شكلت زيارة صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع والطيران والمفتش العام لشاطئ العقير التي قام بها - يحفظه الله - الخميس 8/10/1426ه منعطفاً هاماً لكل المهتمين بأمر هذا الشاطئ الذي يعد أقدم الموانئ على الساحل الشرقي للمملكة، والذي كان يعج قبل عشرات السنين بحركة السفن التجارية التي كانت تمخر مياهه ذهاباً ومجيئاً! الميناء ذاته حظي بأول رحلة بحرية قام بها الموحّد الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن - طيب الله ثراه - برفقة والدته يرحمها الله، فمن تلك الرحلة التاريخية لذلك «الأسد» إلى هذه الزيارة الميمونة من هذا «الشبل» جاءت لتشكل خطوة هامة ولتبعث الأمل في نفوس كل المهتمين بالعقير بتحوله إلى معلم سياحي ليس على مستوى المملكة وحسب وإنما على مستوى منطقة الخليج برمتها، ولم تأت تلك الآمال وذاك الطموح من فراغ، وإنما نظراً لما يتمتع به هذا المكان من بلادنا العزيزة من مقومات فريدة تجعل إمكانية تحوله إلى المقصد السياحي الأول في الخليج أمراً ليس بعيدَ المنال. وقدكان لوقع زيارة سمو ولي العهد لشاطئ العقير على أهالي الأحساء أبلغ الأثر فقد أبدوا فرحتهم البالغة بزيارته وإطلاعه - أيده الله - على محتوياته من ميناء قديم وقصر أثري وطبيعة ساحرة، وأشاروا في حديثٍ لهم مع «الرياض» أن زيارة سموه تشير بوضوح إلى أن ولاة الأمر يستشرفون المستقبل بكل جوانبه ويرون أهمية تنمية كافة المناطق، ومن ذلك هذا المكان الذي سيشكل حلقة هامة في منظومة اقتصادنا الوطني الذي يشهد قفزات كبيرة ومتلاحقة خلال هذه الحقبة الهامة، كما أنه سيقفز (في حالة تطويره بالقدر المؤمل) بالسياحة التي بدورها ستنعكس على الاقتصاد والتجارة والاستثمار بكافة أشكاله! وثمن المواطنون لسموه ورغم انشغالاته الكثيرة اقتطاع جزء من وقته ليقف بنفسه على هذا المعلم التاريخي والاقتصادي والحيوي الهام! البعض الآخر من المواطنين تكون هذه الزيارة هي الشرارة التي ستوقد شعلة التنمية المتسارعة في هذا الموقع الحيوي جداً لسكان الإحساء وسكان العاصمة الرياض كونه قريبٍاً جداً منهم لينعم المواطن بالراحة والرفاهية في بلاده التي تحتوي على أفضل الأماكن وأمتعها في ظل أمن وأمان وارف الظلال. العقير.. الآثار والتاريخ يعتبر ساحل العقير من أجمل السواحل على ضفاف الخليج ويتميز بتداخل مياه الخليج بالشواطئ الرملية الضحلة وتنوع فيه المظاهر الجغرافية وكثرة الرؤوس والخلجان والجزر ومن بين تلك المظاهر جزيرة الزخنونية التي تبعد 4كم جنوب شرق ميناء العقير وتقدر مساحتها ب 12كم2 والتي يقصدها هواة صيد السمك وليس بها سكان وتوجد بها بقايا قلعة قديمة وبجوارها مسجد، وكذلك جزيرة الفطيم، كما يضم العقير الذي تبلغ مساحتة 721كم 2 العديد من المباني الأثرية ويتكون من خمسة مبان شيدت على فترات تاريخية تعود أقدمها إلى عصر الدولة العيونية (469 - 639ه) وتمتد حتى آخر فترة عام 1374ه وهي: مبنى الجمارك: ويقع بمحاذاة البحر ويتكون من قسمين: مستودع الجمارك، وإدارة الجمارك والفرضة ومبنى القلعة ومبنى الخان. ونظر الكثير من المهتمين بشاطئ العقير على أنه يمثل المدخل الرئيس للتنمية في الإحساء كونه يضع الاحساء في طبيعتها كمنطقة واعدة سياحياً وتقع ممراً للمسافرين واستراحة لهم وملتقى طرق لدول الخليج العربي، وبالطبع فهي تزخر بعناصر الجذب السياحي من آثارٍ تاريخية وشواطئ رملية ساحرة، البعض تمنى أن يرى العقير وقد غدت مقصداً للسياحة من داخل المملكة وخارجها، وأعرب الكثير عن حزنهم الشديد من تجميد العقير وعدم استغلاله طيلة هذه السنوات، مؤكدين أن ذلك قد أضر كثيراً