيه ابواب الثقافات مع النفايات على مصراعيها دون حدود وفي زمن اصبح فيه الاطفال يدربون اباءهم على استخدام التكنولوجيا المعاصرة لا يمكننا ان نوقف نزيف الخلل دون معرفة اصل المسبب الحقيقي وراء ذلك. فاين الحل والارهاب داخل بيوتنا والعلاقات متردية بين افراد الاسرة الواحدة وابناء المجتمع الواحد ولم نفكر يوما في ايجاد حل جذري يلهي مجتمعاتنا عن هذا الانسياق. فابناؤنا ونساؤنا ورجالنا وكبارنا يبحثون عن الفرح امام شاشات التلفزة. فهل يقتنعون بالممنوعات وهم يستنزفون ساعات يومهم في اللاشيء او في خوض مسائل الجد اليومية. وان تصورنا للحظات وقوع ذلك النقد في انفسهم فاين البديل، وان انعدم ذلك البديل فستكون تصرفاتهم امام الغير صورية بحيث يخفون ممارساتهم عن عيون الرقباء، وهذا مالا نريده وهو ان يمارسوا ملهياتهم في الخفاء. وقد عرف عن العرب انهم اكثر الشعوب تأثرا وعاطفية فلما لا نستغلها في امور ايجابية بدلا من تمثيل ادوار النقاد. ولا اظن ان مستوى هبوط تلك الأغنية تعدى حدود من سواها فليس هناك اي جديد في الامر حتى استأهلت كل هذا الهجوم ولا تختلف عن اداء بعض فناني الخليج من استخدام عناصر نسائية فلا جديد الا اختلاف النجاحات (والاوزان) ولكن نجاحها جاء في فترة ركود واكتئاب وتميز من فن عراقي غائب عن الساحة وهذه الاغنية من ازمات الظواهر، فما حورب مسبقا غاب الان وما يحارب الان سيغيب بعد فترة ويأتي غيره فهلا ننظر لحلول منطقية ذات هدف ابعد فسياسات الردع غير المجدية لم تعد ناجعة في عصرنا هذا على الاطلاق ولم تعد حلا البتة ولكننا نحتاج الى وعي اعلامي كبير شبيه (بأقم صلاتك) وايجاد ما يعوض نقص الفرح لدينا من كل النواحي، واشباع العاطفة الكامنة لدى شعوبنا التي تحتاج الى كم اكبر من العاطفة المفتقدة التي تحتاج الى تدفئة من حين لاخر والتوجيه المبني على اساس، كما تحتاج علاقاتنا الى مراجعة وألا نتخاذل عن النهضة بمجتمعنا. ولنبحث عن تحقيق التوازن بين متطلبات النفس والعقل والدين بصورة سليمة حيث لا يسعنا ايقاف ذلك السيل بالكبت والخوف بل بدراسة وروية. وان نعاود تحليل ثقافة العيب التي اثرت سلبا على شخصيات مجتمعاتنا حتى نخرج بقناعاتهم، وتصحيح البوصلة لتكون في مسارها الصحيح، فلا جدوى من فرض عقوبات دون مناقشة الاسباب والدوافع في عصر لم يعد الشباب فيه محور الحديث بل كافة شرائح المجتمع من كبار وصغار في امة تبحث عن السعادة كمتنفس بأي صورة كانت في هذا الزمن، زمن الاكتئاب.