يعتبر الكثيرون في مجتمعنا ذكر اسم أمه أو أخته أو زوجته، أو إحدى بناته فضيحة كبرى، لا يمكن غسل عارها، ويتحاشى قدر الامكان هذا الأمر، الذي بات واحدا من أكثر العادات والموروثات التي لا يمكن التخلص منها بسهولة. مع ان هناك من يرى ان هذه العادة ليست قديمة، وليست من الإسلام، فأسماء زوجات وبنات الرسول صلى الله عليه وسلم والصحابيات كانت معروفة للجميع، كما ان في تاريخنا الحديث من كان يعتز بأخته أو زوجته فيذكرها في محفل عام، مثل الملك عبدالعزيز (طيب الله ثراه)، الذي كان يعتز بشقيقته الأميرة نورة، فكان يردد دائما (..وأنا أخو نورة). (اليوم) تناقش هذه الظاهرة: الاسم فضيحة تبدي أسماء السويلم (موظفة) غضبها من الظاهرة.. وتقول: اسم المرأة في مجتمعنا شيء يجب أن لا يذكر, وإذا ذكر أحدهم اسم أمه أو أخته أو إحدى قريباته فتشعر من خلال نظرات الآخرين له أنه نشر صورتها بين الناس, وكأن الاسم يصفها، ويبيّن شكلها وصفاتها. مع أننا نعلم أسماء زوجات الرسول وبناته والصحابيات، ولم يكن ذلك عيباً ولا حراما في ذلك العهد. وتضرب (أسماء) أمثلة على ذلك قائلة: عندما نقرأ الجريدة نلاحظ أن اسم المرأة المتوفاة في إحدى صفحات العزاء غير مدون, حيث يكتب (والدة فلان) أو (ابنة فلان) أو (زوجة فلان). وفي بطاقات الدعوة لحفل الزفاف لا يدون اسم العروس أيضاً، بل يكتب (كريمة السيد فلان), وكذلك اسم والدة كل من العريسين, ويكتب بدلاً منه (حرم فلان) أو (أم فلان).. وتضيف: نلاحظ هذه الظاهرة عند التوقف عند بعض مدارس البنات, حيث إن بعض الرجال يطلبون من حارس المدرسة استدعاء بناتهم أو أخواتهم باسم العائلة فقط.. وتتساءل: هل يحرم ذكر اسم المرأة؟ أم هو عيب؟.. أم هي مسألة احترام للعادات والتقاليد؟! تناقض وتبدي هند العقيل (ربة بيت) جهلها بالخوف والإحراج الذي ينتاب الرجال من ذكر اسم أهلهم.. وتقول: الغريب أن الأسماء تذكر في جوازات السفر, ويطلع عليها عند الحدود, وفي الأوراق الأخرى, مثلاً عند التسجيل في الجامعة يرى الرجل المسئول عن التسجيل اسمها, وعندما ترغب في الحصول على هاتف جوال يطّلع الموظف في شركة الاتصالات على اسمها، ورقم حسابها في البنك يتطلب ذكر اسمها, وهناك الكثير من الحالات والأماكن التي تتطلب ذكر اسم المرأة, فلماذا في بعض المواقف يخجل البعض من ذكر اسم أهله، وفي مواقف أخرى لا يخجل؟! الأمر قد يتغير أما نواف المديهش (طالب جامعي) فيجد ان من الصعب أن يترك الشخص ما تربى عليه في صغره, فذكر اسم المرأة في مجتمعنا عيب, ولكن قد يتغير الأمر في المستقبل، إذا تخلى البعض منا عن التمسك بالعادات والتقاليد المتوارثة.. ويضيف متسائلاً: ما الفائدة من معرفة الآخرين لاسم الوالدة أو الأخت أو الزوجة؟ هذا لن يزيد في شيء أو ينقص في شيء. أفضل من الرجال ويخالفه الرأي ماجد سيف الحقباني (موظف) قائلاً: حالة الخجل ليست عامة، فهناك من يعتز بأمه أو أخته, تماماً كالملك عبدالعزيز (طيّب الله ثراه)، الذي كان يعتز كثيراً بأخته (نورة), فيذكر اسمها دائماً، ويقول (أنا أخو نورة).. فبعض النساء يستحققن هذا التقدير, فمنهن أحياناً من هي أفضل من ألف رجل. استخدامه كسلاح ونفس الرأي يبديه محمد الصعب (موظف)، الذي يقول: زوجات سيدنا محمد صلى الله عليه وسلّم والمسلمات المجاهدات (رضي الله عنهن), لم يخف أحد أسماءهن في ذلك الوقت, فلماذا العكس في وقتنا الحاضر؟! غير ان الصعب يقول: قد يستخدم بعض المتخلفين اسم المرأة سلاحا ضد أحدهم عندما يعرفه, لا سيّما اسم الأم, فكلما حدث خلاف بينهما يرد عليه (اسكت يا ولد فلانة).. مضيفاً: هذه مشكلة اجتماعية، تتطلب العلاج, وهذا بيد الأسرة والمعلمين في المدارس، ورجال الدين, فهم المسؤولون عن توعية الصغار في السن لينشئوا جيلاً متحضراً. الاسم عورة يعترض فهد العتيبي (طالب جامعي) على ذكر الرجل لاسم أي امرأة تمت له بصلة قرابة, ويقول: صحيح أن اسم المرأة لم يكن عورة في زمن الرسول, ولكن يختلف الوضع في وقتنا الحاضر, مع تغير أخلاق وسلوكيات الناس. فلقد أصبح اسم المرأة اليوم عورة، ومصدر خوف وإحراج, بسبب سوء نوايا البعض, فهل يستطيع رجل ذكر اسم والدته العزيزة، أو أخته الكريمة، لأي شخص لا يعرفه؟ حتى لو كان أحد أصدقائه، فلن يستطيع أن يعلمه بالاسم, لأن في ذلك مضرّة له ولها. تخيلوا لو كان ذلك الصديق نذلاً وهو لا يعلم, ووضع ثقته فيه فأعلمه باسم والدته واسم إحدى أخواته, وحدث شيء بينهما فيما بعد. نزاع مثلاً زرع بينهما الحقد والضغينة, ما الذي سيفعله ذلك النذل أكثر من الانتقام بنشر الأسماء بين الشباب. ويرى العتيبي عدم التهاون أكثر من اللازم في هذا الأمر.. ويقول: نحن في زمن أصبحت فيه الأخلاق العالية عملة نادرة, فنذكر الأسماء لكل من هب ودب. نعم, من الممكن أن نذكر اسم إحداهن للضرورة القصوى، في المستشفيات أو جوازات السفر أو على بطاقات الصراف مثلاً. لكن أن تتكلم عن أمك أو أختك بالأسماء، وبلا داعي عند الآخرين، فهذا شيء ضدك، وليس من صالحك.