انهت اليونان وعاصمتها اثينا اشهرا من الترقب والحذر والشك حول قدرتها على تنظيم دورة الالعاب الاولمبية الصيفية الخامسة والعشرين، فكانت على الموعد عندما افتتح رئيسها كوستيس ستيفانوبولوس أمس الأول الالعاب رسميا على الملعب الاولمبي امام نحو 70 الف متفرج تقدمهم ملوك ورؤساء دول عدة بالاضافة الى شخصيات رياضية بارزة. وتعتبر الدورات الاولمبية التي تقام مرة كل اربع سنوات اضخم التظاهرات الرياضية على الاطلاق ويتابعها بلايين المشاهدين حول العالم يعيشون مع ابطالها لحظات الفرح والاسى على مدى 17 يوما. وهي المرة الثانية التي تحتضن فيها اليونان الالعاب بعد عام 1896 عندما انبعثت الالعاب الاولمبية الحديثة بفضل جهود المربي الفرنسي بيار دوكوبرتان، كما انها الدورة الاولى في القرن الحادي والعشرين والاولى منذ ان تسلم البلجيكي جاك روغ رئاسة اللجنة الاولمبية الدولية في يوليو عام 2001 من سلفه الماركيز الاسباني خوان انطونيو سامارانش. لكن شتان بين الالعاب قبل 106 اعوام والالعاب الحالية لأن الاولى شهدت مشاركة 295 لاعبا من 13 دولة و3 قارات تنافسوا في 10 العاب و44 مسابقة، في حين ناهز العدد حاليا حوالي 11 الف رياضي ورياضية يتنافسون في 28 لعبة و300 مسابقة بالاضافة الى نحو 6 آلاف اداري ومدرب واكثر من 15 الف اعلامي يغطون الدورة. واتخذت في الالعاب الحالية اجراءات امنية لا مثيل لها بعد احداث الحادي عشر من سبتمبر عام 2001 وحوادث مدريد في 11 مارس الماضي ايضا، وساهمت في هذه الاجراءات اكثر من دولة ومنظمة على رأسها حلف شمال الاطلسي والولايات المتحدة من خلال اسطولها البحري، فوضعا امكاناتهما بتصرف الدول المنظمة التي انفقت مبلغا ضخما قدر بنحو 2ر1 بليون دولار على الناحية الامنية من اصل 3ر7 هي الكلفة الاجمالية للدورة. الافتتاح وكان حفل الافتتاح الذي استمر قرابة ثلاث ساعات ونصف الساعة مائيا بحتا لان الماء يمثل كل شيء بالنسبة الى اليونانيين: السفر والتجارة ومصدر الغذاء والفرح والامل وايضا مصدر امكانية الحياة، كما اعتبر الفيلسوف اليوناني القديم تاليس الماء اول مادة في العالم. وتحول وسط الملعب الاولمبي الى بحر وقدرت كمية المياه بنحو 1ر2 مليون طن عبئت بواسطة خزان ضخم وضع تحت الملعب، واستمرت عملية الضخ ست ساعات لكنه في المقابل احتاج الى 3 دقائق فقط لتصريفها. وغطت المياه مساحة قدرت ب9645 مترا مكعبا. وسرعان ما اضيئت الحلقات الاولمبية الخمس بشهب نارية وسط المياه قبل ان تنطفىء تدريجيا، ثم شقت سفينة وعلى متنها صبي يبلغ العاشرة من العمر يلوح بالعلم اليوناني.وكان المشهد رائعا ومبهرا عندما اضاء شهب ناري الحلقات الاولمبية الخمس من وسط الماء اثر اطفاء جميع الانوار في الملعب. وبدأ دخول الوفود المشاركة، وخلافا للعادة اعتمدت اللجنة الاولمبية الدولية الابجدية بالاحرف اليونانية لخروج وفود الدول الى الملعب بعد ان كان التقليد السائد في الدورات السابقة يعتمد على الابجدية اللاتينية، فكانت سانت لوتشيا اول دولة دخولا واليونان آخرها، اما بالنسبة الى الدول العربية فكانت مصر اولها (6) في حين كان اليمن آخرها (196). ودخل الوفد الاردني حاملا صورة ملكه عبدالله الثاني بن الحسين، تلاه مباشرة الوفد العراقي الذي حياه الجمهور بحرارة وهو الذي يشارك في حين يعاني شعبه ويلات الحرب التي اتت على الحجر والبشر.ودخلت ايران ورفع علمها لاعب الجودو اراش ميريسمايلي بطل العالم في وزن 66 كلغ الذي رفض مواجهة منافسه الاسرائيلي في منافسات دورة الالعاب الاولمبية تعاطفا مع معاناة الشعب الفلسطيني. ودخل الوفد الكويتي الذي ضم العداءة دانا النصرالله التي نالت شرف ان تكون اول رياضية كويتية تشارك في الالعاب الاولمبية، وقد ارتدت لباسا طويلا بألوان علم بلادها. وعلا التصفيق لدى دخول الوفد الفلسطيني، وحملت العداءة سناء ابو بخيت علم بلادها رافعة شارة النصر، في حين حمل اعضاء الوفد السبعة الآخرون في ايديهم اغصان الزيتون التي ترمز الى السلام. ودخلت الكوريتان الجنوبية وجارتها الشمالية معا تحت علم محايد علما بأنهما تجريان حاليا مفاوضات جادة للمشاركة بوفد موحد في الالعاب المقبلة المقررة في الصين عام 2008. يشار الى ان الكوريتين لم توقعا بعد معاهدة سلام منذ الهدنة التي انهت معارك الحرب الكورية (1950-1953). لكنهما بدآ عملية تقارب في قمة تاريخية في العام 2000 وكانت اليونان حسب التقليد آخر الدول خروجا الى ارض الملعب، فكان التصفيق حادا وراح الجمهور يهتف هيلاس هيلاس اي يونان يونان". واستمر طابور عرض الدول المشاركة نحو ساعة و40 دقيقة. العروض المائية جذبت الانظار لقطة من الابهار في حفل الافتتاح