موقف جون كيري مرشح الحزب الديموقراطي المتذبذب لانتخابات الرئاسة الامريكية من الحرب في العراق كالطقس في شيكاغو، حيث يقول المثل الدارج : " اذا لم يرق لك الطقس فانتظر لحظة لأنه سيتغيّرلا محالة ". إن الشيء نفسه ينطبق على موقف جون كيري تجاه العراق الذي أفصح عنه في معرض حديثه للصحفيين. إذ صرّح كيري بأنه كان سيصوت لصالح تخويل الرئيس بوش صلاحية شن الحرب على العراق حتى وإن كان يعلم بخطأ المعلومات الاستخبارية عن أسلحة الدمار الشامل العراقية وبأن صدام حسين لم يعد يمتلك مثل تلك الأسلحة وبعدم وجود أيّ صلة بين صدام وهجمات 11 سبتمبر. إن كيري قال بالحرف الواحد في أثناء زيارته لغراند كانيون: " نعم، كنت سأصوت لتخويل الرئيس تلك الصلاحية" "لأنني كنت اؤمن بأن تلك الصلاحية لازمة لأي رئيس للبلاد" وكان ذلك ردا مباشرا لتحدّ من الرئيس بوش. المهم اننا لسنا فى حاجة الآن لإبلاغ قرائنا بأن الموقف الراهن للمرشح الديمقراطي كيري تجاه العراق يتناقض مع مواقفه السابقة التي ظلت تتأرجح في حدتها بين الخفة والشدّة ، ذلك أن كيري كان إلى عهد قريب قد وصف الحرب في العراق بأنها كانت "غلطة لا تغتفر". إن تلك المواقف ربما تشكل شيئا من المفاجأة لعدد كبير من مؤيدي المرشح كيري. فعلى سبيل المثال أعرب 95 بالمائة من المندوبين للمؤتمر القومي للحزب الديموقراطي الذي انعقد في مدينة بوسطن عن معارضتهم للحرب في العراق. إن استطلاعا للرأي العام أجري فيما بين 19-21 من يوليو أظهر أن 72 بالمائة من الديموقراطيين يعتقدون أنه كان ينبغي على الولاياتالمتحدة ألا تخوض تلك الحرب وبإختصار فإن كيري أصبح الآن واقفا بين نقيضيءن أمام أغلبية الناخبين الديموقراطيين إزاء القضايا الأساسية المطروحة في انتخابات الرئاسة هذا العام. إن كيري قد لا يكون مدركا لما كان يقوله آنذاك ولكن التنازلات التي يُبديها ليس من شأنها سوى أن تجعل لب الانتقادات التي يوجهها الديموقراطيون ضد حكومة الرئيس بوش تأخذ في التآكل. إن كيري الذي لم يرّد على تحدي الرئيس بوش له بتحدّ حاسم مماثل قد عمل على تقويض موقف حزبه الديموقراطي نفسه. ربما كانت لدى الناخبين درجة ما من التفهم لما قاله كيري في سياق خطاب قبوله ترشيح حزبه له من انه كان سيتفادى غزو العراق وحسب بل إنه يسقط من حسابه سياسة الضربة الإجهاضية التي تُعد حجر الأساس لسياسة الرئيس بوش الخارجية. وإذا قُدر لكيري أن ينتخب في نوفمبر المقبل فإنه سيرث مشكلة العراق وسيتعين عليه ان يستوضح طبيعة ما يراه حقيقة تجاه الوضع المتأزم في العراق بعد يوم الانتخابات.