اكد الشيخ صالح عبدالعزيز محمد آل الشيخ وزير الشؤون الاسلامية والاوقاف والدعوة والارشاد ان الارهابيين الذين اهدروا الدماء المعصومة وروعوا الآمنين باعمال تخريبية في بلاد الحرمين اشد خطرا على الاسلام واهله من اعدائه من المشركين والكفار. لانهم يأتون من حيث يأمن الناس، فيقتلونهم غيلة في مضادة صريحة لمقاصد الشريعة الداعية للامن والمحافظة على الدماء والاموال واعراض المسلمين. ان علاج ظاهرة الارهاب يتم عبر 3 محاور: وقائية وعلاجية ورادعة مؤكدا ان مسؤولية المواجهة ليست قصرا على رجال الامن فقط بل هي مسؤولية كل مسلم يعيش في بلاد الاسلام كل في حدود استطاعته ومحذرا من يسعى لتبرير هذه الاعمال الاجرامية او يتعاطف مع مرتكبيها من الدخول في دائرة الاثم وفيما يلي نص الحوار: تأصيل فقه الازمات @ على مدار عام كامل تعرضت بلادنا لعدد من العمليات الارهابية من قبل جماعات التفجير والتكفير بخلاف ما نجحت اجهزة الامن في افشاله من مخططات. فما المخرج من ذلك من وجهة نظركم؟ وهل اصبحت الامة بحاجة الى تأصيل ما يعرف بفقه الازمات والفتن؟ ان اول ما يظهر لنا في اصول النظر في فقه الازمات والفتن العناية بفقه المرجع، فلابد للناس من مرجع يرجعون اليه وهذا هو الاصل في قول الله جل وعلا: (وإذا جاءهم أمر من الأمن أو الخوف أذاعوا به ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم ولولا فضل الله عليكم ورحمته لاتبعتم الشيطان إلا قليلا) والاية الكريمة دلت على عدة امور الاول ان امر الخوف وهو زمن التقلبات والفتن والازمات يجب الا يذاع كل ما يتعلق به وهذا استنكار وكراهة لهذا الامر، الامر الثاني ان المرجع في زمن الخوف للإمام كما في قوله تعالى (ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم) والرسول صلى الله عليه وسلم جاء ذكره في هذه الآية لاجل منصب الامامة وليس لاجل الرسالة، لان ما يرجع فيه في النص او في فهم الصحابة الى النبي صلى الله عليه وسلم تارة يتعلق بكونه عليه الصلاة والسلام نبيا ورسولا مبلغا عن ربه الموحى اليه وتارة لكونه الإمام الأعظم للمسلمين وتارة يتعلق بكونه عليه الصلاة والسلام قاضيا فاصلا في الخصومات وهكذا. والمقصود من هذا ان افعال النبي صلى الله عليه وسلم وما ينسب اليه وما يضاف اليه يتنوع بتنوع الحال، وقال اهل التفسير ان اولي الامر في الآية هم اهل العلم، وذلك لان ولي الامر الذي هو الإمام المقصود به، ذكر في المقام الاول في قوله: (ولو ردوه الى الرسول) هذا يعني ان المرجعية في احداث الخوف والازمات والفتن ، كما هي في حال الامن لكن لابد من وضوح المرجعية وانها لأهل الاختصاص ولي الامر الذي هو الإمام فيما يختص به من الامر العام حيال المسلمين والدفاع عنهم والنظر في ذلك واهل العلم الشرعي فيما يتعلق باستنباطهم من النص وما يتعلق بايضاحهم الشرع وهذا ظاهر بين، والخروج عن هذه المرجعية نبهت الآية الكريمة الى عواقبه، قال تعالى: ( ولولا فضل الله عليكم ورحمته لاتبعتم الشيطان إلا قليلا) فانه لولا حصول هذا التوجيه لكان هناك خروج لاتباع الشيطان والعياذ بالله. التبرير بالقرآن والاحاديث @ يستند اصحاب الافكار المنحرفة من المتطرفين الى بعض آيات القرآن الكريم او الاحاديث النبوية الشريفة لتبرير اعمالهم الاجرامية، بعد ان انزلوا هذه الآيات على غير مواضعها، فماذا تقول في ذلك؟ عند الحديث عن هذا الامر لابد من الرجوع الى الاصول الشرعية مع النظرة الواقعية في زماننا هذا، فعلى سبيل المثال مادة (رهب) والتي يشتق منها لغويا كلمة الارهاب تعني الخوف، قال جل وعلا: كانوا يسارعون في الخيرات ويدعوننا رغبا ورهبا) والرغب هو الاقبال والمحبة، والرهب هو الخوف، وهذا الخوف او الاخافة جاء محمودا في اخافة الاعداء في سورة الانفال لقوله جل وعلا: (ترهبون به عدو الله وعدوكم) والمعنى هو ارهاب العدو في ارض المعركة، وهو امر محمود باتفاق اهل العلم لكن العمليات الاجرامية والارهابية التي ارتكبها هؤلاء الضالون في بلادنا المباركة اوجدت معنى خاصا لهذه المادة مادة رهب، وهو اخافة المسلمين والمعاهدين والمستأمنين بغير وجه حق، وهو امر مذموم وان كانت هذه المادة لم تأت في ا لكتاب والسنة الا انها موجودة في معناه، فالله جل وعلا يسمي من ارهب مسلما بغير وجه حق، يسميه مفسدا في الارض ومحاربا لله ورسوله، قال جل وعلا: (إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فسادا أن يقتلوا) ولا نجد من الناحية الفقهية اي اشكال في تعريف الارهاب المذموم الذي يوصف فاعله بانه محارب لله ورسوله، والذين يحاولون تبرير جرائمهم الارهابية بإنزال آيات القرآن الكريم والسنة في غير مواضعها، يتجاهلون عن عمد آيات كثيرة واحاديث كثيرة تحرم ترويع الآمنين، وتحرم قتل الانفس المعصومة وتحرم اهدار اموال المسلمين، وتحرم اطلاق التفكير واخلال الامن، وهذا لاشك يرجع الى زيغ في العقل ومرض في النفس، واهواء واغراض حجبت حقيقة الاسلام عن هؤلاء فضلوا واضلوا، بل والادهى انهم باعتبارهم من المنتسبين للاسلام، اعطوا اعداء الاسلام فرصة اكبر لشن حملاتهم المغرضة لتشويه صورة ديننا الحنيف، فأصبحوا بذلك ادوات لتنفيذ مخططات اعداء الدين، بل انهم اشد خطرا من الاعداء من المشركين والكفار. اخطر الأعداء @ وما الذي يجعل من الإرهاب الذي يرتكبه المحسوبون على الاسلام اشد خطرا من مخططات اعداء الدين؟ اعداء الاسلام من المشركين والكفار نعرفهم جيدا، واهدافهم معروفة والمؤمن يتيقظ لهذا الجانب، اما هذه الفئات التي تنتسب للاسلام، وتزعم ايضا دفاعها عنه وترفع راية الجهاد، وانها تقتل لنصرة الاسلام، وتدمر لرفعة الاسلام، وتخيف لعزة الاسلام، فان خطرها اشد، لان شرهم يأتي من حيث يأمن الناس، ولانهم جاءوا على جهة مأمن، فالناس في مأمن وهم يعتدون عليهم فالمسلم لا يتوقع شرا من اخيه المسلم، فكل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه كما جاء في الحديث الشريف. وهذه الفئات الارهابية الضالة رفعت راية الجهاد زعما وقتلت المسلمين والمعاهدين والمستأمنين عمدا ولهذا نقول ان هؤلاء الارهابيين لم يحاربوا الدول والمجتمعات الاسلامية او المسلمين لكنهم في الحقيقة حاربوا الله ورسوله، ذلك ان مراد الله جل وعلا ومراد رسوله صلى الله عليه وسلم من نزول الشريعة ان يعبد الناس ربهم وحده لا شريك له، ليتحقق لهم الامن في البلاد التي استخلفهم الله جل وعلا فيها، قال تعالى في سورة النور (وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم وليبدلنهم من بعد خوفهم أمنا يعبدونني