الروس الذين يديرون القاعدة الفضائية التي بناها السوفيات والتي انطلق منها أول انسان الى الفضاء كانوا يسخرون من الكازاخيين المحليين ويقولن انهم لا يصلحون للصعود معهم الى السماء. واليوم لم يعد الكازاخيون موضع أي تنكيت. فالاقتصاد المزدهر عبأ خزانتهم بالدولارات النفطية وأخذت هذه الأمة الآسيوية الوسطى تسعى الى تحقيق أحلامها الفضائية الخاصة. ويخطط الكازاخيون بالقيام برحلات استكشاف فضائية وبتعزيز تواجدهم في (بايكونور)التي لا تزال القاعدة الروسية الرئيسية لإطلاق الرحلات الفضائية المأهولة. وقد كانت القاعدة المقامة في البوادي الكازاخية الغربية الموقع التاريخي الذي أطلق منه أول قمر اصطناعي يدور حول الأرض والرائد الفضائي الأول يوري غاغارين. واكتسبت قاعدة بايكونور أهمية اضافية منذ تجميد الرحلات الفضائية المكوكية الامريكية في السنة الماضية في أعقاب كارثة تحطم المكوك كولومبيا، فأصبحت البوابة الوحيدة المؤدية الى المحطة الفضائية الدولية. ورغم انهيار الاتحاد السوفياتي في نهاية العام 1991 استمرت روسيا في استعمال قاعدة بايكونور التي تعتبر أكبر مجمع فضائي في العالم وهي تعمل كجالية روسية معزولة في البلد. ولكن الكازاخيين لا يريدون أن يلعبوا دور المؤجر بعد الآن. ويقول وزير خارجية كازاخستان (كاظمجومارت توكاييف): لم يعد دور صاحب الملك يكفينا. وقد اتسمت المحادثات مع الأسياد الروس السابقين بعد استقلال كازاخستان بالتوتر حول استعمال قاعدة بايكونور. وفي النهاية تم الاتفاق في العام 1994 على عقد ايجار ينص على أن تدفع روسيا بموجبه 115 مليون دولار سنويا لكازاخستان. ولم يكن أي من الطرفين راضيا عن هذا الاتفاق. فالكازخيون طالبوا بالمزيد فيما قال البعض في المؤسسة العسكرية انهم يفضلون الخروج من كازاخستان بدلامن دفع أي شيء. وعندما حان موعد تجديد عقد الايجار في شهر كانون الثاني الماضي، تجادل الطرفان مرة أخرى. ومع ذلك اتفقا على تمديد التأجير حتى نهاية العام 2080 بنفس المبلغ ولكن بإضافة بند ينص على السماح لكازاخستان بالمشاركة في المشاريع الفضائية في المستقبل. ويقول ارغازي نورغالييف الممثل الخاص للرئيس الكازاخي نور سلطان نازارباييف في بايكونور: اننا محظوظون لكوننا قاعدة فضائية. وانه لمن الاحباط وعدم الانصاف ألا نستعملها. وتنوي كازاخستان أن تطلق قمرا اصطناعيا خاصا للاتصالات الى المدار، مقابل مبلغ 65 مليون دولار سيدفع للروس لتصميمه وصنعه واطلاقه. وينصرف الكازاخيون أيضا الى فريقهم الخاص من رواد الفضاء، حيث يجري تدريب ايدن ايمابيتوف ومختار ايماخانوف منذ حوالي السنة في مركز الروسي لتدريب رواد الفضاء. ومن المقرر أن يتم اطلاق أحدهما في العام 2006. كما اتفق الكازاخيون والروس على مشروع مشترك لبناء مجمع اطلاق جديد لمركبة (انغارا) الأكثر صداقة للبيئة كبديل لصاروخ سويوز الدافع المستعمل حاليا. وسيتقاسم الطرفان بالتساوي تكاليف المشروع البالغة 400 مليون دولار. ومع ذلك، يشكو الكازاخيون المقيمون في مجمع بايكونور نفسه أن الروس لا يزالون مسيطرون ويقولون انه من الصعب الحصول على تصاريح اقامة تسمح لهم بتعايش والعمل في البلدة، حيث تسير الشرطة الروسية دوريات وتقيم حواجز الطرق، وحيث تقبل المتاجر التعامل بالعملتين الروسية والكازاخية. ويبدي المسؤولون الفضائيون الكازاخيون تقاؤلهم بالنسبة للمستقبل. ويشرف سلطانغازين، رئيس معهد الأبحاث الفضائية الكازاخي على مجموعة من الخبراء مكلفين بوضع برنامج للاختبارات العلمية في الفضاء ستجري للفترة المنتهية في العام 2015. ويقول: هذا ليس مجرد طموح. لقد أصبح الفضاء ميدانا مربحا.