شارك مثقفون وإعلاميون في التعبير عن رؤيتهم بمناسبة مرور أربعين عاما على تأسيس نادي جدة الادبي. كما طالبوا النادي بأن يخرج من الاطار النمطي ويبرز تواجده في الفاعليات الثقافية واخراج الثقافة من الرسائل الأكاديمية التى بدأت تسيطر عليها والعمل على إنشاء هيئة استشارية تحدد مهمة وخطة الثقافة. متحف تاريخي في البداية يقول القاص محمد قدس أمين سر نادي جدة الأسبق: هذه الذكرى التي يحتفل بها الأدباء والمثقفون في مدينة جدة وهي المناسبة التي تأسس فيها أول الأندية الأدبية تأسيسا في المملكة قبل أربعين سنة تعيدني لحدثين مهمين، الأول: حين التقي بأدباء جدة وكانت الغالبية لأدبائنا الرواد الذين أسسوا النهضة الأدبية في البلاد .. عام 1395، لينتخبوا أول مجلس إدارة للنادي، ليكون أول ناد أدبي يتم تشكيل مجلس إدارته، لتبدأ مرحلة جديدة وحقبة جديدة من تغيير كامل للحراك والمشهد الثقافي. ويتابع قدس مضيفًا: الحدث الثاني كان قبل 15عاما حين احتفل أدباء جدة باليوبيل الفضي وهو مرور 25 عاما على تأسيس النادي في حفل تم فيه تكريم ثلاث إدارات تولت ريادة المشهد الثقافي أحدثت في فترة من الفترات انقلابا في العطاء الأدبي نقدا وطرحا وإبداعا وإنتاجا. واليوم أجد أن هذين الحدثين يتوجان هذا الاحتفال الكبير المتنوع الذي يبرز قيمة وقدر هذا الكيان الأدبي بتاريخه العريق وعطائه المثمر باحتفال يليق به. وعن مشاركته في الاحتفال بالأربعينية أوضح قدس "أن أبرز ما يتناسب مع هذا الحدث الذي رأى مجلس إدارة النادي في هذه المرحلة التي يدار فيها النادي كمؤسسة ثقافية متكاملة العطاء وفي مختلف الاتجاهات وجود نشاطات متنوعة منها اقامة متحف تاريخي لمسيرة النادي الذي تعهدت به باعتباري شاهدا على هذه المسيرة". التأسيس المعرفي الدكتور عبد المحسن القحطاني يرى أن الاحتفالات في المؤسسات الثقافية يحسن بها أن تكون لتعميق التأسيس المعرفي وتعميق تاريخ المؤسسة بإنجازات تظل عالقة في الذهن ومدونة صوتاً وكتابةً وحافلةً بمسيرة المؤسسة والنادي الأدبي الثقافي نادي عريق. ويضيف: لهذا فإن الابن والشاب ياسر مرزوق قد طلب منه النادي أن يسجل مسيرة النادي منذ تأسيسه حتى يومنا هذا، وأنا على يقين أن الكتاب سيكون راصدا لكل هذه المسيرة. وكنت أتمنى أن تكون الاحتفالات به على المفهوم العالمي للاحتفال كمضي 25, 50, 75, 100, لأنها تواكب هذا المفهوم العالمي. وآمل أن يخرج هذ الاحتفال عن سائر الاحتفالات الأخرى بنتائج إيجابية، لأنه سيحوي وفاءً وتكريماً وتقديراً وتسجيلاً فعلياً لحركة هذا النادي وتموجاته, واطلاله على العالم العربي بنتاجه. وأرجو لهذا النادي العريق نمواً في فعله، وتزايداً في حركته وتنوعاً في نشاطاته. "أتمنى أن يهتم النادي أكثر بأن يكون له دور وحضور في المجتمع، ليصبح أكثر قربا لقضاياه واهتماماته، ليعكس التغيرات الثقافية والفكرية والأدبية في نشاطاته ويناقشها" المنابر لا تكفي الكاتبة والإعلامية مها عقيل شاركت في هذه المناسبة مهنئة النادي، موضحة دوره وإسهاماته التى لا تزال حاضرة في ذاكرة المشهد الثقافي قائلة: أهنئ النادي بهذه المناسبة وأحيي القائمين عليه. فقد أصبح عبر سنين نضجه منبرا فكريا راقيا ورافدا