الإنسان جوهر وروح يتجاوب مع الأحداث فيرق للضعيف ويألم للحزين ويحنو على المسكين. ويمد يده للملهوف ، ينفر من الايذاء، وينبو عن الجريمة، ويصبح مصدر خير وسلام لمن حوله .. فيا ترى من هو هذا الإنسان ؟ إنه الإنسان الذي تعمق الإيمان في قلبه، وسكن جسده ورأى نور الله أمامه وخلفه وفي جميع جهاته آثر آخرته على دنياه يملك الدنيا ولا تملكه، حصيف راشد، لبيب حاذق إذا داهمه خطر أو نزلت به محنة التجأ إلى الله الخالق الباريء المصور، فهانت مصيبته وزالت محنته وتملك أمره ايمان بالله وتصديق بقضائه وقدره ... فهو المؤمن الواثق بربه في سرائه وضرائه بعزم لا يخور وهمة لا تنثني ودافع لا يتوقف، فهو كالذهب الأصيل لا تزيده النار إلا نقاء وصفاء يتلقى قضاء الله وقدره بالرضا والتسليم إنه اليقين الصادق يقول أحد العلماء (إن إحساس المؤمن بحفظ الله له وأنه يستمع إليه إذا شكا ويجيبه إذا دعا ويأخذ بيده إذا كبا، ويمده إذا ضعف، ويعينه إذا احتاج يملأ النفس سكينة وراحة ويخلق فيه القوة والعزم والثقة بالله والرضا عنه. قال تعالى: ( أمن يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء) وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (عجباً لأمر المؤمن إن أمره كله خير وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن إن أصابته سراء شكر فكان خيراً له وإن اصابته ضراء صبر فكان خيراً له ). فالمؤمن إذا اصابة الضر لا ييأس ولا يحزن ولا يخاف ويتخلى عن قيمه ومبادئه بل يكون ثابت الإيمان، مستقر العقيدة ويعلم أن سنة الله في خلقه ألا يديم عليهم الضر بل يكشفه عن عباده قال تعالى: (سيجعل الله بعد عسر يسرا) وقال تعالى (إن مع العسر يسرا) ويقول بعض العلماء من ذلك (أن اليسر لا ينتظر العسر ولكنه مصاحب له وبهذا تقول قدر الله ولطف) . فالإيمان بالله هو الأمن والأمان والرضا والاطمئنان قال تعالى: (الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم أولئك لهم الأمن وهم مهتدون) . فدع قلبك يسكن وروحك تنشط وتوكل على الله فالأنبياء ابتلوا فكان الرضا قائدهم، وامتحنوا فكان الصبر رائدهم فالله مع المؤمنين في كل زمان ومكان وعند كل محنة وفي كل شده فنبي الله موسى عليه السلام حينما احدق به الخطر قال: (إن معى ربي سيهدين) والمصطفى صلى الله عليه وسلم قال: ( يا أبا بكر ما ظنك باثنين الله ثالثهما) وكل محنة مهما كبرت فلابد أن تصغر في عين المؤمن فإيمانه يرفعه أمام كل حدث وخطب .. فوجود المؤمن في رحاب الله وكنفه مؤمنا بقضائه وقدره راضيا بحكمه مطمئن النفس معلقاً الآمال بالله لا خوف إذن ولا فزع ولا جزع .. إن أمر المؤمن كله خير . @ علي صالح السنني