باقتصاد الاحساء، وذكروا أن السياحة صناعة قوية وأن نهوض الشاطئ سيخلق رواجاً للمنطقة تجارياً واقتصادياً وسيكون العائد منه كبيراً على أبناء المنطقة من حيث خلق فرص العمل وتنشيط الحركة التجارية سواء في الشاطئ أو في الطرق الموصل للعقير، وألفت احد رجال الأعمال النظر إلى أن معوقات الاستثمار في العقير للسعوديين وغير السعوديين تتمثل في كون أنه لا توجد ضوابط للاستثمار واضحة حتى الآن! هيئة السياحة والدراسات المهتمون بموضوع العقير ثمنوا لصاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن سلمان بن عبدالعزيز أمين عام الهيئة العليا للسياحة جهوده في بلورة رؤية واضحة لكل المشاريع والخطط التي تتبناها هيئته الفتية، وثمنوا له اهتمامه بالعقير على وجه الخصوص والسعي لتنميته وتطويره، إلا أنهم وصلوا إلى نتيجة مفادها أن استغراق الهيئة العليا للسياحة في المشاريع والخطط التي تعتزم طرحها في الشاطئ بشكل مبالغ فيه تسبب في إطالة عمر البدء في تنفيذ تلك المشاريع ومن ثم بقيت العقير على حالها دون ظهور أي بوادر عن قرب الشروع في تنفيذ أي مشروع سياحي فيه!! الأستاذ عبدالعزيز العامر مدير شركة الأحساء للسياحة والترفيه تساءل عن المشاريع التي سبق للبلدية وأن أعلنت أنها طرحتها ! وأضاف: قامت البلدية في منتدى الاستثمار الذي نظمته الغرفة التجارية بطرح مشاريع استثمارية فنسأل ما الذي طُرح مما أعلن عنه؟!! وأردف الاستاذ عبدالعزيز يقول: سنظل نحن في الأحساء في هذه الدوامة سنوات طويلة مع كل أسف وهذا شيء يكدر الخاطر كما أنه يحزنني ويحزن الكثيرين من أبناء الأحساء الغيورين أننا نرى الأحساء أمامنا جنة ونحن لا نعرف أين نذهب ولا نعرف كيف نستثمرها؟! المهتمون مرة أخرى أكدوا أن نظرتهم في عدم ظهور بوادر لانفراج أزمة تنمية العقير وتحويله إلى معلم سياحي بنيت على رؤية الواقع (المؤلم) والملموس في الشاطئ، حيث إنه لا يزال الشاطئ حتى الآن يفتقر لأبسط الُبنى التحتية كالماء والكهرباء والصرف الصحي والهاتف وخدمة الجوال وشبكة الطرق، وتساءلوا إذا كانت أولويات البنية التحتية غير متوفرة وتحتاج إلى زمن ليس بالقصير ليتم تنفيذها، فكيف سنستقطب المستثمر المحلي أو الخليجي أو الأجنبي ليستثمر في مكان (وضع أي قرش فيه كمن يرمي بماله في البحر؟! المهتمون تساءلوا وأكثروا من السؤال: كيف سيقبل المستثمرون الاستثمار في مكان تسببت البيروقراطية والتعقيدات المتشابكة إلى تحويله إلى أشبه ما يكون بالصحراء المغفرة الموحشة؟!! البعض تساءل: ألا يكفي مرور أربعة أعوام على انطلاق الهيئة في أن نرى النزر اليسير من مشاريع بسيطة تهيئ المكان لأرباب العوائل في أن يجد له مكاناً يستريح فيه وافراد أسرته بدلاً من الذهاب إلى مدينة الدمام أو شاطئ نصف القمر أو ربما دفعه حبه للبحر والراحة في الذهاب إلى أبعد من ذلك كدول الخليج لينعم بجو أسري مريح؟! سكان العاصمة الرياض باتوا في حلم طويل وفي شوق أن يروا أقرب السواحل لهم وقد وقف على قدميه، وباتت المنتجعات تلف خاصرة ذلك الساحل لتغنيهم تلك المنتجعات من السفر الى الخارج!! أولئك المحبون من سكان كافة المناطق أنهوا تساؤلاتهم بتوجيه السؤال المحير والكبير إلى المعنيين بالأمر: يا ترى متى سينعم أبناء الوطن من أهالي الأحساءوالرياض بالسياحة في العقير؟! النقل وطريق العقير يقول المختصون في مجال السياحة أن ألف باء السياحة يكمن في وجود شبكة تخدم المواصلات بأشكالها المختلفة، وهنا نشير إلى أن وزارة النقل أقرت قبل ثلاثة أعوام تنفيذ مشروع طريق ذي مسارين يصل بين الهفوف وشاطئ العقير ويخدم القادمين من مدينة الرياض وذلك بطول 50 