تحذر الدراسات سواء الاقتصادية او الجغرافية او السياسية، من نضوب الموارد الطبيعية وجفافها، والاتساع الوهمي لطبقة الاوزون، واغلب هذه الدراسات او جميعها دراسات غربية او دراسات كتبت بعقلية غربية وذات نزعات علمانية وكلها وراءها اغراض دعائية تلجأ اليها لخدمة مصالحها فقط. وهذه الدراسات تعتمد على القفز من الحاضر المعاش الى المستقبل الغيبي القائم على التخمين والظن.. فهل لهذه الدراسات الغربية اهداف واغراض تريد بها اعاقة خطط التنمية في الدول العربية؟! وهل هذه الدراسات تقوم على التهويل ام على الاساليب العلمية وهل موارد الكرة الارضية وخاصة التي تقع في ارض عربية مهددة بالنضوب فعلاً كما تزعم هذه الدراسات وتظن.. وحول هذا المفهوم كان لنا هذا التحقيق ومن خلال استطلاع اراء الخبراء والمتخصصين. في البداية يقول الدكتور محمد عبد الحليم عمر مدير مركز صالح كامل للاقتصاد الاسلامي ان قضية المستقبل المظلم الذي يبشر به بعض العلماء ممثلاً في نضوب موارد الارض كالتصحر وخلافه له جوانب علمية وجوانب ايمانية فالله سبحانه وتعالى حينما خلق الارض خلق الانسان الى يوم النهاية في الدنيا وله ما يكفيه سواء من حيث الكم او من حيث النوع، يقول الله تعالى:"وقدر فيها اقواتها في اربعة ايام سواء للسائلين". فالموارد على اطلاقها كرزق للعباد فهي موجودة، اي لا نستطيع القول ان الله سبحانه وتعالى حينما ينضب مورد لا يعود مورد مكانه ولذلك كانت الموارد المتجددة فالطاقة على سبيل المثال بدأها الانسان من النار ثم الفحم ثم الهواء والريح والبترول والطاقة النووية، فقد خلق الله سبحانه وتعالى كل شيء بحكمة وبقدر، قال تعالى: "إنا كل شيء خلقناه بقدر" الى جانب ان العالم العربي به ما به من موارد لم تستغل بعد فالرزق موجود والموارد موجودة والكنوز تملأ باطن الارض وظاهرها وعلى الانسان ان يسعى لاكتشافها ويحسن استغلالها. ويحذر الدكتور علاء عبد العظيم سليمان بجامعة الازهر من النظرة التشاؤمية عن محدودية الموارد الطبيعية مؤكداً ان البعض يظهرون النظرة التشاؤمية ويركزون تركيزاً كبيراً على محدودية وندرة الموارد الطبيعية زاعمين ان موارد الكرة الارضية مهددة بالنضوب قريباً وان التلوث سيصل الى مستويات لا تمثل وكلا الامرين يشترك في وضع حدود للنمو الاقتصادي لا يمكن تجاوزها دون هلاك البشر، ومن ثم لابد من البدء فوراً من الحد من تزايد عدد السكان على الارض، ومن الهبوط بمعدلات النمو، ولم يكن الموقف من قضية السكان امراً جديداً، فمنذ الخمسينيات والستينيات تقرع طبول الغرب نغمة خطر الانفجار السكاني ويزعمون انه المسؤول الاول عن بؤس العالم العربي وبصفة خاصة العالم النامي والمنذر بخراب الارض مستقبلاً.. ولذلك ظهرت المدارس التي تنادي بتجميد معدلات النمو فوراً وليس ثمة حاجة الى الاطالة في معنى هذا الاتجاه بالنسبة للبلدان العربية فاذا كان المقصود نظرياً والمرغوب فيه احياناً كثيرة تخفيض معدلات الانتاج المادي في الدول الصناعية تأسيساً على ما وصلت اليه تلك الدول من وفرة ملموسة. ويؤكد الدكتور علاء سليمان ان هذه الدعوة هي دعوة للتخلي عن التنمية والرضا بالبؤس الشائع في ربوعها، لذلك يجب التعامل مع هذه الدراسات بوعي وبسلوك وقائي علمي منظم مع الاحتمالات المستقبلية من هذه الاخطار واجراءات علاجية سريعة ومؤثرة اينما وجدت. وعن التبعية ترى الدكتورة اقبال الامير السمالوطي استاذ التخطيط والتنمية ومدير مركز البحوث بمصر في دراستها: اننا لا نبالغ اذا قلنا ان ظاهرة التبعية في البلاد النامية اصبحت الاشكالية المحورية التي تتطلب التأمل الجدي والتفكير العميق اكثر من اي وقت مضى. فلقد اصبح هذا الموضوع مرتبطاً عضوياً بمشاكل اخرى تعاني منها العديد من الدول العربية كالتخلف والصراع الطبقي والارتباط الوثيق بين الاقتصاديات المحيطية واقتصاديات دول المركز. واصبحت العديد من بلدان العالم العربي تنتظر كل شيء من الغرب، من الالات المصنعة الى المواد الاستهلاكية الى القروض والاسلحة.. الى البرامج التعليمية والتثقيفية الى التكنولوجية.. فكأن شعوب هذا العالم ميؤوس منها عالة على المجتمع الدولي تأخذ بدون ان تعطي وتستهلك بدون ان تنتج. وتشير الدكتورة اقبال الامير الى ان التبعية وهي وسيلة سهلة ولكنها غير حقيقية لتحقيق التقدم فالتقدم لا يكون الا بالاعتماد الذاتي ، وعن الهيمنة الغربية على المجتمعات العربية يقول الدكتور اكرام غلاب استاذ تنمية المجتمع والاحصاء بجامعة الازهر،: ان هناك ما يسمى بالامبريالية الاقتصادية والامبريالية الثقافية والامبريالية السياسية والعسكرية وامبريالية الاتصالات هذه الامبرياليات تشكل نوعاً من الهيمنة على المجتمعات النامية وهي شكل ليس بجديد من الاستعمار حيث يرى البعض الامبريالية انها عبارة عن علاقة بين دولة في المركز ودولة في الاطراف، دولة المركز هي الدولة المهيمنة ودولة الاطراف قد تكون احدى الدول النامية حيث نجد انها تقع فريسة لكل هذه الهيمنات وخاصة الهيمنة الثقافية وتقع فريسة للاحباط المعنوي والتنموي، ولا بد من المشاركة بمعناها الحقيقي لتحقيق التنمية. وعن النظرة الفلسفية لهذه القضية يوضح الدكتور فوزي عبد المجيد خليل استاذ الفلسفة النقدية جامعة ايسترن الامريكية سابقاً: ان حقائق التاريخ لا تنكر ان الحضارة الغربية الاوروبية التي صنعت الحضارة الامريكية وهي وليدة الحضارة العربية الاسلامية والتي كان لها سبق الريادة على عالم مظلم، وهي حضارة مبتورة حيث تمركزت حول الاستخدامات العلمية في التصنيع، لان القوة السياسية تصنعها صناعة جيدة كماً وكيفاً. كما ان التاريخ لا ينكر ان احقاد الغرب المستعمر من قبل الحضارة العربية وقت كان هو في ثبات عميق مظلم فظهرت الاحقاد والمطامع منذ فترة الاستعمار بعد تحقيق طفرة العلم والسلاح ونهاية بتصفية الجنس العربي من اوروبا الشرقية والغربية وقتل كل مقومات التنمية وارادة الهوية باشاعة الهوية الكوكبية علماً بأن القوميات الغربية والاسيوية المتطورة تحاول تأكيد ذاتها في كل مجال. ويضيف استاذ الفلسفة النقدية.. نحن لا ننكر محاولات الغرب وامريكا لقتل المشروع الحضاري الاسيوي لتأكيد تفرد النموذج الغربي الاوحد ومحاولات تفنيد القومية العربية تارة باشاعة الفتن والدسائس واخرى باثراء الحمية العربية في التفوق الحضاري المعاصر، وتارة اخرى باستخدام القوة العسكرية واخرى بالحرب الاقتصادية "الحصار". ويرى الدكتور فوزي خليل ان الغرب يملك مقومات تكنولوجية تتيح له فرصة تحقيق الانتاج الغزير كما وكيفاً الذي يفوق حاجة السوق المحلية الغربية ولا بد من تصديره الى دول العالم النامي ومن ثم ركن الفكر العربي الى الجات من خلال مؤسسة عالمية شأن كل المؤسسات التي لا تعمل الا لتحقيق اهداف الغرب الاوروبي والامريكي لايجاد مجال اوسع لتصريف المنتجات في كل اسواق العالم ولتأكيد سيادة نظامها الاقتصادي "الاقتصاد الحر" كواجهة تخفي تحتها الاطماع والتبعية ومن ثم يتم تغذية الاعلام الخاص بها ببث برامج موجهة لدول العالم النامي لقتل ارادة التحدي والقدرة على التغير واحداث التنمية ثم التقدم.. في حين ان كل الدلائل تشير الى ان انتاج العالم العربي يعاني ندرة المواد الخام والموارد الاقتصادية في العالم النامي فما زالت بكراً لضعف تكنولوجيا التنمية وندرة رؤوس الاموال المحلية والاجنبية. الى جانب تحقيق مجموعة وسائل بجانب "الجات" منها "الكوكبة" او "العولمة" وايجاد القرية الكونية المتصلة عن طريق شبكة الاتصالات الفضائية "الغربية" لتحقيق وفرة في المعلومة وتكلفة الانتاج بل سعي الاخر "الدول النامية" من طواعية وتبعية لهم. بالاضافة الى ذلك الترويج الاعلاني للمنتجات الاوروبية والامريكية في كل انحاء العالم بدلاً من البروتوكولات التجارية في ظل سياسة فرض نموذج الاقتصاد الحر وضعف رقابة الدول النامية على سوقها والتحكم في سوق المال واحداث خلل في الميزان التجاري. الى جانب ايضاً تغيير سلوكيات من عادات وتقاليد وقيم اصيلة وصولاً الى اللاهوية واللاقومية معتمدين على القراءة الجيدة النفسية لطبيعة المزاج النفسي والاجتماعي لدول العالم النامي المتعطش. ويختم الدكتور فوزي عبد المجيد خليل كلامه مؤكداً ان موارد العالم العربي ما زالت بكراً وان الاخطار المستقبلية تقتصر على سوء حال الوعي العربي في مواجهة التقدم، وتحقيق هدف الرسالة الموجهة من خوف وتشكك في قدرات الشعوب ومن ثم السير تقليداً للنموذج بالاضافة الى تفتيت الكلمة ووحدتها داخل الشعب الواحد والوطن الواحد والتخلي عن الاصالة التي هي الدرس المستفاد من الماضي لصناعة الحاضر رؤية المستقبل، ومن ثم فالرسالة تحمل الصدق والكذب معاً فهي تعكس في الواقع خوف الغرب من يقظة وتقدم دول العالم العربي وليس العكس، وتأكد الغرب من نضوب مصادر ثرواته الاقتصادية بفعل التقدم العلمي والتكنولوجي في البحث والتنقيب والاستغلال وليست دول العالم البكر. الثروات العربية لم تستغل بعد العرب يملكون اكبر الاحتياطات النفطية