بالانسحاب من العراق فان الرئيسة الفلبينية جلوريا ماكاباجال ارويو تكون قد ودعت في نظر الغرب لقبها باعتبارها سيدة اسيا الحديدية لكنها تسمو في نظر مواطنيها الذين يرون انها اتخذت قرارا مستقلا قدم حياة فلبيني على خدمة مصالح امريكا في العراق ورغم الانتقادات الحادة من الولاياتالمتحدة والحديث عن صدع في العلاقات فان المحللين يقولون ان واشنطن بحاجة للحكومة الفلبينية لمواصلة الضغط على المتشددين المسلمين في جنوبالفلبين الذين يعتقد ان بعضهم على صلة بتنظيم القاعدة ولخدمة مصالحها في شرق اسيا. غير أن البعض يتوقع ان يرتفع السعر الذي يبدو ان ارويو مستعدة لدفعه من اجل اطلاق سراح السائق انخيلو دي لا كروز اذا ما قوض الانسحاب مصداقيتها في محاربة المتمردين في بلادها ودفع واشنطن الى قطع مساعداتها الحيوية عن مانيلا. كذلك سيقوض الانسحاب الثقة في أن ارويو الخبيرة الاقتصادية التي تدربت في الولاياتالمتحدة سوف تستغل فوزها بالولاية الثانية في انتخابات العاشر من مايو ايار من أجل تبني قرارات صارمة غير شعبية ضرورية لوقف اعتماد البلاد على القروض واصلاح الاقتصاد المتداعي. وقال توم جريت المدير التنفيذي لشركة استراتيجيات وتقييمات الباسيفيكي للاستشارات اعتقد أن الجميع يرونها الان ضعيفة ومتذبذبة وتميل للتراجع وهو ما قد لا يكون عادلا بعض الشيء بالنظر الى الظروف. ومع ذلك فانها لديها ما يمكن ان تقدمه الان. وبدء خروج أول مجموعة من الجنود الفلبينيين من العراق البالغ عددهم 51 يوم الجمعة يجعل من الواضح بعد أيام من البيانات الحكومية الغامضة أن ارويو سوف تسحبهم كما يطالب خاطفو دي لا كروز. لقد ظلت ارويو التي عملت على طرح نفسها باعتبارها النسخة الاسيوية من المرأة الحديدية البريطانية مرجريت ثاتشر رئيسة وزراء بريطانيا السابقة صامتة تقريبا طوال الازمة تاركة الامر لوزارة الخارجية في اصدار البيانات والتصريحات. والمقارنة بين ثاتشر وارويو بدت ضعيفة في واقع الامر بعد تحول مواقف الرئيسة الفلبينية بشأن ما اذا كان يتعين العمل بعقوبة الاعدام في البلاد وبشأن القرار الذي تراجعت عنه لاحقا الخاص بعدم خوض الانتخابات الرئاسية من اجل ولاية ثانية. الا أنه ليس من المرجح ان يتراجع تصنيفها السياسي نتيجة سحب القوات من العراق. خاصة وأن قرار نشرها هناك لم يحظ بأي تأييد شعبي رغم العلاقات القوية مع الولاياتالمتحدة. ولا بد أن العمل على ضمان اطلاق سراح دي لا كروز سيعني أن ارويو ستحسن من فرصها في بداية سلسة للولاية الرئاسية الجديدة البالغ مدتها ستة اعوام والتي تأتي في أعقاب انتخابات شهدت منافسة حادة واثيرت بشأنها مزاعم من المعارضة حول وقوع اعمال تزوير. وقال فيليب ميراندا رئيس شركة بولز اسيا لاستطلاعات الرأي ان اتخاذ قرار بابقاء القوة الفلبينية في العراق أمر كانت ستفضله المعارضة. وكانت استطلاعات رأي سابقة اجرتها الشركة اظهرت معارضة أغلب الفلبينيين لنشر القوات في العراق. وأضاف قوله كان ذلك سيسمح لهم بشن حملة رهيبة يمكن ان تطيح بها ومن ثم أعتقد ان الرئيسة ارويو ليس أمامها أي خيار من وجهة النظر السياسية البحتة. وكان الكثير من السياسيين الاصدقاء والخصوم على حد سواء قد احتشدوا حولها في مواجهة انتقادات من واشنطن واخرون هاجموا مانيلا. ورغم خيبة أمل واشنطن قال محللون انه لن يكون من مصلحة امريكا معاقبة مانيلا بقطع المساعدات العسكرية الضخمة المقدمة لها أو بخفض اشكال اخرى من المعونة. وقال جرين أتوقع أن واشنطن ستتجاوز ذلك سريعا بدرجة ما لانها مازالت تحتاج الى قدر كبير من التعاون من جانب الفلبين في الحرب على الارهاب. وأعطت الولاياتالمتحدة أكثر من مائة مليون دولار مساعدات على مدى أكثر من خمسة أعوام للجيش الفلبيني الذي عرقل نقص التدريب والمعدات من محاولاته للقبض على متشددين اسلاميين يشتبه في ان متمردي جبهة مورو الاسلامية للتحرير يوفرون لهم الحماية في مينداناو. وقال دبلوماسي في مانيلا لفترة تصورت انه قد يصيب الفتور العلاقات مع واشنطن لكن الى متى قد يستمر ذلك لا احد يعلم. وتابع اعرف ان الامريكيين يعتقدون ان الفلبينيين يشكلون نوعا من العبء الا انهم يقفون الى جانبهم. شاءوا أم أبوا. لا اعتقد انهم سيتخلون عنهم الا انه قد يكون هناك بعض التباطؤ في المساعدات القادمة. وتابع في اشارة الى مدينة في مينداناو وجزيرة قريبة المسألة هي ماذا سيحدث مستقبلا عندما يخطف احدهم في زامبوانجا او باسيلان وتطرح جماعة ابو سياف أي مطالب من الحكومة الفلبينية.