ثقافيا له مكانته وأدباؤه ويشهد على عطائه الابداعي عبر هذه السنين اصداراته القيمة ونشاطاته المتنوعة والثرية، ومتأكدة من ان النادي سيستمر في العطاء والتطور والانفتاح على أفكار جديدة ومبادرات ترسخ الإرث الحضاري والثقافي لمدينة جدة ومنطقة الحجاز وتلهم المبدعين الشباب وتحفزهم. وطالبت عقيل النادي بحضور أقوى وتساءلت عن غيابه في الفعاليات الثقافية قائلة: "أتمنى ان يهتم النادي أكثر بأن يكون له دور وحضور في المجتمع، ليصبح أكثر قربا لقضاياه واهتماماته، ليعكس التغيرات الثقافية والفكرية والأدبية في نشاطاته ويناقشها.. على سبيل المثال احتفلت جدة الأسبوع الماضي بجدة التاريخية وكان المهرجان رائعا شاركت عدة جهات في تنظيمه واعداده ولم يكن النادي واحدا منها ولم يكن له حضور أو دور حتى في معرض الكتاب لا يكفي الحديث عبر المنابر الإعلامية. فالمهم هو العمل وظهور هذا العمل الكل يعرف أهمية النادي ودوره، لكن لا يجب ان يقتصر ذلك فقط على أعضائه، وأتمنى ان يكثف تواصله مع الجهات المختلفة والتعاون معها. أداء نمطي حول هذه الاحتفالية تساءل الشاعر والناقد سعد الثقفي ماذا قدّم النادي الأدبي لخدمة الثقافة قائلا: "ماذا قدّمت الأندية الأدبية للثقافة؟ وهل الوزارة راضية عن مسيرة الثقافة في بلادنا؟ وبرأي الثقفي أن الاطار العام الذي رسمته الوزارة للأندية الأدبية جعل أدائها نمطيا غير قابلٍ للتجديد، لذا لا جديد في الثقافة الرسمية ممثلة في الأندية الأدبية، التي عانت من عزوف المثقفين.والغريب في الأمر، أنّ هذه الأندية ونادي جدة كمثال وهو يحتفي بمرور أربعين عاما على تأسيسه، كانت أكثر عطاء يوم كان الشيوخ يديرون دفتها،وبربع ميزانية اليوم إنْ لم تقل. ويتابع الثقفي مضيفًا: لنا أنْ نحتفل بأربعينية نادي جدة الأدبي العريق، ولنا أن نتساءل عن الثقافة الرسمية وما قدّمته لنا في نصف قرنٍ تقريبا. لقد تطوّرت آليات الثقافة في هذا العالم، لكنّ ثقافة النادي الأدبي لم تزل تراوح مكانها، مكبلة بقيود الروتين، والنمطية، والاهتمام بالكم أكثر من اهتمامها بالكيف. ولعلي أجدها مناسبة للمطالبة بإعادة النظر فيما يسمّى ثقافة الأندية الأدبية. وايجاد طريقة أجدى وأنفع وهذا من وجهة نظري لا يتأتى إلا بإنشاء هيئة استشارية تحدد مهمة وخطة الثقافة في بلادنا، أبارك لنادي جدة الأدبي، أربعينيته وأتمنى له التوفيق والنجاح. أكاديميون لا مبدعون ويرى الشاعر والناقد ابراهيم الالمعي ان الأندية الأدبية هي الوجه الثقافي للبلد قائلا: بدأ فعلنا الثقافي بولادة الأندية الأدبية وقد كان نادي جدة أولها بحكم ريادة المكان. وحول مستقبل الاندية الأدبية يرى الالمعي "ان الأندية الادبية لم تعد مجدية لتمثيل الثقافة تمثيلا حقيقيا رغم انني عضو مجلس ادارة في إحداها بسبب انها أصبحت أسيرة لأكاديميين لا مبدعين واضطرت تقريبا الى الاكتفاء بإنتاج الأكاديميين وهذا أبعد عن تمثيل الثقافة. لذا أتمنى من نادي جدة -بحكم ريادته وأقدميته- ان يتبنى فكرة تجديد أهداف بث ونشر الثقافة وبحكم مسماه (ناد ثقافي أدبي) وان تكون أهدافه اخراج الثقافة متحررة من الرسائل العلمية الجامدة الأكاديمية التى بدأت تسيطر على المشهد الثقافي السعودي.