لماذا يعاكس الشباب الفتيات ؟ هل يبحثون عن دليل قاطع على أنهم صاروا شباباً ؟ ! إن كان الجواب ب (نعم) فإن السؤال يظل في استرسال: (لماذا ) ؟ ... هل بسبب قلة ثقتهم في أنفسهم، أن بسبب فراغ شعورهم بالمسؤولية ؟ ثم ماذا عن الفتيات اللواتي يتعرضن للتحرش الكلامي من قبل الشبان، وللمعاكسة بمختلف درجاتها .. علما أنها (رأي المعاكسة) فعل غير مهذب سواء تضمنت ألفاظاً مهذبة أو العكس أو سوى ذلك من (قاموس) هذا الجيل الحافل بالمفردات ؟ ثمة من يقول إن الفتيات وبالأحرى بعض الفتيات حتى وإن اعترضن على المعاكسة كسلوك وكفعل .. علناً ، إلا إنهن لا (ينزعجن) حقيقة من الفكرة، مع إنهن قد يعمدن إلى الرد بعنف يردع (المعاكس) أو قد يصمتن ويمضين غير آبهات بما يلقي في مرمى أسماعهن ! وهنا جولة على بعض الشبان والشابات في الدمام، ممن كانت لهن ولهم تجربة أو (طريقة) مع المعاكسة، حيث بحثنا في أسباب ودوافع هذه الظاهرة التي تتفشى بين الشباب في كل المجتمعات . سيكون نصيب الشاب (المعاكس) من الفتيات التي يعاكسها (درساً في الأخلاق) ربما، أو (التطنيش) أو (ابتسامة متكبرة) مع ايماءة بالرأس سيصعب عليه تفسير معناها ... تختلف ردود أفعال الفتيات على (المعاكسة) كما تختلف وجهات نظر الشباب (المعاكسين) الذين يصل بعضهم إلى حد القول إ، الفتيات هن من يعاكسنه، أما هو فلا يفعل أكثر من الانسياق في اللعبة !! (أمل) طالبة جامعية، ابتسمت للسؤال حول المعاكسة وموقفها منها، قبل أن تقول: (إذا عاكسني شاب، أرد عليه بكلمتين وأمشي). ماذا تقولين له ؟! أعطية درساً في الأخلاق ، لأنها قليلة عنده أصلا، عل هذه الكلمات تنفعة .. اسأله أولا: أليس لديك أخت ؟! لأنني متأكدة أنه سيغضب كثيراً إذا ما عاكس أحد الشبان أخته، بل أنه قد يضربه ضرباً شديداً . أما (غادة) فتفضل الصمت، وعدم الرد، على من يعاكسها وتعزو غادة أسباب المعاكسة إلى ( التخلف الفكري، وقلة الثقافة في المجتمع، ما يؤثر في طريقة سلوك الشباب وتصرفهم ) وتتابع : إذا غازلني شاب لا أرد عليه ، فمستواي الأخلاقي والثقافي لا يسمح لي بالنزول إلى مستواه ، وإلى درجة تفكيره السطحية، بهكذا شاب لن يتصرف بهذه الطريقة لو لم يكن فاقداً للقيم وللمضمون. وتنصح غادة الفتيات بالتصرف بشكل طبيعي إذا ما تعرضن للمعاكسة، والا يهتممن بأي كان في هكذا حالة . وتقول (م . س) طالبة جامعية : أصبحت المرأة في الأماكن العامة كمخلوق غريب قد نزل للتو من المريخ ! فالعيون وراؤنا أينما كنا حتى لو ارتدينا عشر عباءات فوق بعض !! وإن دل هذا على شيء فيدل على تخلف شبابنا !! المعاكسة (الخفيفة) قد لا تضايق الفتاة، هذا ما تعتقده (سارة عبد العزيز) طالبة في المرحلة الثانوية، بسبب ملابس بعضهن التي تلفت نظر الشباب، وتقول: لا عتب على الشاب إذا ما رأى فتاة لا تغطي وجها إلا بشكل مثير للفتنة، وتسير فخورة بذلك على الطريق .. إن الشاب سيعاكسها لا محالة طالما هي ترتدي العباءة بهذه الطريقة الرخيصة ! من جهتها تميز (ريم) ، موظفة بين نوعين من المعاكسة ، نوع خفيف لا يحرج شعور الفتاة، ونوع مؤذ لا يمكن أن تطيقة أي فتاة . وتقول: تعرضت لمعاكسات، أتجاهلها أحيانا، وفي أحيان أخرى أرد قائلة : ليست كل بنات الناس مثل بعضهن البعض، وأضيف كلمات أخرى مثل، اذهب وإلا طلبت رجل الأمن أو الهيئة . وتضيف (ريم) : قلة الثقة في النفس، والأفكار السخيفة التي تجول في رؤوس بعض الشباب، تدفعهم إلى القيام بتصرفات سطحية وسخيفة يظنون أنها تساعدهم على (اصطياد) الفتاة بكلام غير لائق .. في حين أن المعاكسة تجعل الفتاة تنفر من الشاب ومن كلامه ومن المؤكد أنه لن يصل إلى أي نتيجة، إلا إذا كانت هناك فتيات مستهترات يرغبن في ذلك ! وترى (ريم) أيضا أن على الفتاة الاحتشام في طريقة ارتدائها للعباءة، لكي لا تتسبب لنفسها بمشكلات هي في غنى عنها . وكيف يرد الشباب عن أنفسهم هذه الاتهامات بقلة الذوق والسطحية والتصرفات السخيفة ؟! وهل ينكرون أنهم (عاكسوا) عن سبق الإصرار ؟ من المؤكد أن ظاهرة (المعاكسة) لا تشمل كل الشباب، ولكن كثيرين يقومون بها في فترة من العمر .. فلماذا يفعلون ذلك ؟! البعض مثل ( أبو نايف الدوسري) ، طالب جامعي، يعتبر أن البنات هن اللاتي يعاكسن الشباب! ويتابع قائلا : أنا أتعرض كثيراً للمعاكسة من قبل الفتيات، وهذا يعني أنني جذاب بسبب ملامحي وأناقتي الدائمة .. وأعتقد أن الفتاة لا تتضايق أبداً من المعاكسة ، بل يهمها من يعاكسها، ومن يسمعها كلاماً معسولاً . رأي أبو نايف عبارة عن وجهة نظر .. ولكن يوافقه عليها (محمد) موظف ، والذي يقول : أعاكس الفتيات الجذابات في مظهرهن، وفي المقابل لا أطيق أبداَ أن تتجاهلني الفتيات .. فأنا شاب وسيم ومرتب .. ثم أنا متأكد أن الفتاة تفرح للمعاكسة حتى لو قالت عكس ذلك .. وكل شاب، مهما كان وضعه الاجتماعي، ومهما كانت درجة ذكائه وثقافته، سيعاكس الفتاة المتبرجة ..لا محالة ! ويختلف رأي (عبد العزيز العجلان) موظف ، عن رأي (أبو نايف) و (محمد) فالمعاكسة (برأية) تعبر عن قلة الذوق والاحترام، ويقول: (أن أي شاب يحترم نفسه لا يعاكس أي فتاة، حتى لو كانت جميلة أو ملفتة للأنظار في مظهرها . للأسف ، لقد أثر الكبت، ومحاولة تقليد المجتمعات الأخرى في سلوك كثير من الشباب ودفعتهم إلى مثل هذا السلوك (السخيف) فالشاب الواثق من نفسه لا يمكن أن يقوم بهذه التصرفات، ولا يمكن أن تنجذب فتاة لشاب لا تعرفه ولا يعرفها ويتنطح لكي يسمعها كلمات مبتذلة ! وكذلك يستهجن مثل هذا السلوك السوقي (الذي يبدر أحيانا من شباب متعلمين) ، (فيصل الشايع) ويقول : قد لا نلوم شابا منعته ظروفه من تحصيل القدر الكافي من العلم والثقافة حين يقدم على تصرفات من ها النوع الطائش والبذيء، ولكن ما هو عذر ابن الجامعة ؟! بصراحة لا عذر له .. وهذا عيب يقترفه.. ويخطيء من يعتقد أن المسألة مسألة حرية وانفتاح.. لا .. فالحرية شيء وقلة الأدب والحياء شيء آخر، والانفتاح الذي يتعلمه بعض شبابنا من المجتمعات الأجنبية ليس أكثر من حماقة وغباء مستورد !! وكان لابد ختاماً، من الاستطلاع رأي (علم النفس) في هذه الظاهرة التي مازالت مستمرة وفي ازدياد، حيث يقول الدكتور (عادل الترك) المختص في (علم نفس الشباب) : إن الشباب يعاكس الفتاة في العادة ليزيد ثقته في نفسه، ظاناً أنه يظهر بمظهر الشاب المميز القادر على جذب الفتاة التي تعجبه . وعندما يتمكن شاب من لفت نظر فتاة متحفظة وذات شخصية بمعاكساته فإنه يعتبر ذلك دليلا قاطعاً على جاذبيته وسطوة حضوره وأناقته ! أما إذا لم يفلح فإنه يزيد من معاكساته، وأحيانا يستعمل مفردات لا أخلاقية، إضافة إلى المفردات التي تبدو له (رهيبة) أو (لطيفة) والتي يبتكرها الشباب جيلا بعد جيل من (قاموس) لا ينضب .. فما فيه من توريات وتركيبات، لا يخطر على بال أحد ! ويتابع د. الترك : يظن الشاب نفسه عندما يعاكس الفتاة فريداً من نوعه، يشبه أبطال الأفلام الجذابين، ولكن السبب الأساسي لهذه الظاهرة هو قلة الثقة في النفس لدى الشاب، والكبت الذي يعيشه الشباب بسبب ظروف اجتماعية عادية أو قاهرة . أما الفتاة التي تتعرض للمعاكسة، فيقول د. عادل الترك : إنها قد تتضايق من الكلمات النابية التي يستعملها بعض الشباب، لكن كثيرات منهن وفي عمر معين تحديداً، لا تزعجهن المعاكسات العابرة .. واعني المراهقات في أول مراهقتهن حين يرغبن في التشبه بشقيقات أو قريبات مكتملات الأنوثة والحضور كفتيات شابات . وهنا أقول إن علاقة الفتاة بالمعاكسة لا ترتبط بالشاب الذي عاكس وإنما بالمعاكسة بحد ذاتها .. وبما تحققه لها من إرضاء داخلي على المستوى النفسي، وكذلك على المستوى الاجتماعي حين تروي لرفيقاتها البنات في مثل عمرها وأفكارها ما تعرضت له من معاكسات تؤكد أنها جذابة وشابة وتلفت الأنظار! .