عزيزي رئيس التحرير كنت في الحرم المكي بعد أن أنهيت مناسك العمرة وجلست أنتظر صلاة الفجر وكما هو معلوم أن هناك أذانين للفجر بينهما ما يقارب ساعة، وعند قرب الاذان الأول تذكرت المؤذن في الحرم المكي الشيخ محمد خليل رمل ذا الصوت العذب والأداء الرخيم وتمنيت أن يتحفنا بأذانه البديع لتجتمع روحانية الحرم مع هذا الصوت الرائع الذي تطرب له الأذن وترتاح له النفس وما هي إلا لحظات حتى ارتفع صوت الحق من جنبات بيت الله الحرام يصدح من بين الأعمدة ويدوي من كل جانب وبمجرد ما وقع الأذان في أذني حتى شعرت بلذة عجيبة وشعور رهيب كاد رداء احرامي يتقطع من شدة الفرح والسرور بهذا الصوت انه صوت... هل هو...، نعم هو صوت الشيخ محمد رمل يرفع نداء الحق الله أكبر الله أكبر.. صوت الشيخ الذي انقطع لمدة بسبب المرض، صوت الشيخ الذي طالما انتظره الكثير من محبيه يا إلهي كاد قلبي يطير من هول الموقف وهيبة المكان والزمان وروعة الصوت ولم أكد أصدق ما أسمع، لقد حقق الله أمنيتي فله الحمد والشكر ولكن سرعان ما خفت بريق الفرح والسرور بصوت الشيخ محمد رمل لما بدا عليه من التأثر والارتعاد حيث كان الشيخ يؤذن بصوت مهزوز تبدو عليه آثار المرض والاعياء واضحة ولكنه تحامل على نفسه حتى أنهى ألفاظ الاذان وختم بلا إله إلا الله. وما ان فرغ من الاذان حتى تملكني الأسى والحزن وتمنيت ألايكون هذا آخر العهد بهذا الصوت الجميل.. ولكن مشيئة الله وارادته فوق كل شيء سبحانه، شاء الله أن يكون هذا آخر اذان للشيخ محمد رمل في الحرم المكي حيث لم يلبث بعد هذا الاذان إلا شهرين واثنين وعشرين يوما حتى وافته المنية في جدة مساء يوم الجمعة الموافق الحادي والعشرين من جمادى الاولى 1425ه وصلي عليه في الحرم المكي ودفن في مقبرة المعلاة في مكةالمكرمة لتودع مكة أحد أعلام المؤذنين في حرمها الشريف عن عمر ناهز السابعة والستين قضى منه ثماني عشرة سنة وهو ينادي بالاذان من جوار الكعبة المشرفة بأروع أداء وأعذب صوت شهد له القاصي والداني فرحم الله الشيخ محمد خليل رمل وأثابه على ما قدم وجعل اذانه شاهدا له يوم القيامة آمين. @@ خالد الخالدي الخبر