أعلنت النيابة الاميركية، أمس الثلاثاء من ألمانيا، انها ستوجه التهم للعديد من الضباط الاميركيين الكبار بشأن ممارسة التعذيب بحق معتقلين عراقيين في سجن ابو غريب في حين تحاول تحديد مسؤولية الكولونيل ستيفن جوردن والكولونيل (توماس) باباس. وقال المدعي في الجلسة التمهيدية التي مثل خلالها المتهمون الاربعة امام المحكمة العسكرية في قاعدة مانهايم العسكرية بألمانيا، ان التهم ستوجه قريبا لعناصر من الاستخبارات كانوا يديرون سجن ابو غريب وهم معروفون باسمي كرول وكروز. وفي المجموع قد يستهدف القضاء العسكري الاميركي في اطار قضية ممارسة التعذيب في حق معتقلين في سجن ابو غريب التي انكشفت خلال الربيع الماضي بعد نشر صور شاهدها العالم اجمع تظهر فيها مشاهد مهينة مثل معتقلين عراة ومكبلين او يتعرضون الى التخويف بالكلاب، اضافة الى شهادات تشير الى وقوع أعمال اغتصاب وأفعال فاحشة. وهزت هذه الصور التي كشفتها الصحف الاميركية ادارة الرئيس الاميركي جورج بوش التي دانتها الدول الاسلامية بشكل خاص. وجاء إعلان النيابة في حين تستعد لجنة التحقيق حول سوء المعاملة في سجن ابو غريب لرفع تقريرها لوزير الدفاع دونالد رامسفلد، قالت عن الصحف الاميركية انه يوجه اصابع الاتهام جزئيا الى القيادة الاميركية. وجاء اعلان النيابة الاميركية بعيد إقرار الجندي الاميركي السرجنت ايفان فريدرك (37 سنة) بذنبه معترفا بعدد من الاتهامات التي وجهت اليه كما أعلن محاميه غاري مايرز في قاعدة مانهايم. وقال ان موكله لن يدان في مقابل اعترافاته ببعض الاتهامات الاخرى. وقال مايرز ان السرجنت وافق، خلافا لكثيرين آخرين، على الإقرار بالمسؤولية الناجمة عن ممارسات الفساد في ابو غريب مضيفا خلال جلسة تمهيدية قبل المثول امام المحكمة العسكرية ان بعض الاتهامات حذفت واخرى بقيت وخلص الى القول سيبرئ من بعض الاتهامات. ويخضع السرجنت حاليا لملاحقات بتهمة ممارسة اعمال مشينة والتقصير بالقيام بالواجب والاعتداء على الغير وارتكاب اعمال فاحشة. وقد نقلت الجلسة التمهيدية التي كان مقررا ان تفتتح في بغداد، الى قاعدة مانهايم الاميركية في المانيا تحت ذريعة ضمان سلامة الشهود والمحامين. وساء موقف فريق الدفاع عن جندي أمريكي آخر متهم بإساءة معاملة نزلاء أبي غريب بالعراق، أمس الثلاثاء، بعد أن رفض قاض عسكري أمريكي طلبين قدمهما المحامون أحدهما باستدعاء وزير الدفاع الامريكي دونالد رامسفيلد للادلاء بشهادته. وقدم الطلب فريق الدفاع عن سرجنت جافال ديفيس وهو أحد أربعة متهمين عقدت جلسات استماع أمام هيئة قضائية تابعة للجيش الامريكي في قاعدة تيلور العسكرية بمدينة مانهايم الالمانية لتحديد ما إذا كان يتعين تقديمهم للمحاكمة ام لا؟ كما رفض القاضي جيمس بوهل طلبا آخر للمحامين باستبعاد شهادة مكتوبة لموكلهم بسبب خطأ شاب الاجراءات. وأشار بول بيرجرين المحامي المدني الذي يرأس فريق الدفاع عن ديفيس إلى وجود صلة مباشرة بين مذكرة أصدرها رامسفيلد في تشرين الثاني نوفمبر عام 2002 بشأن تشديد أساليب الاستجواب في معتقل خليج جوانتانامو وإساءة معاملة السجناء في أبو غريب التي بدأت بعد ذلك الوقت بنحو عام. وأضاف أن المسألة تنطوي على أكثر من مصادفة وأن المسئولية عن إساءة معاملة السجناء في أبو غريب لا يمكن أن تنسب إلى سبعة جنود مارقين فحسب وأن لها صلات بأعلى مستويات الحكومة الامريكية. وقال: يتعين أن نستجوب رامسفيلد فقد تكون تصريحاته السبب في الاتهامات الموجهة في هذه القضية. لكن القاضي بوهل ذكر لدى رفض الطلب أن الدفاع لم يقدم أدلة كافية لإثبات الصلة التي أكدها بيرجرين. يذكر أن رامسفيلد هو ثاني مسئول عالي المستوى في الادارة الامريكية التي يطلب فيها شهادته في قضية التعذيب في سجن أبو غريب. ففي جلسات الاستماع ما قبل محاكمة المجندة ليندي انجلاند في قاعدة فورت براج بولاية نورث كالورينا قدم محاموها التماسا يطلبون فيه شهادة نائب الرئيس الامريكي ديك تشيني. وقالت القاضية في جلسة الاستماع الكولونيل دينيس أرن إنها ستدرس الطلب. واعتبر تقرير حول عمليات التعذيب في سجن ابو غريب أعدته لجنة خاصة بناء على طلب وزير الدفاع الاميركي ونشر أمس ان ليس هناك ما يشير الى ان مسؤولين عسكريين كبارا شجعوا سياسة التجاوزات في سجن ابو غريب في العاصمة العراقية. واوضح التقرير الذي كان وزير الدفاع السابق جيمس شليسنغر احد واضعيه ان عمليات التعذيب في هذا السجن التي ارتكبت بين تشرين الاول اكتوبر وكانون الاول ديسمبر 2003 تعكس في الوقت نفسه انحرافا في السلوك وفشلا للقيادة العسكرية وللانضباط. واضاف ان التجاوزات ليست مجرد عمل قام به بعض الافراد ممن لم يطبقوا القواعد المتعارف عليها وهي اكبر من مجرد فشل لبعض القياديين في فرض احترام القانون. وعلق شليسنغر في مؤتمر صحافي عقد لإعلان التقرير في البنتاغون ان الفوضى هي التي كانت سائدة في السجن الذي قال انه كان يتعرض بشكل منتظم للقصف وان عدد الحراس فيه كان غير كاف قياسا الى عدد المعتقلين. وقال الوزير السابق في غوانتانامو الذي يمكن اعتباره نموذجا هناك حارس لكل معتقل لكن النسبة في ابو غريب كما اضاف كانت حارسا واحدا لكل خمسة وسبعين معتقلا. واضاف شليسنغر ان الشرطة العسكرية لم تكن مدربة بما فيه الكفاية للاشراف على عمليات اعتقال وان الجنود لم يكونوا يصلون الى السجن مع كامل وحدتهم الامر الذي اضر بروح التضامن لدى المجموعة وبالانضباط. واشار التقرير ايضا الى ان هناك 300 حالة تجاوز حاليا تتناولها التحقيقات في كل من العراق وافغانستان وغوانتانامو موضحا ان هذا العدد يعتبر قليلا نسبيا قياسا الى عدد المعتقلين الذي يبلغ 50 الفا ممن تم توقيفهم في الحرب على الارهاب التي تخوضها الولاياتالمتحدة.