ستبدو سخيفا إن قلت لمسافر يتجه لمطار الملك فهد بالدمام (رحلة سعيدة)، هكذا ترددت في قولها لصديقتي وهي تغادر منزلي الساعة الثامنة مساء لداعي سفرها بعد ساعتين لجنيف مرورا بأمستردام. وفي المطار، بقيت وأسرتها من العاشرة ليلا حتى الواحدة بعد منتصف الليل، ثم طُلب منهم أن يعودوا أدراجهم حيث الطائرة تعطلت لدخول عصافير في محرك جناحها، وعاودوا الاتصال بهم من الغد، ليعودوا للمطار الحادية عشرة ظهرا. وبقيت هناك أيضا من الحادية عشرة وحتى كتابة هذا المقال في السابعة مساء، إنتظارا للإذن من شركة بوينغ للإقلاع. ثماني ساعات كاملة وهم في المطار وثلاث ساعات قبلها أصبحت إحدى عشرة ساعة لا قيمة لها في ميزان الخطوط الهولندية KLM ولا المطار. الأسوأ من ذلك أنه لم تقدم إليهم أي وجبة خلال تلك الساعات الثماني، مما اضطر الأهالي لإطعام أطفالهم بالبيبسي و(الشيبس)شرائح البطاطس المقلية، يتجرعون معها مرارة الإهمال المتمثل أمامهم على أرض المطار في موظفين بلباس عادي يضعون سلما فوق سطح سيارة لتفحص جناح الطائرة فيما صعد آخر ليمسح الجناح بمنشفة صغيرة في يده، هذه المناظر لم تفت على جوالات الكاميرا التقاطها حيث هي من العجائب الألف هنا. ويظل السؤال، من نحمل وزر انتظار هذه الساعات الطويلة؟ هل لموظفي المطار لعدم تنسيقهم مع الخطوط الهولندية؟ أم الخطوط نفسها وعدم مبالاتها بوقت المسافرين. القضية لا تنحصر في هذه الرحلة بل في مطار الملك فهد بأكمله، شخصيا مررت بمواقف كثيرة تجاوزت عنها ظنا مني أنها عارضة، وخاب ظني حين وجدت تلك المعاناة أمرا مشاعا بين الجميع. لا أحد يحفل بك هناك ما لم يكن لك صديق أو قريب من العاملين به (يا بخت من كان المضيف خاله). إن رأينا تقصيرا وعالجناه بالطريقة التي ترضي الخطوط السعودية بأن تقدمنا بشكوى خطية مباشرة للمسؤول، قالوا سنرسل اعتذارا خطيا على بريدكم، ولا جاء الاعتذار وبقي التكرار لهذه الأخطاء مع الجميع.وإن عالجناه عبر الإعلام انبرى مسئولو العلاقات العامة بالدفاع المستميت عن جهة عملهم فواجبهم أن ينصروها ظالمة أو مظلومة، والراكب دائما على خطأ. على كل من الإجحاف أن نعمم الأمر على موظفي المطار، فهناك موظفون يفاجئك وجودهم وهم لا ينتظرون طلبا للمساعدة بمبادرتهم بالتيسير على المسافرين، يفاجئونك بقلتهم وسط جموع من العاملين يتكتلون أمام كاونتر الرحلة دون أن يبدوا جهدا يخفف من قطعة العذاب التي تلتصق بك وبحقيبتك حتى وإن كُتب عليه رحلة سعيدة. قد لا نستطيع أن نطالب الخطوط بأن تغير عبارة نتمنى لكم (رحلة سعيدة) بعبارة (قطعة من عذاب)، لكن نستطيع أن نطالبها بأن يرتقى أداء موظفيها إلى مستوى منشآتها الفاخرة، لنا الحق أن نطالبها بأن تحترم وقتنا وجهدنا الذي يضيع هباء منثورا على بواباتها الزجاجية. أعلم الآن أن كثيرا منكم قد تحركت ذاكرته بقصص مؤلمة عن المطار، لذا أترك للحديث صلة.