كم وكلفة إجمالية بلغت 50 مليون ريال، إلا أن عدم الدراسة الكافية للمشروع قبل اعتماده أدى إلى مفاجئة القائمين على تنفيذه بكونه يمر في منطقة سبخات تتطلب ردم الطريق بكميات كبيرة من الرمال، ما أدى إلى استنزاف أموال كبيرة، مما خلق عجزاً في القيمة الأصلية للمشروع ومن ثم عدم القدرة على إكماله، فتم تحويله من طريق ذي 8 مسارات (أربعة لكل مسار) إلى طريق واحد «غير مزدوج»؟!! وذلك كله نتيجة أن ال 50 مليون ريال المخصصة للمشروع «والتي لا يعلم الكثير كيف أقرت هكذا بلا دراسة مستفيضة» لا تكفي لمسارين! وهنا لابد من الإشارة إلى أن تحويل الطريق من ثمانية مسارات إلى طريق غير مزدوج فإنه سيصبح طريقاً (للموت) جديداً تزهق عليه أرواح الكثير، كما هو حاصل على الطريق (الحالي) الذي تسرح فيه الجمال وتمرح وتصطاد ما يمكنها اصطياده من أرواح مرتادي الشاطئ!! شمّرت بلدية الأحساء وبشكل ملفت عن ساعديها منذ أن استلم دفتها المهندس النشط فهد بن محمد الجبير، فوضع في أولى أولوياته كرئيس للبلدية إنعاش العقير كشاطئ حيوي، ويجمع الجميع على أنه ومع تنامي المشاريع التي نفذتها وتنفذها البلدية في الشاطئ والتي بلغت خلال الثلاثة أعوام الماضية 35 مليون ريال، والتي تدخل كلها ضمن المرحلة الأولى من مشاريع بلدية الاحساء في الشاطئ فإن البلدية لا تزال بحاجة إلى مزيدٍ من الدعم لتنفيذ بقية المراحل الأخرى، ولكي تلبي الحاجيات الأساسية لمرتادي الشاطئ الآخذة أعدادهم في التزايد بشكل ملحوظ يوماً بعد آخر، فمن المؤكد أنه ومع تضاعف الأعداد في الشاطئ فإنه لن تستطيع البلدية ومع إمكانياتها الحالية المتواضعة من توفير مظلات ومياه وخدمات أخرى مساندة تفي بالغرض! فهل يسمع المواطن قريباً اعتمادات مالية جديدة خاصة لتطوير شاطئ العقير؟! مشاريع البلدية بالعقير نفذت بلدية الأحساء العديد من مشاريع البنية التحتية والمرافق السياحية في الجهة الشمالية من الشاطئ والتي خصصت لمشاريع البلدية على أن تكون على مراحل، وستكون هذه المرافق الأسس الهامة التي تجذب الاستثمارات المعولة على القطاع الخاص لإقامة المشاريع الترفيهية على المواقع المخصصة لها. المهندس فهد الجبير رئيس البلدية أفاد عن أنه من ناحية المخطط العام الشامل للعقير فقد تم التركيز على تنمية المنطقة الترفيهية القريبة من المنطقة الأثرية دون التأثير السلبي عليها وتم بموجبه الاستفادة القصوى من الإمكانيات الطبيعية للشاطئ، حيث تم تخصيص مواقع للمظلات وما يتبعها من طرق وممرات ومرافق روعي فيها أحدث الأساليب التخطيطية ومعايير التصميم للمرافق السياحية، ولخص المهندس فهد أهم المشاريع التي نفذت في العقير خلال الثلاث سنوات الماضية، حيث تم في مجال الطرق إنشاء الطرق وسفلتتها بطول (42) كم كطريق ساحلي دائري موازٍ ومحاذٍ لشاطئ البحر وفقاً للمخطط المرفق، كما تم إنشاء (80) مظلة (شاليه) لخدمة عامة المواطنين على درجة عالية من التصميم وجارٍ إنشاء (60) مظلة أخرى ليصبح العدد (140) مظلة مقسمة على مجمعات كل مجمع يحتوي على (10) مظلات، وبالنسبة لممرات المشاة، فقد تم إنشاء أكثر من عشرة كيلومترات من ممرات المشاة وتوصل المظلات ببعضها محاذية وموازية للبحر خدمةً للراغبين في رياضة وكذلك جرى إنارة طريق المشاة المذكور أعلاه بإنارة خاصة هذا بالإضافة إلى إنارة الساحات والمظلات، وتم إنارة الطريق الدائري وطرق أخرى بطول (42) كم. كما يوجد على الشاطئ (100) دورة مياه منها (50) للرجال و(50) للنساء ضمن (10) مجمعات، وتم توفير المياه الخاصة للشرب والمياه الخاصة للاستخدامات العامة وذلك بحفر (3) آبار وإيجاد الخزانات الخاصة بها.