تحول ليل بكين إلى ألسنة من اللهب التي أضاءت سماءه كإعلان عن تدشين دورة الأولمبياد ال 26على أرضية ملعب (عش الطيور) وسط حضور أكثر من 50رئيس دولة تركوا هموم السياسة وجاءوا لمتابعة ودعم الرياضة. ورفع محمد الخويلدي علم المملكة خلال حفل الافتتاح الذي جاء خيالياً من مختلف الجوانب. وتابع الحفل حول العالم جمهور قدر بنحو اربعة مليارات نسمة. وسيرفع الرياضيون المشاركون شعار الالعاب الاولمبية الشهير "الاسرع الاعلى والاقوى" في المنافسات التي سيخوضونها على مدى 16يوما حيث سيتبارون لحصد نحو 900ميدالية منها 302ذهبية في 28لعبة معتمدة رسميا في الالعاب. وتشهد الدورة ايضا مشاركة اكبر عدد من الدول (204) علما بان اللجنة الاولمبية الدولية استبعدت بروناي في اللحظة الاخيرة اليوم الجمعة لعدم تسجيلها اي رياضي من الفئتين. وجاءت كلفة الالعاب باهظة وحققت رقما قياسيا ايضا اذ بلغ ما انفقته الصين نحو 28مليار يورو مقابل 13مليار يورو في اثينا قبل اربع سنوات. وستقام المنافسات في 37منشأة رياضية بينها 31في بكين شيد 12منها خصيصا للحدث. وهي المرة الاولى التي تستضيف فيها الصين الالعاب الاولمبية، فباتت ثالث دولة اسيوية تنال هذا الشرف بعد طوكيو عام 1964وسيول عام 1988.يذكر ان الصين حديثة العهد نسبيا في الالعاب الاولمبية اذ شاركت للمرة الاولى عام 1984في لوس انجليس الاميركية. وجاء حفل الافتتاح استعراضيا وضخما ومليئا بالالوان تناول التاريخ القديم والطويل للامة الصينية وحضارتها التي تمتد 5الاف سنة الى الوراء. وشارك في الحفل الذي تخلله العاب نارية قوامها 29الف مفرقعة، 14الف شخص واستمر ثلاث ساعات باشراف المخرج السينمائي الصيني الشهير تشانغ ييمو الذي رشح لجائزة "أوسكار" عن فيلمه "سر الخناجر الطائرة". وسخر المخرج الحفل لتجسيد الفخر بعظمة بلاده التاريخية وتسليط الضوء على الصين القوة الصاعدة التي تثير اعجابا وقلقا في جميع انحاء العالم. ومنذ انطلاق الشعلة الاولمبية من جبل الاولمب في ضواحي اثينا في اذار (مارس) الماضي، شهدت مسيرتها العديد من التظاهرات حول العالم احتجاجا على حقوق الانسان في الصين واعمال القمع في التيبت. ولم تؤد هذه المشاكل والدعوات الى عدم حضور حفل الافتتاح احتجاجا على سياسات الصين القمعية، الى تقليص الحضور لا بل سجلت رقما قياسيا اذ تابع العرض نحو 90رئيس دولة ابرزهم الاميركي جورج بوش والفرنسي نيكولا ساركوزي بالاضافة الى 160وزيرا وشخصيات رياضية كبيرة امثال رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم جوزف بلاتر والرئيس السابق للجنة الاولمبية الاسباني خوان انطونيو سامارانش والحالي البلجيكي جاك روغ. وفي الاطار السياسي ايضا، لم يسر وفدا الكوريتيين الجنوبية والشمالية سويا في حفل الافتتاح كما حصل في النسختين الاخيرتين في سيدني عام 2000واثينا عام 2004، واعرب روغ عن اسفه لذلك بقوله "حاولنا ان نقوم بذلك في بكين لكن العوامل السياسية كانت اقوى من العوامل الرياضية". واطفئت الانوار بالكامل ايذانا ببدء حفل الافتتاح الذي استهل على وقع قرع الطبول قبل ان تطلق العديد من المفرقعات النارية داخل الملعب وخارجه. وبدأ توالي لوحات العرض الرائع، ففرش بساط ابيض من الورق بطول نحو 50مترا ويزن 800كلغ على ارض الملعب، قبل ان يبدأ نحو 10اشخاص بحركات راقصة عليه راسمين باقدامهم لوحة فنية رائعة تمثل الارض والشمس، في لوحة ترمز الى فن الطباعة والرسم اللذين تميزا بهما الصينيون منذ القدم وتحديدا منذ 1500عام، كما يجسد اختراع الصين القديمة للورق وهو ما ساعد في تطور الثقافات البشرية بسرعة كبيرة. وظهرت لوحات اخرى ايضا ابرزها واحدة اطلق عليها تسمية "طريق الحرير" وترمز الى الطريق البحرية التي تربط الصين بباقي دول العالم وكيفية نقل الحرير في الصين القديمة ليس فقط الى الدول المجاورة بل الى سائر انحاء العالم. وكان العالم الجغرافي الالماني فرديناند فون ريختهوفن اطلق على الطريق البحرية المؤدية الى الصين اسم "طريق الحرير" في القرن التاسع عشر ولا زالت التسمية مستمرة حتى ايامنا هذه. وكما هو التقليد في الالعاب الاولمبية، كانت اليونان التي تعتبر مهد الالعاب واستضافت اخر نسخة من الالعاب قبل اربع سنوات اول الدول في الدخول الى ارض الملعب. وكان اليمن اول الدول العربية التي تدخل، فيما كان المغرب اخرها وذلك بحسب الابجدية الصينية. وقوبل دخول الوفد العراقي المشارك الى ارض الملعب بوابل من التصفيق من الجمهور الغفير.