تفضل الله علينا بنعمه وأكرمنا بعظيم عطائه ومنحنا شرف خدمة الحجيج وضيوف بيته العتيق ونحن في المملكة العربية السعودية "قيادة وشعبا " جعلنا أداء الأمانة نصب أعيننا وبذلنا كل ما بوسعنا لراحة المسلمين وتوفير سبل الطمأنينة والسلامة لهم منذ وصولهم إلى بلادنا الحبيبة وحتى مغادرتهم إلى أوطانهم سالمين غانمين .. فهنيئا للجميع بنجاح موسم حج هذا العام ومزيد من التألق في الأعوام القادمة بإذنه تعالى والحمد لله على كل حال. فالأحداث المأساوية التي صاحبت هطول الأمطار في منطقة مكةالمكرمة وفي توقيت الحج و كافة الأجهزة المتعلقة بخدمة الحج والحجيج على أتم الاستعداد لاستقبال قاصدي البيت الحرام والمشاعر المقدسة لأداء فريضة الحج ... تقودنا إلى التفكر والتأمل في ملكوت الله عز وجل وقدرته العظيمة ورحمته الواسعة في تسيير الأمور وتسخيرها قال رسول الله صلى الله عليه وسلم" عجبا لأمر المؤمن إن أمره كله خير وليس ذاك لأحد إلا للمؤمن إن أصابته سراء شكر فكان خيراً له وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له" رواه مسلم فالمؤمن في كلتا الحالتين على خير من الله سبحانه فإن أصابته نعمة ورخاء شكر وإن أصابته ضراء ومصيبة صبر فلا سخط ولا عدم رضا فهو مأجور في الرخاء والشدة وفي النعمة والبلاء لتظل كلمة " الحمد لله " على كل لسان إن رضا المؤمن بقضاء الله وقدره في الأمرين يدل على قوة إيمان المرء وحسن تدبيره وعمله لأخرته .. فالضراء فيها امتحان للصبر على أقدار الله وانتظار الفرج منه واحتساب الأجر عليه وهذا كله خير وبه ينال أجر الصابرين . وإن أصابته سراء من نعمة كالعلم والعمل الصالح والمال والبنون، ويكون الخير له في نعمتي الدين الدنيا وبالشكر لله تعالى ينال أجر الشاكرين. في موسم حج هذا العام كان لحجاج بيت الله الحرام نعمة الدنيا بالسراء والعودة إلى أهاليهم وأوطانهم بالصحة والسلامة بعد أداء مناسكهم ، ونعمة الدين بالشكر لله في قضائه لأمورهم وتيسيره لحجهم و قبول أعمالهم وغفران ذنوبهم ، في حين صبر أخوانهم المتضررين من السيول وحمدهم لله على عظم الابتلاء.. هذه حال المؤمن فهو علي خير، سواء في السراء والضراء. فمن لم يصبر- والعياذ بالله- إن أصابته الضراء تضجر من القضاء وسخط من القدر ودعا بالويل والثبور، وسب الدهر والزمن وندب حظه ودعا على السيول ، فهو في غفلة تستوجب يقظة القلب وتعديل المسار والعودة إلى طريق الإيمان والصبر والاحتساب وتفويض الأمر إلى الخالق الوهاب .. فإن يمسسك الله بضر فلا كاشف له إلا هو، وإن يردك بخير فلا راد لفضله قطر: اللهم قدر لنا الخير حيث كان ثم رضنا به وحسبنا الله ونعم الوكيل.