في مقال سابق ذكرنا بعض الحلول للحد من هجرة أبناء القرى والهجر نحو المدن الكبرى وفي هذا المقال نتطرق لحلول أكثر دقة. وما دام الحديث عن (حلول) فهي تمس حياة المواطن بل تضرب على الوتر الحساس حيث المعاناة التي يعايشها قرابة 45% من سكان المملكة والذين يسكنون في بيوت مؤجرة حسب ماجاء في آخر احصائية صدرت مؤخرا من وزارة الاقتصاد والتخطيط. لذا تلك الحلول قد تصيب كبد الحقيقة وقد تخطئها ناهيك عن المؤثرات الاخرى التي قد تطفو على السطح بين فينة واخرى وعلينا في نهاية الامر الاعتراف بأننا أمام معضلة تستحق البحث والتمحيص من ذوي الاختصاص وممن لهم باع طويل في تحليل اتجاهات النمو السكاني حيث كما يقال (أعط القوس باريها) ومن تلك الحلول التي نرى انهاقد تضيف شيئا: علينا استغلال الأراضي البيضاء المنتشرة وسط المدن، وبذلك نضرب عصفورين بحجر واحد، وهو التخلص من تلك البقع (المهجورة) والتي غالبا ما تشوه وجه المدينة حيث تستغل استغلالا سيئا وتكون (مكبا) للمخلفات ومرتعا للنفايات، ان الاراضي البيضاء تحيط بها الخدمات من كل جانب، لذا من السهل احتواؤها واعادة تأهيلها بما يتناسب مع متطلبات السكان. عدم تحويل الاحياء القديمة ونقصد بها البيوت العربية التي انشئت في مطلع الستينيات الميلادية الى احياء تجارية مثل بناء عمارات سكنية ذات طوابق متعددة، ذلك لأن البنى التحتية التي تم تمديدها تحت الارض قبل اربعة عقود، لا تستوعب مزيدا من الضغط، بمعنى أن بناء عمارة من ثماني شقق على ارض (بيت عربي) يعني تحميل البنى التحتية فوق طاقتها ثماني مرات!! اعتماد سلم المواساة فيما بين المدن الرئيسية والهجر، أي نسبة وتناسب، فاذا فرضنا ان نصيب المدن الكبرى من التنمية (22%) فإن الواجب توجيه ما نسبته (4%) للقرى والهجر بحيث تتصاعد بنسبة 2 الى 1 لصالح القرى والهجر. توجيه الحركة الصناعية نحو المناطق البعيدة عن التجمعات السكنية بغية ايجاد منافذ سكنية مساندة لتلك الصناعات مثل سكن عمال تلك المصانع. اعادة هيكلة المدن، وهذا ما لمسناه مؤخرا في الرياض العاصمة حيث استحداث مراكز متخصصة لتطوير المدن وتعيين مهندسين ذوي خبرة لتطويع الميكنة الحديثة في الولوج داخل المدن وتغيير مسارات الاتجاهات العمرانية فيها والحد من التخطيط العشوائي الذي ظللنا نعيش مشاكله حتى يومنا هذا. ان النمو السريع الذي تشهده بلادنا يفرض علينا العمل وبجدية على ايجاد الحلول الناجعة ولا ضير في الاستفادة من تجارب دول العالم في هذا المجال.