يبدو ان الشركات المحلية ستخرج من أزمة خطف الرهائن الاجانب في العراق محققة مكاسب جمة، وذلك عبر استمرارها في تزويد قوات التحالف بالامدادات، فيما تتزايد مخاوف الناقلين الاجانب الذين تعرض عدد منهم للخطف اثناء عملهم وتعهدوا مغادرة العراق. وقال اريك ناي، نائب رئيس غرفة التجارة الاميركية العراقية، "تبدو خطط الناقلين الاجانب للانسحاب من العراق سلبية".. الا انه اضاف "لكنني اعتقد ان هذا امر ايجابي حيث بامكان الكثير من شركات النقل العراقية ان تحل محل الشركات الاجنبية وتقوم بهذا العمل مع القوات المتعددة الجنسيات". يذكر ان نقل البضائع الى العراق اصبح، خلال العام الماضي، عملا مغريا بحيث ابرمت عدة شركات نقل اجنبية عقودا مع قوات التحالف. لكن التفاؤل السائد بين أوساط شركات النقل العراقية المنافسة لتلك الاجنبية سرعان ما تبدد بعد ان اصدر المسلحون في مدينة الرمادي، الواقعة الى الغرب من بغداد، تحذيرا هددوا فيه بقتل كل السائقين الذين ينقلون بضائع للقوات المتحالفة بقيادة الولاياتالمتحدة. وافاد بيان صادر عن "مجلس شورى المجاهدين"، اي قيادة المسلحين في منطقة الرمادي، "سنقتل اي شخص، سواء كان عربيا اواجنبيا او عراقيا يكون داخل شاحنة تنقل بضائع لقوات الاحتلال". يذكر ان نحو 70% من امدادات القوات المتعددة الجنسيات في العراق يتم شحنها الى الكويت حيث يقوم سائقو شاحنات اجانب بنقلها الى العراق.. لكن انطلاقا من ابريل الماضي، اثار المتمردون حالة من الرعب بخطفهم العشرات من سائقي الشاحنات الاجانب الذين يسلكون الطرق المؤدية من والى الحدود الكويتية والاردنية والتركية. وتم اعدام عدد من الرهائن او قتلهم. وبعد مقتل سائق شاحنة تركي الاسبوع الحالي، دعا اتحاد الناقلين الدوليين في تركيا الى التوقف الفوري عن نقل بضائع للقوات الاميركية في العراق. واكدت انقرة الاربعاء اطلاق سراح سائقين آخرين للشاحنات التركية بعد موافقة الجهات التي يعملون لديها على وقف اعمالها في العراق.. كذلك اعلنت شركة "داود وشركاه"، وهي شركة اردنية تعتبر احد الناقلين الرئيسيين للمواد الغذائية للجيش الاميركي في العراق، انها قررت وقف نشاطاتها بعد اختطاف اثنين من سائقيها في العراق، لكنها رفضت الادلاء بمزيد من التفاصيل. وقال احد المديرين في الشركة ، مشترطا عدم كشف النقاب عن هويته، "لا يمكننا التعليق على اي امر يختص بعملنا، خصوصا في العراق لان كل شيء مرتبط بخطف موظفينا".. وفي الوقت نفسه، اعربت شركة نقل كويتية اختطف سبعة من سائقيها على ايدى افراد جماعة تطلق على نفسها اسم "الرايات السود" عن استعدادها لمغادرة العراق. وتجري الشركة الكويتية مفاوضات حول مطالب الخاطفين المتعلقة بدفع تعويضات عن ضحايا الهجمات الاميركية على مدينة الفلوجة في محافظة الانبار. وفي الشهر الماضي، قررت الفيليبين سحب مفرزتها العسكرية من العراق وقوامها 51 شخصا، قبل الوقت المقرر سابقا وذلك بهدف انقاذ حياة احد مواطنيها الذي خطف في العراق. وانقذت خطوة الحكومة الفيليبينية حياة مواطنها، لكنها قوبلت بانتقاد شديد في الولاياتالمتحدة واستراليا. وقال محللون ان انعدام الامن في العراق جعل الشركات الاجنبية تبدي حذرا من استمرار نشاطاتها في العراق. وقال سعدون الدليمي، رئيس مركز العراق للابحاث والدراسات الاستراتيجية، وهو مؤسسة غير حكومية، "ان هذه الحوادث اثارت الخوف في نفوس سائقي الشاحنات الاجانب، وقد تكون فرصة للشركات العراقية لتحل محلها".. واضاف "اعتقد ان على الولاياتالمتحدة ان تبدأ العمل مع ناقلين عراقيين في اسرع وقت ممكن للابقاء على خطوط الامدادات".. لكن القوات العسكرية الاميركية رفضت التعليق على خطوط الامدادات التي تضررت جراء ذلك "لاسباب امنية تتعلق بالعمليات الحربية". وقال ناي ان الشركات العراقية تبدو في الاوضاع الحالية في وضع افضل لمشاركة القوات المتعددة الجنسيات بقيادة الولاياتالمتحدة، واضاف "في الوقت الحالي، يتعين على معظم هذه الشاحنات ان ترافقها عربات مدرعة اميركية اثناء نقلها البضائع في العراق"، مشيرا الى ان بامكان "الشركة العراقية ان تقوم بذلك العمل بامان دون الحاجة لكل هذه الاجراءات الامنية وتحقيق عائد مالي جيد لها". ورغم تعرض عدد من العراقيين العاملين مع قوات التحالف لهجمات، فان ناي يقلل من اهمية المخاوف من تحول الشركات العراقية هدفا للمسلحين.. وقال "في الغرفة التجارية الاميركية العراقية، هناك اربعة آلاف شركة عراقية تعمل مع العديد من الشركات الاميركية ولم يحدث لها شيء". واضاف "هذه تجارة، ولن تتردد الشركات العراقية في العمل مع اميركيين او غيرهم. والا كيف تفسر الانتشار الواسع لمشروب بيبسي في العراق رغم عمليات العنف التي يشنها مسلحون".