لايشركون بي شيئا) وهذه الآية دلت على ان تحقيق الدين عبادة الله جل وعلا وحده لا شريك له، وما يتضمنه ذلك من امتثال الشريعة بكاملها هذا نتيجة الأمن، والنبي صلى الله عليه وسلم وصف هذا الامر الذي هو الدين بالتمام لتحقيق الامن، فقال عليه الصلاة والسلام (والله ليتمن الله هذا الأمر حتى تسير الظعينة من مكة الى صنعاء) او قال (من مكة الى العراق لا تخشى الا الله) فحقيقة تمام الدين هو تمام الأمن لانهما متلازمان وبالتالي فان الاخلال بأمن المسلمين هو مضادة لإرادة الله وانتقاص للدين وهو محاربة لله جل وعلا ولرسوله صلى الله عليه وسلم وليس ادل على ذلك من قتل رجال الأمن. ارهاب المستأمنين @ وهل يستوي في ذلك من يرهب المسلمين مع من يرهب غير المسلمين من المقيمين في بلاد الإسلام؟ الظاهر اليوم من العمليات الارهابية التي وقعت في بلادنا المباركة انها لا تفرق بين دماء المسلمين او غير المسلمين، والقتل من اعظم الذنوب بعد الشرك بالله ثم قتل الانسان لنفسه بالانتحار او قتله للغير، وهذا الغير اما ان يكون مسلما او ان يكون غير مسلم معصوم الدم، ومعلوم ان الديار في تقسيم الفقه اربعة انواع دار الاسلام ودار العهد ودار الحرب ودار مختلطة يحكم على كل واحد فيها بحكمه، وبلادنا دار اسلام فيها الحقوق كاملة وشاملة لكل من يعيش فيها، من مسلمين وغير مسلمين، من جهة عصمة الدم والمال وهذه الحقوق كاملة مستوفاة سواء كانوا اهل ذمة لهم الحق في الامن ام كانوا اهل امان وعهد وميثاق وهؤلاء ايضا لهم الحق في الامن حتى ان الشريعة جاءت بان المسلم الواحد لو اعطي الامان فان المؤمنين يسعى بذمتهم ادناهم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (المسلمون تتكافأ دماؤهم ويسعى بذمتهم ادناهم) ولهذا فان الاعتداء بمأمن على معصوم الدم مسلما كان او غير مسلم على الوصف الذي ذكرت، فانه ارهاب لانه اخافة بقتل او ما دونه من صور التخويف والترويع بغير وجه حق، والفقهاء رحمهم الله تعالى خاصة الفقهاء الحنابلة وغيرهم يقولون ان قتل الغيلة لا يقبل فيه عفو اولياء القتيل، وانما الذي يقبل فيه العفو القتل الذي يكون عن مواجهته خصومة غضب كأن يتشابك رجلان فيقتل احدهما الآخر، ويقول الفقهاء في قتل الغيلة، ان هذه الحالة لا يقبل فيها العفو لانه اذا قبل فيها العفو صار الفساد العريض في الاعتداء على هذا الوجه. خلط مفاهيم الجهاد @ لكن توالي العمليات الارهابية يؤكد ان هناك خلطا كبيرا في مفاهيم الجهاد وشروطه، وان هناك من لا يزال يعتبر الارهاب الاجرامي جهادا.. فهل تسلطون الضوء على هذه الاشكالية من المنظور الشرعي؟ الجهاد له شروطه الشرعية واحكامه وله تفاصيل نص عليها العلماء، وهو عبادة لانه دفاع عن الحق ورد للمعتدين واعلاء لكلمة الله ومن احكامه انه لابد ان يدعو له الامام ولي الامر، لانه هو المخاطب باقامة الجهاد الشرعي. اما آحاد الناس فلا يصح منهم الجهاد مع وجود الحاكم ولي الامر، وادلة هذا في الشريعة كثيرة قال تعالى (وحرض المؤمنين عسى الله أن يكف بأس الذين كفروا) والخطاب للنبي صلى الله عليه وسلم والخلفاء وولاة الامر يقومون مقامه في ذلك وكان الصحابة يستأذنون النبي صلى الله عليه وسلم في الجهاد، وربما ردهم عن الجهاد الى نوع آخر من العبادة