أكد عدد من المختصين والخبراء العقاريين أن مشروع فرض رسوم على الأراضي البيضاء الذي يناقشه مجلس الشورى وعدة مجالس بلدية، سيدفع ملاكها إلى إحيائها خصوصا إذا كانت تقع على شوارع رئيسية، من خلال استثمارها بدلا من تركها مكبا للنفايات، وأكدوا في ندوة ل «عكاظ» أن هذا المشروع في حالة تطبيقه سيؤدي إلى زيادة المعروض من الأراضي للبيع بأسعار مخفضة ما يسهل على المواطن شراءها، في ظل الارتفاع الحالي للإيجارات والأراضي والوحدات السكنية، مشيرين إلى أن هناك كثيرا من القطع لم تستثمر داخل المدن، الأمر الذي يدفع الكثيرين إلى امتلاك أراض في مواقع بعيدة تفتقر إلى الخدمات المطلوبة. الرسوم تحرك الاستثمارات «عكاظ»: يدور حديث الآن عن بدء مجلس الشورى وعدد من مجالس البلدية، دراسة جدوى فرض رسوم مالية على الأراضي البيضاء غير المستثمرة، ما هدف هذه الدراسة؟ - عبد الله الأحمري: يرجع ذلك إلى زيادة الأراضي البيضاء غير المستثمرة في كثير من المدن، وهو ماشكل عبئا على المواطن الذي يحتاج إلى مسكن، ومعروف أن بقاء الأرض البيضاء بدون استثمار، يعني فقد المزيد من الوحدات السكنية التي يحتاجها المواطن سواء بالتملك أو الإيجار، وبالتالي هذه مشكلة وطنية يجب إيجاد حل لها. وإذا نظرنا إلى ما يجري من ارتفاعات في أسعار العقارات بما في ذلك إيجار الوحدات السكنية والأراضي، وشكوى الكثيرين من بعد المرافق والخدمات عن مقار سكنهم، لوجدنا أن أهم الأسباب لهذه الإشكالات هو عدم استثمار تلك الأراضي المجمدة داخل المدن، ولا شك أن فرض رسوم عليها سيحرك ملاكها لاستثمارها بما يحقق مصالحهم ومصلحة المجتمع على حد سواء. خطوة لزيادة المعروض - المهندس أحمد الفقيه: هذا الطرح ليس جديدا، وهو يخدم السوق، حيث إن إقرار هذه الرسوم سيدفع بأصحاب العقارات المجمدة الى التفكير في استثمارها في السوق، مما يؤدي إلى زيادة المعروض، وبالتالي إلى انخفاض محدود للأراضي لاسيما الواقعة داخل النطاق العمراني. وهو أمر معمول به في دول مجاورة لنا، ومصر ستطبق مثل هذا النظام في العام المقبل على العقارات الصغيرة والتي تقدر قيمتها بحدود 500 ألف جنيه. تمنع الاحتكار - عوض الدوسي: نحن طالبنا منذ أكثر من عشر سنوات بفرض رسوم على الأراضي البيضاء للحد من السلبيات الأمنية والبيئية، إضافة إلى الحد من عملية احتكار الأراضي، كما أن فرض الرسوم يحد أيضا من ارتفاع أسعار الأراضي، خصوصا ونحن نعلم أن هناك الكثير من الأراضي تبلغ مساحاتها ملايين الأمتار لم تستثمر بعد، وهو ما سيدفع مالكيها الى حساب الأرباح المتوقعة مقارنة بقيمة الرسوم، ونشير هنا إلى أن الأراضي البيضاء هي التي تزيد مساحاتها عن عشرة آلاف متر مربع يمتلكها أصحابها لغرض البيع دون الاستثمار، ولا شك أن الرسوم المتوقع إقرارها ستكون في نهاية الأمر لخدمة المواطن الذي يبحث عن سكن، ولكن يجب في حالة إقرار هذا المشروع متابعة تطبيقه، من خلال تمحيص عمليات البيع والشراء في السوق من قبل الجهات المعنية، للتعرف على إذا كانت صورية للتهرب من الرسوم أم فعلية من خلال شيكات واضحة تؤكد عدم وجود تلاعب. - عبد الله البلوي: لا شك أن فرض رسوم على الأراضي الكبيرة دون الأراضي الصغيرة وداخل المدن تحديدا، سيدفع أصحابها إلى استثمارها، من خلال تخطيطها ومن ثم بيعها بدلا من تجميدها، ويلاحظ أن ما يتراوح بين 30 إلى 40 % من المواقع فيها أراض خام يجب أن تستثمر. توفير الخدمات - م. عبد المنعم مراد: فرض الرسوم له مقومات، منها توفير كل الخدمات في الأراضي البيضاء ومنها الماء والكهرباء والصرف الصحي، وهو الأمر المعمول به في كثير من دول العالم، تحت مسميات مختلفة كرسوم الخدمات أو رسوم الضريبة التي تعد نوعا من الحافز لصاحب الأرض لاستثمارها، طالما أنها تتمتع بكل الخدمات وهي لاتزال أرض خام. هناك أراض شاسعة كالتي في مدينة جدة ومدينة الرياض فضلا عن الأراضي المخصصة للوزارة. الحفاظ على البيئة «عكاظ»: ماالذي ستجنيه سوق العقار من فرض رسوم على الأراضي البيضاء ؟ - الأحمري: الهدف هو الحفاظ على بيئة المدينة ومنع هذه الأراضي من أن تكون مكبا للنفايات، ومن ثم بؤرة داخل الأحياء السكنية. كما أن فرض الرسوم سيكون دافعا للملاك لإحياء أراضيهم، عبر استثمارها عقاريا ومن ثم مطالبة الدولة بعد ذلك بإيصال كل الخدمات إليها، بدلا من تركها جرداء لفترة طويلة، وهو ما يشكل عبئا على البنية التحتية، حيث إن المطالبة بتوفير الخدمات تستدعي حفر الشوارع ومد شبكات الماء والكهرباء والمجاري بشكل مفاجئ، ناهيك عن التغيرات التي ستطرأ على النمط العمراني الذي قد يحدثه استثمار الأرض الجرداء بشكل مفاجئ. ونحن كلجنة عقارية في غرفة جدة طالبنا منذ ما يقارب الست سنوات أن تكون هناك رسوم تفرض على ملاك الأراضي البيضاء داخل أحياء المدن، لكن هذا المشروع لا يزال يدرس في أروقة مجلس الشورى، وإذا ما أقر، سيكون له مردود إيجابي كبير على الأحياء والمدن وسوق العقار بشكل عام، شريطة أن يكون هناك تنسيق مقنن ما بين الأمانة وكتابة العدل في تطبيقه. بعد الخدمات - الفقيه: باستطاعة المستثمر العقاري إذا توفرت لديه السيولة استثمار ارضه لاسيما اذا ما كانت على شارع رئيسي، لكن المسثمر البسيط الذي لا تتوفر معه الامكانات المادية قد يجد الصعوبة في استثمار أرضه، وفي نهاية الأمر ستدخل المنتجات العقارية الجديدة السوق مع دفع الرسوم العقارية، وبالتالي سيكون المواطن هو المستفيد من زيادة المعروض، حيث ستكون الأسعار أرخص مما هي عليه في الوقت الحاضر. - البلوي: هناك مواقع خام كبيرة داخل البلد لم تستثمر حتى الآن، وهو ما جعل الكثيرين يتملكون الأراضي في مواقع بعيدة جدا كأبحر الشمالية مثلا للسكن، فلو استثمرت تلك المساحات الشاسعة داخل المدن لأمكننا تجاوز عقبة البعد عن المرافق والخدمات، وسيحل كثيرا من أزمة السكن التي يعاني منها الكثيرون. - الدوسي: سيكون هناك نشاط في أحياء المدن تحديدا، وستصبح هناك مرونة وخيارات في عمليات البيع والشراء، وبالتالي ستنخفض الأسعار لصالح المواطن. حيث أن فلسفة استثمار الأراضي ما زالت تتمثل في الشراء والانتظار بغرض البيع بأعتبار أن الأرض لا تأكل ولا تشرب، وفرض الرسوم سيغير من هذه النظرية بكل تأكيد. - مراد: لا شك أن قيمة الأرض ستتأثر بهذه الرسوم، لاسيما ذات المواقع التجارية، فالرسوم ستطبق على مناطق شاسعة كثيرة، إلا أن استفادة المواطنين الراغبين بتملك السكن مرهون بصدور نظام الرهن العقاري الذي ينتظره الجميع منذ ما يقارب العشر سنوات. إمكانيات التطبيق «عكاظ»: ما هي إمكانية تطبيق الرسوم على أرض الواقع؟ - الأحمري: كثير من بلدان العالم تعمل على فرض الرسوم على الأراضي المجمدة، بل إن هناك بعض الدول تصادر ملكية هذه الاراضي إذا تساوت قيمة الضريبة المفروضة مع قيمة الأرض ذاتها، أما في المملكة فليست هناك ضريبة على العقار ، وفي حال فرض رسوم على الأراضي البيضاء ، فان ذلك سيصب في مصلحة المالك للحفاظ عليها بدلا من أن تكون مرتعا للنفايات. - الدوسي: يصعب تطبيق هذه الرسوم على من يملك مساحات كبيرة، ما لم تكن هناك شفافية ووضوح، كأن تباع الأرض قبل أن يمر عليها عام لفرض الرسوم، كما أن هناك مواقع استراتيجية لأراض من الصعب بيعها، ومالكها في انتظار الفرصة المناسبة لاستثمارها، والرسوم قد تشكل عليه عبئا ماليا. لكن تظل السوق العقارية