أثيرت من جديد في الآونة الأخيرة مخاوف من غزو جديد للجراد لعدد من مناطق الصحراء والساحل قد تصل تأثيراتها لدول المغرب العربي، ففي الوقت الذي ذكر فيه تقرير لمنظمة الأممالمتحدة للأغذية والزراعة (الفاو) أن حجم الجراد في المنطقة قد ارتفع حجمه، أعلن وزير الزراعة المغربي امحند العنصر عن نية ثلاثة بلدان مغاربية تقديم مساعدات لبلدان الصحراء والساحل. فقد أفاد تقرير لمنظمة (الفاو) أن حجم الجراد الذي اجتاح المناطق الزراعية بموريتانيا والسينغال ومالي عبر شمال غرب إفريقيا ارتفع خلال الأسبوعين الأخيرين. وأوضح بلاغ للمنظمة أن الوضع تحسن في شمال غرب إفريقيا المغرب والجزائر وليبيا تحديدا حيث تجري عمليات المكافحة منذ شهر فبراير الماضي، مؤكدا أنه على الرغم من عدم تسجيل أي إشارة للإصابة في تشاد ودارفور بالسودان فإن الخطر يبقى واردا بالنسبة لهذين البلدين كما أن أسراب الجراد يمكن أن تنتقل إلى بوركينافاسو. وأكد البلاغ أنه تم حتى الآن منح تسعة ملايين دولار في إطار المساعدة العاجلة بلغت مساهمة منظمة الفاو منها حوالي مليوني دولار فيما قدم المانحون سبعة ملايين دولار. وكانت عدة بلدان قد قدمت نداء استغاثة من أجل تقديم مساعدة دولية إضافية ودعم الجهود الوطنية لوقف الاجتياح العام للجراد. وقد شوهدت في منتصف الشهر الجاري أسراب الجراد بموريتانيا وهي تتوجه إلى الجنوب عبر الجهة الوسطى وأتت حينها على مغروسات النخيل خلال عملية العبور هذه, وتفرقت معظم الأسراب في مناطق الإنتاج الصيفي بالجنوب، فيما تابعت أخرى توجهها نحو شمال شرق السينغال وغرب مالي. وأوضح بلاغ (الفاو) أن الأمطار الصيفية التي تهاطلت في الساحل شكلت ظروفا ملائمة لتكاثر الجراد الذي ينتظر أن يتزايد عدده في إفريقيا الغربية. وأضاف أن عمليات المكافحة التي تتم في الساحل تصطدم بعدم كفاية الوسائل وصعوبة تحديد ومعالجة الاسراب التي تتحرك بشكل سريع. ففي سنة2004 تمت معالجة182 ألف هكتار في موريتانيا و900 ألف هكتار في السينغال. وتتواصل في الوقت ذاته العمليات الجوية للمعالجة في إفريقيا الغربية حيث تمت معالجة خمسة ملايين هكتار حتى الآن. وحسب البلاغ فقد تراجع في منتصف يوليو الماضي عدد الهكتارات المعالجة في المغرب وليبيا وهو ما يعطي الانطباع بأن الوضعية بدأت تتحسن في هذين البلدين. وذكرت (الفاو) انه من المناسب في مكافحة الجراد استعمال المنتجات المناسبة من أجل تقليص خطرها على البيئة والصحة. ولأن الحماية من الآفة تستدعي محاربتها عند بداياتها الأولى، قررت ثلاث من دول المغرب العربي القيام بمبادرة تضامنية تجاه دول الساحل لمواجهة زحف أسراب الجراد الجوال وفق ما صرح به امحند العنصر وزير الفلاحة والتنمية الريفية والصيد البحري المغربي بالعاصمة الجزائرية. وأوضح العنصر عقب اختتام اجتماع وزراء فلاحة تسع دول من المغرب العربي وغرب إفريقيا أن دول منطقة الساحل لا تتوفر على الحاجيات الضرورية لمواجهة ظاهرة الجراد، مشيرا إلى أن هذا الاجتماع حدد برنامجا استعجاليا لتقييم الوضعية في كل بلد على حدة خصوصا خلال هذه الفترة من السنة التي تعتبر فترة توالد وخصوبة للجراد. واعتبر العنصر أن التقديرات الأولية تشير إلى ضرورة معالجة ما بين أربعة إلى خمسة ملايين هكتار الأمر الذي يبدو فوق طاقة هذه الدول التي تفتقد إلى إمكانيات التدخل، مشيرا إلى أن هذه الحاجيات ستتضاعف مع فصل الخريف الذي يعرف زحفا أكبر للجراد نحو الشمال وهو ما سيتطلب معالجة مساحات أكبر قد تصل إلى ما بين ستة وثمانية ملايين هكتار. كما أشار العنصر إلى أن المغرب قرر إرسال بعض فرق المعالجة البرية والمبيدات وتكوين مجموعات للتدخل بعين المكان وكذا إعادة بحث إمكانية الرفع من تدخلاته الوقائية في موريتانيا. في هذا الإطار دعا وزراء فلاحة الدول المشاركة وهي المغرب والجزائر وتونس وموريتانيا وليبيا والسينغال ومالي والنيجر والتشاد المجتمع الدولي الذي لم يساهم على حد قوله بالقدر الكافي في عملية مكافحة الجراد الجوال بالمنطقة إلى المشاركة أكثر في محاربة هذه الظاهرة التي تشكل خطرا حقيقيا. وأكد من جهة أخرى أن المغرب متحكم في الوضع وأنه لم يتم تسجيل خسائر بالمناطق الفلاحية، مضيفا سنعيش فترة هدوء مرحلي في انتظار زحف جديد للجراد. وقال إن المغرب قام بمعالجة حوالي ثلاثة ملايين هكتار من مجموع ستة إلى سبعة ملايين هكتار تمت معالجتها بمنطقة الساحل والمغرب العربي خلال الشهور العشرة الأخيرة، مضيفا قوله إننا نهيئ أنفسنا لمواجهة زحف مستقبلي للجراد باتخاذ جميع الإجراءات الممكنة في هذا المجال.