فمصلحة الجهاد وظروفها راجعة الى الدولة اي الى ولي الامر فهو ادرى بذلك وهو المرجع في ذلك شرعا ومن جاهد من تلقاء نفسه فقد افتأت على ولي الامر. والارهاب اعتداء بغير حق وتخويف وليس تحت راية شرعية ولهذا فقتال المعصومين في بلاد الاسلام وقتلهم وجرحهم والفتك بهم وبأموالهم ليس جهادا ولا انكارا للمنكر باجماع الامة اهل السنة والجماعة وغيرهم، لكن خرج من شذ عن هذا الاجماع لفتاوى باطلة وشبهات لا يجوز اتباعها قال تعالى: (فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله وما يعلم تأويله إلا الله) فالجهاد عبادة ودفاع عن الحق ورد للمعتدين، اما الارهاب فاعتداء وظلم وجور وقتل وتخويف وسلب للامن وبث للفرقة وترويع للصغير والكبير، وهو جرم كبير يفسد ما امر الله به من نشرالامن ومحاربة الاجرام والسعي في الارض بالفساد (ومن الناس من يعجبك قوله في الحياة الدنيا ويشهد الله على مافي قلبه وهو ألد الخصام وإذا تولى سعى في الأرض ليفسد فيها ويهلك الحرث والنسل والله لا يحب الفساد وإذا قيل له اتق الله أخذته العزة بالإثم فحسبه جهنم ولبئس المهاد). تسلل الفكر المتطرف @ كثيرون يعزون تسلل الفكر المتطرف الى شبابنا الى مرحلة الجهاد ضد الاحتلال السوفيتي في افغانستان.. او بفعل استقطابهم من قوى تضمر الشر للاسلام واهله فماذا تقولون في ذلك؟ ليس هذا صحيحا على الاطلاق، فالشباب الذين عملوا هذه الاعمال الارهابية لم يشاركوا في الجهاد في افغانستان، لكنهم ذهبوا بعد ذلك واعمارهم تدل على ذلك ومن غير المستبعد ان من يرتكبون الاعمال الارهابية من الشباب في بلادنا خدعوا من قبل جهات تريد الاساءة للاسلام والمسلمين ونحن نعلم جميعا ما تضمره الصهيونية العالمية من حقد وما تدبره من مكائد للنيل من الاسلام لكن ثمة دروسا نستخلصها من ذلك ومنها: ان درء المفاسد مقدم على جلب المصالح فاذا كان امر الجهاد في بعض البلدان يقوم عليه من لا يمثلون الجهاد الشرعي بجميع شروطه فلا يجوز التساهل في بعث شبابنا اليهم او السماح لهم. بالتجربة وجد ان بعض من ذهب للجهاد في اي مكان وهو لم يتسلح بالعلم الشرعي والمعرفة تأثر بافكار التنظيمات الارهابية والاجتماعات السرية ثم جاء بها الى هذا البلد فعمل مالا يحل. @ هناك اسباب نفسية وشرعية تجعل تأثر الشباب السعودي كبيرا، اما النفسية فهي ان عواطفهم جياشة وقوية في الحق ويذهبون الى من يستغل هذه العواطف بغرس افكار ومبادئ ضالة كالتكفير والحزبية.. الخ. والعاطفة يجب ان تكون في اطار الشرع والعقل والا جرفت صاحبها اما الاسباب الشرعية فذلك ان الشباب السعودي متدين بالفطرة ونشأ في مجتمع يحب الدين ويحرص على الحق فاذا صاحب ذلك جهل وعدم علم ثابت بمنهج السلف والقواعد السلفية في العقائد والاتباع فانه يلقن ويربى على الافكار البدعية والحزبية التي يظنها الحق ثم يدخل في خلايا وجماعات ترسخ تلك المبادئ الضالة فيه. ومع وجود هذه العوامل الا ان الاتجاه التوعوي والعملي لعلاج المشكلة لم يكن كافيا سيما في المجال الشرعي لوجود اشكالات وشبهات وانعزال هؤلاء عن اهل العلم ومحاضرات المساجد وانغلاقهم على اصحابهم وقادتهم. التستر بالدين @ كثير من المنظمات الارهابية هي في الاساس حركات سياسية تتستر تحت شعار الدين.. الا تعتقدون ان توعية الشباب مبكرا بهذا الجانب كان ضعيفا من قبل المشائخ والدعاة مما جعل كثيرا منهم يسقط فريسة سهلة لاصحاب الايدلوجيات السياسية الهدامة؟ * التيارات والجماعات الارهابية التي تبني منطلقاتها وسياساتها واعماله على الاعتداء على الناس لها مفاهيم ضلت فيها فأفكارها ومعتقداتها محصورة وفي اساسها لا وجود لها في بلادنا وانما نبتت في بلاد اخرى والامر يتطلب حصرا شاملا من اهل العلم لجميع شبههم والجواب عليها والرد بأدلة وقواعد مفصلة مقنعة شرعا وتزويد كل الجهات وطلبة العلم والخطباء والدعاة بها ليكونوا على بينة منها وليردوا على تلك الافكار فالمطلوب حصر للشبه والرد عليها (التكفير، الجهاد وضوابطه، التوالي والمولاة، المواثيق الدولية، الحكم بغير ما انزل الله، العلاقات السياسية، الشريعة والتنظيم، الاغتيالات، التكفير باللازم، انكار المنكر بالقتل وسفك الدم، اقامة الحدود والتعزيرات لمن؟، التنظيمات السرية وكفر الدولة.. الخ) وحقيقة كثير من طلبة العلم والدعاة والمعلمين والخطباء لا يحسن منهج اهل السنة والجماعة او اتباع السلف الصالح في هذه المسائل، فاذا طرقت لم يرد عليها بجواب كاف ولهذا تعظم الشبه وتزيد في الشباب، فحصرها من اهل العلم والرد عليها لتكون كالمرجع لكل حملة العلم والمدرسين في الجامعات وفي المدارس والمساجد ووسائل الاعلام مهم جدا تحذيرا من انتشار هذا الفكر وردا عليه وبالتالي كانت توعية الشباب ضعيفة وذلك يرجع الى اسباب منها: المجاملات الدينية، فالمصارحة ضعيفة، والمجاملات قوية، والواجب النصح، فالدين النصيحة كما جاء في الحديث الصحيح: (الدين النصيحة ثلاثا قالوا: لمن يارسول الله؟ قال: لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين ولعامتهم) كذلك ظن الكثير ان هذه الاتجاهات الارهابية ملاحقة داخليا ودوليا، وهذا سيقضي عليها، فلم يكلف نفسه القيام بالواجب، وبعضهم يخشى ان يكون مع اعداء الامة على هؤلاء، فيحجم عن البيان وتوعية الشباب لذلك ويضاف لذلك نقص الشجاعة في بيان الاحكام الشرعية، واداء الامانة ولنا في ابن عباس رضي الله عنهما قدوة حيث ذهب الى الخوارج وناقشهم وجادلهم بقوة حجة ورباطة قلب فرجع منهم طائفة الى الجماعة. كذلك غياب المشروع المتكامل الذي تنفذه الجهات العلمية والتعليمية والدعوية فيحتج البعض بالمتناقضات في ذلك فاذا رأى جهدا يصب في التحذير وجد جهة اخرى تسهل واذا حاضر بمحاضرة او كتب كتابا لم يجد له التشجيع، وكما ان العقوبة سبب لتضييق الدائرة، فتشجيع من يقوم بالواجب سبب لكثرة من يقوم به، وتكاتف الجميع ضمن مشروع متكامل للتوعية والارشاد بحظر هذه الايدلوجيات السياسية والجهادية المنحرفة، التي ضادها اهل العلم بجميع فئاتهم وعلى مختلف بلدانهم. التبرير بمظالم المهن @ يحاول البعض تبرير الاعمال الارهابية بالاوضاع السياسية العالمية وما يتعرض له المسلمون من معاناة في اماكن كثيرة من العالم فالى أي مدى ترون صحة ذلك؟ * هذه المبررات غير مقبولة سواء كان فيما يتعلق بالاعتداءات على الشركات والافراد غير المسلمين المقيمين في بلاد الاسلام، او الاعتداء على المدنيين الآمنين الذين لا يحاربون الاسلام واهله وتبرير مثل هذه الاعتداءات او التعاطف مع مرتكبيها مشاركة في هذه الجريمة وتشجيع عليها والعجب كل العجب، ان بعض من يدعمون الفكر الارهابي يفتون بجواز قتل النساء والاطفال اذا كانوا تابعين لمن يجوز قتلهم بحسب فكرهم وآرائهم ومواقع الانترنت تزدحم بهذا النوع من الفتاوي التي تنافي مقاصد الشريعة جملة وتفصيلا فالاسلام لا يأخذ احدا بجريمة احد فلا تزر وازرة وزر اخرى. وهؤلاء الذين يفتون بجواز قتل النساء والاطفال الم يطلعوا على وصايا الرسول صلى الله عليه وسلم لقواد الجيوش الاسلامية والتي يأمرهم فيها بألا يقتلوا طفلا ولا امرأة، ولا شيخا ولا راهبا بل ولا يقطعوا شجرة او يردموا بئرا او يذبحوا دابة الا لمأكلة. ثم تعال ننظر فيما فعله الارهاب وهل رفع معاناة المسلمين او اعاد اليهم حقوقهم ام انه كان سببا في معاناة اكبر بعد ان استعدى العالم بأسره ضد الاسلام والمسلمين، وساعد اعداء الاسلام المشركين على ترسيخ علاقة الاسلام بالارهاب ونتساءل: اليس في هذه العمليات الاجرامية صد للناس عن سبيل الله وتعطيل لجهود الدعوة الى الله والعمل الخيري، وتنفير لغير المسلمين من الاسلام.. ان الموازنة المنطقية العادلة بين المصالح والمفاسد تؤكد ان الاعمال الارهابية جرت ويلات كثيرة على امة الاسلام على كثير من الشعوب الاسلامية ومن يحاول تبرير هذه الجرائم الارهابية او يتعاطف معها او يفرح بها فعليه اثم فاعلها، كما قرر العلماء والفقهاء ذلك عند قوله تعالى: (إنكم إذا مثلهم) فالسكوت عمن يدبرون هذه الاعمال مع العلم بذلك او الاشتباه نوع من التعاون على الاثم والعدوان ووقوف مع المجرمين المحاربين لله جل وعلا ورسوله صلى الله عليه وسلم. البحث عن مبررات @ لكن البعض ممن يحاولون ايجاد مبررات لهذه العمليات الارهابية يقول ان محركها الاول عند مرتكبيها هو الطاعة والرغبة في نصرة الاسلام فماذا تقولون في ذلك؟ * هذه المبررات تعد دفاعا وامتدادا لفكر الخوارج الذين وصفهم الرسول صلى الله عليه وسلم (بأنهم كلاب اهل النار) وفي حديث آخر قال في وصفهم: (يحقر احدكم صلاته مع صلاتهم، وصيامه مع صيامهم، يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية اينما لقيتموهم فاقتلوهم) والخوارج في زمن الرسول صلى الله عليه وسلم قال احدهم: (اعدل يا محمد) دون ادنى مبرر لهذه المقالة السيئة سوى زيغ النفوس ومرض القلب وضلال العقل وضعف الايمان، بعدها يأتي الاحتجاج بالادلة من الآيات المتشابهات، قال تعالى: (هو الذي أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات هن أم الكتاب وأخر متشابهات فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله). والمتشابه في القرآن الكريم والسنة المطهرة هو ما يشتبه علمه الا على العلماء الراسخين. والخوارج هم قتلة عثمان بن عفان خليفة المسلمين - رضي الله عنه - دون مبرر الا ما ظنوه هم من بعض التصرفات التي لولي الامر حق التصرف فيها، لكنهم اقنعوا انفسهم بصحة رأيهم فقتلوه، وهو يقرأ القرآن الكريم فأي طاعة في هذا والخوارج ايضا هم قتلة علي بن ابي طالب الخليفة الراشد المبشر بالجنة - رضي الله عنه - فأي طاعة في هذا، فالرغبة في الطاعة ان وجدت لدى هؤلاء تتحول الى معصية بسبب الجهل بالعلم الشرعي، فهذه الاعمال الارهابية لا مبرر لها شرعا او عقلا، وهؤلاء الخوارج الجدد كفروا الحكام والعلماء، واهدروا الدماء المعصومة دون مبرر فأي طاعة في هذا؟ الوسطية والغلو @ منذ حدوث اول التفجيرات بمدينة الرياض منذ اكثر من عام طالبتم بمشروع وطني لرعاية الوسطية ونبذ الغلو، فما مصير هذا المشروع؟ * ترسيخ ورعاية الوسطية ليست مطلبا آنيا يرتبط بحادث يقع هنا او هناك بل ان ذلك واجب شرعي لان الله جل وعلا - وصف هذه الامة بأنها الامة الوسط، فقال جل وعلا (وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا). وسمات هذه الوسطية موجودة في كل كتب العقائد وكتب اهل السنة والجماعة واهل الحديث والاثر التي ينصون فيها على ان هذه الامة وسط وعلى ان اتباع المنهج الصحيح وسط ايضا بين الغالي والجافي وهذه السمات موجودة في سلوك الصحابة رضوان الله عليهم وفي سلوك ائمة الاسلام، فالوسطية والاعتدال هي سمة الشريعة بنص القرآن الكريم وهذه الشريعة متسمة بأنها شريعة السماحة ورفع الحرج، يقول جل وعلا: (وما جعل عليكم في الدين من حرج). ومنهج الوسطية والاعتدال موافق للشرع، كما يوافق العقل السليم والفطرة السوية، لانه يراعي اختلاف القدرات والامكانات واختلاف الازمنة والامكنة ومشروع رعاية الوسطية والاعتدال الذي نطمح اليه ليس بناء لكنه جهود تتسق وتتكامل لبيان ما هية الوسطية في الاسلام واثرها في حياة المسلمين، بعيدا عن الافراط او التفريط بين العقل والعاطفة بين الحماس والخمول، فالامر وسط في ان نعمل جهدنا وفق المنهج الشرعي، وحقيقة فان العمليات الارهابية بما نتج عنها من تخريب ودمار وترويع للآمنين وقتل للابرياء، كشفت خطر التطرف والغلو وما يترتب عليه من اضرار بمصالح الامة بدرجة لا تقل عن خطر التفريط في الدين، ولعل هذا يكون البداية لمزيد من الاهتمام بترسيخ الوسطية والاعتدال في مدارسنا وجامعاتنا وجميع امور حياتنا تطبيقا لتعاليم القرآن الكريم.. الذي جعلنا امة وسطا. مهاجمة المتدينين @ كيف يمكننا تحقيق التوازن بين ثوابت دولتنا ومجتمعنا كدولة تقوم على الشريعة الاسلامية ومجتمع محافظ متدين بحيث لا تتحول النقمة على تيار متطرف محدود الى زعزعة للدعائم الاساسية التي يستند عليها نظامنا السياسي والاجتماعي؟ * هذا سؤال مهم جدا وكأني المح في السؤال استعراضا لكثير من الكتابات والمقالات والمقابلات المقروءة والمنظورة في تحليل الحدث الذي جعل كثيرين يهجمون على المتدينين وعلى المبادئ الاسلامية الثابتة او الاجتهادية ومع ان كثيرين من اولئك يؤمنون بالرأي والرأي الآخر ويدعون للحوار، لكنهم مع هذه القضية هاجموا من يحكم على الارهاب وما حدث بأنه جريمة فلم يقتصروا على مهاجمة المجرمين بل جعلوها فرصة للهجوم على جميع اصحاب الافكار والاطروحات حتى ولو كانت مقبولة كلا او بعضا. والواجب ان يحافظ جميع المواطنين مهما اختلفت اتجاهاتهم النفسية والفكرية على وحدة الوطن وكما قال صاحب السمو الملكي الأمير عبدالله بن عبدالعزيز: امران لا مساومة عليهما الدين والوطن. والنيل من اساسات الدين في البلد لا يخدم جمع الكلمة ولا وحدة الوطن، بل هو زرع للفتن في النفوس والانصاف مطلوب وتوحيد الجهود في الوقوف ضد الارهاب بجميع صوره يتطلب العقل والحكمة والا يصطاد في الماء العكر كما يقال. ولهذا فاني انصح جميع الفئات ان نكون منصفين في هذه المرحلة مجتمعين تحت راية واحدة ولتحقيق الاساس الذي قام عليه هذا البلد وتمكنت بسببه الدولة وهو كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وامور الشريعة منها ماهو مجمع عليه فليس لأحد ان يناله بنقد او رد، واجتهادات متنوعة فهذه فيها البحث والحوار مع الرفق والهدوء والانصاف ورعاية المصالح والمفاسد والمآلات. سبل المواجهة @ من وجهة نظركم كيف السبيل الى مواجهة الارهاب بجميع صوره واشكاله؟ * هذا السؤال رغم قلة كلماته وبساطة طرحه فان جوابه يحتاج الى توافر الجميع من السياسيين والعلماء والاعلاميين والمفكرين للجواب عن مثل هذا السؤال السهل بألفاظه، الصعب بفحواه لكن نقول انه ينبغي لهذه المواجهة ان تكون ثلاثية المحاور، المحور الاول منها: ان يكون لدينا برامج وقائية تحد من انتشار هذا الفكر الضال، فلا يتأثر به او يسقط في براثنه المزيد من الشباب، والمحور الثاني برامج علاجية اما المحور الثالث فالقضاء والحكم والتأديب والقوة، والوقاية مسؤولية الجميع فمن اعظم اسباب وجود الافكار الضالة في تقديري سببان الاول: وجود الجهاد في بعض ارض الله، وذهب له من هو غير مؤهل للجهاد لا سنا ولا تفكيرا ولا تربية ولا وصفا فصار هناك انتقام باسم الجهاد، بحركة رجوعية وهنا لابد من الوقاية حتى لا يتوسع في هذا الجانب خصوصا في المناطق التي يكون فيها الجهاد مظنونا والامر الثاني ان يكون هناك تكثيف لمحاربة الغلو في الدين، لأن الدين دين اعتدال لا يقبل بالغلو والتطرف والتزمت كمالا يقبل بالميوعة في الدين والتفريط في الحقوق واصول الشريعة والوقاية تكون بمواجهة الغلو بجميع انواعه وأشكاله وكذلك مواجهة التميع والتغريب ايضا بحسب المقدرة. اما المحور الثاني الذي يتعلق بعلاج الارهاب فلابد ان يستهدف مخاطبة من وقعوا فريسة لهذه الافكار الضالة، او من تأثر بها، وان يفتح باب الحوار وهو المسمى في الشرع المجادلة بالتي هي احسن والحوار والمجادلة والبحث في هذه الامور مطلوب ومقبول الا من حمل السلاح ضد المسلمين واستخدامه ضدهم. وكثير ممن صار معهم ميادين مراجعة رجعوا عن افكارهم الضالة، وصدرت كتيبات في هذه المراجعات بعد حوار مع المتخصصين من اهل العلم والعلماء وهذا المنهج العلاجي القائم على الحوار يعطينا ايضا بعدا وقائيا من التأثر بهذه الافكار لأن الشبه والمبررات التي يسوقها الغلاة والمتطرفون واهية وغير مقنعة لكن لابد من تفنيدها بالحجة والدليل من خلال الحوار. والمحور الثالث في مواجهة الارهاب هو القوة والحزم والقوة اولى درجاتها عدم التساهل مع هؤلاء لا في لفظ ولا في تبرير او تعاطف لان ذلك يوقع كثيرا من العامة في الاشتباهات ولهذا يجب المعاملة بحزم وقوة، واول من يجب ان يعامل هؤلاء بحزم وقوة من ائتمنهم الله جل وعلا على الامن العام، ثم من ائتمنهم الله تعالى على الكلمة والبيان والحجة الشرعية وهم العلماء لان الله جل وعلا اخذ الميثاق على ان يبين اهل العلم بالبيان الكافي لا يداروا في ذلك قال تعالى: (وإذ أخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب لتبيننه للناس ولا تكتمونه) وهذا واجب اهل العلم كذلك المواجهة بحزم وقوة من جميع من عنده قدرة على المواجهة ليتم ردع هؤلاء المنحرفين الضالين. لا يوجد مبرر لقتل الابرياء