أهمية ميناء وشاطئ العقير بالأحساء ليس وليد اليوم، وإنما هو متجذر في القدم كونه كان سابقاً الميناء الرئيس لمملكتنا الغالية على ساحل الخليج العربي، فقد كانت ترسو فيه المراكب التي كانت تفد إليه من دول الاتصال التجاري في المنطقة، حيث تصل المؤن إلى الأحساء ونجد وعدد من المناطق الداخلية في المملكة عبر جمرك هذا الميناء، كما اشتهر الميناء بعقد اتفاقية العقير الشهيرة بين المملكة وبريطانيا برعاية المؤسس الموحد جلالة المغفور له بإذن الله الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن بن فيصل آل سعود – رحمه الله - وتوقف العمل في الميناء بعد توسع أعمال تصدير البترول من الموانئ الحديثة وإنشاء ميناء الملك عبد العزيز في الدمام لتلبية الاحتياج المتزايد من التبادل التجاري مع دول العالم. ولا تزال بعض آثار العقير باقية حتى الآن ومن تلك الآثار ساحة الجمرك ومكاتب الوكلاء ومكاتب الميناء وقد نفذت وكالة المتاحف والآثار في وزارة المعارف (التربية والتعليم حاليا) عمليات ترميم و إعادة تأهيل لتلك الآثار. وكانت تعرض في الميناء ألوان شتى من محاصيل بلاد العرب ومنتجات البلاد الأجنبية. وتقدر عدد الأحمال التي تغادر ميناء العقير إلى الأحساء ثم إلى المناطق الأخرى ما بين 250 إلى 300 (حمل جمل) تحمل أصناف البضائع من الأخشاب والمواد الغذائية والبن والهيل والبهارات والملابس والعطور والبخور والصندل، حيث ترد من الهند والصين وإيران والعراق واليمن وحضرموت وعمان وتعود محملة بأهم منتجات الأحساء من التمور والدبس وفسائل النخيل وسعفها والصوف والمواشي وبعض المنتجات اليدوية كالفخار والمشالح الأحسائية . ومن المعالم الباقية هناك القلعة وبرج أبو زهمول وغيرها. وإلى جوار هذه المباني تنتشر أشجار الأراك «رغم قلتها «، حيث كان في الماضي يستخرج منها السواك، كما تصطف أعداد كبيرة من النخيل التي تحتضن مياه البحر في منظر خلاب، يمنح للمتأمل والباحث عن الطبيعة الفرصة في أن يطلق لناظره العنان ويتيح له الاستمتاع بهذا الموقع الجميل، ويضاف إلى تميزه تداخل مياه الخليج بالشواطئ الرملية الضحلة وتنوع المظاهر الجغرافية وكثرة الرؤوس (ومنها رأس القريّة) والخلجان والجزر (كجزيرة الزخنونية). واتجهت رغبة الحكومة الرشيدة إلى إنشاء مدينة العقير الساحلية في الأحساء لتكون إضافة مهمة لاقتصادنا الوطني، ولإحداث نقلة نوعية في القطاع السياحي السعودي، وفتح مجالات كبيرة أمام الاستثمارات التجارية والصناعية، ودعم أصحاب المنشآت الصغيرة والمتوسطة، للمشاركة في بناء اقتصاد متنوع ومتين وإتاحة الفرص أمام رواد الأعمال، وتوفير آلاف فرص العمل لأبناء الوطن، لتكون بذلك مساهمة في تنويع مصادر الدخل الوطني، ورافداً قوياً من روافد النمو المستدام لاقتصادنا الوطني المتين. إن مشروع مدينة العقير الذي كان حلماً بدأت أولى خطوات تتحقق بتأسيس شركة تطوير العقير التي شهد المصادقة عليها صاحب السمو الملكي الأمير سعود بن نايف بن عبدالعزيز أمير المنطقة الشرقية وصاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن سلمان بن عبدالعزيز رئيس الهيئة العامة للسياحة والآثار وستضم المدينة التي تقام على مساحة مائة مليون متر مربع وتمتد بمسافة 15 كيلومترا : « مناطق شواطئ، ومواقع أثرية، ومواقع تراث عمراني، ومرافق سياحة، وإيواء فندقي، ومنازل ووحدات سكنية، ومراكز تجارية تضم مكاتب ومتاجر البيع بالتجزئة، ومراكز وبرامج ترفيه، ومرافق رياضية، ومرافق تعليمية، ومراكز عناية صحية، وخدمات منتزهات، وكل ما يلزم ذلك من بنية أساسية، يعد مشروع تطوير العقير باكورة المشاريع السياحية في المملكة والمؤشر الأهم للتطوير السياحي فيها وسيهدف بإذن الله عند إطلاقه إلى تحقيق عدة أهداف من ناحية إيجاد وجهة سياحية جديدة تلبي احياجات السياحة الداخلية وتقدم مجموعة واسعة من المنتجات والأنشطة والفعاليات على مدار السنة، كما توفر فرصة لامتلاك البيت الثاني المثالي على أجمل منطقة مطلة على الخليج العربي بمواصفات حديثة معتمدة على التراث والفن المعماري المحلي.بالإضافة إلى تحفيز السياحة الداخلية وتحفيز مساهمة القطاع الخاص في مشاريع التنمية والتطوير السياحي وبذلك يتم توفير فرص عمل للمواطنين إضافةً إلى توفير الفرص للمنشأت التجارية الصغيرة والمتوسطة من خلال إيجاد وجهة ذات علامة مميزة من الناحية التجارية». إن المواطنين و الوافدين موعودون بمدينة ساحلية عصرية ستصبح بإذن الله لؤلؤة جاذبة للجميع، ونتطلع إلى أن نعيش أولى مفرداتها قريبا خاصة وأننا نلمس هذه الأيام تسارعاً من الوزارات المعنية للقيام بأدوارهم حسب الاختصاص.