التي تعيش ركودا في انتظار فرض الرسوم على الأراضي البيضاء، رغم ما قد يسببه ذلك في زيادة لأسعار الأراضي. فالسوق العقارية في انتظار عدة مشاريع كتملك المقيمين للعقار ومشروع الرهن العقاري وغيرها من المشاريع التي لا تزال في صدد الدراسة. - مراد: من الممكن تطبيق الرسوم، طالما أن هناك متابعة من الأجهزة المختصة وفي مقدمتها كتابة العدل، كما أن ميكنة الأجهزة المسؤولة عن هذا القطاع كفيلة بتطبيق مثل هذه الرسوم التي ستحفز لتطوير مدننا، كما أن المملكة تحتضن أقدم المدن في العالم وأقدسها وهي مكةوالمدينةالمنورة إضافة إلى مدينة جدة. نسبة الرسوم «عكاظ»: ما هي النسبة المتوقعة للرسوم؟ - الفقيه: أتوقع ألا تخرج عن نطاق رسوم الزكاة، لكن المشكلة التي قد تطرأ هي في كيفية إيجاد المثمنين العقاريين المعتمدين ، وهو ما يتطلب إيجاد مثمنين مستقلين كما هو معمول في كثير من الدول. - الدوسي: أعتقد أنها ستكون في حدود الزكاة 2.5 في المائة وستدفع إما لأمانة البلدية أو لوزارة المالية. - البلوي: يجب أن تكون أقل من ذلك، فالمستثمر العقاري من المفترض أن يخرج زكاة ماله بما في ذلك العقار، ولذا ليس إلزاميا أن تكون الرسوم مساوية لنصاب الزكاة. - مراد: الرسوم يجب أن تكون ضمن نصاب الزكاة طالما أن الأراضي البيضاء الكبيرة والمتروكة داخل النطاق العمراني هي بهدف البيع لا الاستثمار. انعكاسات إيجابية «عكاظ»: وما هي انعكاساتها على حركة السوق العقارية ؟ - الأحمري: أتوقع أن يكون لفرض الرسوم على الأراضي البيضاء، الأثر الإيجابي على حركة العقار والتملك ، لاسيما أن ثقافة اسثمار الأراضي ستتغير، فمن المعروف أن هذه الثقافة تقوم على شراء الأرض بسعر زهيد والانتظار طويلا حتى يتم بيعها بسعر أعلى وهي ثقافة استفادت منها قلة من المستثمرين. فإذا تم فرض الرسوم فإن ذلك يعني أن حركة البيع والشراء في سوق الأراضي ستكون أسرع، ومن ثم سنجد أن أسعارها مناسبة للجميع لاسيما ممن يبحثون عن تملك السكن. - الفقيه: سيكون انعكاس فرض الرسوم على الأراضي سلبيا بعض الشيء على أسعار مواد البناء في بادئ الأمر، لكن ذلك سيتحول إيجابيا، وفقا لحركة العرض والطلب على سوق مواد البناء الذي سينشط في بادئ الأمر ثم سيعود إلى الاستقرار. - الدوسي: لو أقر مثل هذا المشروع ستكون انعكاساته طيبة على السوق العقارية. - البلوي: سيقبل الناس وبشكل كبير على شراء هذه الأراضي الخام داخل المدن للسكن أو للاستثمار، فباستطاعة الجميع الحصول على أرض وسط المرافق والخدمات، وستتزايد نسبة شراء الأراضي، وفي مثل هذه الحالة إما أن ترخص نسبيا، أو أن تظل على حالها إذا ما رغب مالك الأرض الخام الاحتفاظ بها ودفع الرسوم المزمع فرضها، أو ستزيد إذا ما أراد البيع بسعر مضافة إليه هذه الرسوم. أسعار مواد البناء «عكاظ»: وهل ستتأثر أسعار مواد البناء تباعا ؟ - الأحمري: لوكانت هناك رقابة صارمة على الأسعار من قبل وزارة التجارة لن ترتفع أسعار مواد البناء، لاسيما أن كل هذه المواد مصنعة محليا وليست عليها ضريبة أو رسوم إضافية، بل على العكس البعض منها يجد إعانات من الدولة. بل حتى المواد المستوردة منها أسعارها ثابتة تقريبا، وهي لا ترتفع إلا في حالة الطلب وهنا يكمن دور وزارة التجارة في حماية المستهلك. - الدوسي: في حالة تفعيل دور الصندوق العقاري، وإقرار نظام الرهن العقاري، فإن التداعيات التي قد تطرأ جراء فرض الرسوم على الأراضي لن تؤثر على المواطن المستفيد. - البلوي: سيكون عليها إقبال بلا شك، لكن أسعارها لن تتأثر كثيرا، والدليل على ذلك أن إنشاء مدينة الملك عبد الله الاقتصادية، لم يؤثر على أسعار مواد البناء الموجودة.