مع قدوم الإجازة الصيفية يكثر الخروج من المنزل للأماكن العامة والأسواق والسفر للمتعة والترفيه، ويقترن بكثرة خروج الناس من منازلهم في الفترة الأخيرة، حدوث بعض الظواهر السلبية كالمعاكسات التي باتت تحصل كثيرًا في الأسواق، «الرسالة» ناقشت العلماء والمختصين في أسباب المعاكسات، وأثرها على المجتمع، وكيفية الحد منها.. في ثنايا التحقيق التالي: بيّن أستاذ علم النفس في جامعة الإمام محمد بن سعود د. عبدالله الصبيح أن من أسباب معاكسات الشباب للفتيات ضعف الوازع الديني وضعف العقوبة لمن يرتكب هذه الأعمال وأضاف: «كما أن هناك أمورًا تغري الشباب للمعاكسة وتمهد لهم ذلك من خلال المكان الذي تتم فيه المعاكسة من خلال الاختلاط أو مكاتب العمل أو طريقة اللباس التي تؤدي إلى الغزل بين الطرفين». وأضاف: «لا شك أن في الاجازة الصيفية يكثر الفراغ لدى الشباب، وخاصة أنهم ليسوا مرتبطين بعمل أوغيره، فيلجأون للأسواق والأماكن العامة فيحصل الغزل والمعاكسات وهذا من جراء الفراغ وتوفر مال في أيدي الشباب». وشدد الصبيح على أهمية غرس الوازع الذاتي في نفوس الشباب لأجل أن تكون هناك رقابة ذاتية على التصرفات السلبية مضيفًا: «العقوبات في الأنظمة تردع الشباب إذا لم تكن هناك رقابة ذاتية، فوجود الأنظمة المانعة لمثل هذه التصرفات متمثلة في وجود رقابة من هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر للقيام بدورها وإعانتها على ذلك فإن هذا يخفف من هذه المعاكسات، كما أن للوالدين دورًا ومسؤولية كبيرة في صيانة الفتاة وحمايتها من هذه الأمور، وذلك من خلال مرافقتها للسوق فلا تذهب وحدها بل مع أشخاص يستطيعون حمايتها، وأن تذهب للسوق متسترة وغير متبرجة في لباسها وحجابها، فلا تلبس اللباس المغري أو لباس الشهرة هذا يجعل الشباب لا يتجهون إليها، لأن الشباب يتجهون دوما للصيد السهل والفريسة التي تقول هيت لك وتحثهم على معاكستها». تحرش جنسي وأكد المحامي القانوني أ. خالد أبو راشد أن المعاكسات تعد من أنواع التحرش الجنسي وأضاف: «البعض يعتقد أن التحرش الجنسي هو جريمة الاعتداء الجنسي، فالتحرش هو اعتداء وبالتالي فإن المعاكسات تعد نوعًا من أنواع التحرش الجنسي وهي جريمة جنائية يعاقب عليها الشرع بالتعزير شرعا». وأضاف أبو راشد: «فلا يجب أن نلوم الشباب وحدهم بل اللوم يكون مشتركًا بين الطرفين الشباب والفتيات، لأن التحرش الجنسي أمر مرفوض شرعا وقانونا وحتى اجتماعيا، فبعض الفتيات يكن سببًا في المعاكسات، إما من خلال لبسهن أوحجابهن أومن خلال تجاوبهن، أما إذا كانت الفتاة محتشمة في لبسها وجادة في تعاملها لا يكون هناك مجال لأحد أن يعاكسها، لكن حينما تكون الفتاة غير محتشمة في لبسها أوغير سوية في سلوكها تعتبر شريكة في الجريمة في رأيي، فإذا ثبت أنها كانت على علاقة فلابد أن تعاقب قانونا، والأنظمة لدينا هنا تمنع المعاكسات والتحرش فكما ساهمت الأنظمة في ايقاف قضايا الابتزاز فهي تساهم في الحد من قضايا المعاكسات فإذا كتبت فتاة شكوى بهذا فلاشك أن المتحرش سيعاقب قانونا وذلك من خلال السرية اللازمة». الفراغ والبطالة ويحصر المستشار الأسري والاجتماعي أ. ابراهيم الأحمد أسباب معاكسات الشباب للفتيات في النقاط التالية: خروج الفتيات غير محتشمات، ومن غير حاجة للخروج، رفع الصوت وربما التكلم بطريقة غير مهذبة، استعراض الأنوثة الزائدة من غير حاجة، الفراغ العاطفي في بيوتنا، بُعد الوالدين أو أحدهما عن الفتيات والشباب، فراغ الشباب القاتل والبطالة المقننة، عدم فهم نفسيات ومتطلبات الشباب الحقيقية «النبوغ، الشهرة، التميز، الرجولة، الزواج، العمل المفيد»، التهاون بمثل هذه التصرفات عندما تقع لأول مرة وعدم المعاقبة الكافية والمناسبة، التوعية الدينية الضعيفة والهشة، القدوة السيئة من الوالدين أو أحدهما، الأصحاب والصاحبات السيئين والسيئات، عدم الرقابة التربوية أثناء التنزه والسفر». وأضاف: «المعاكسات هي النافذة الكبيرة للتحرش الجنسي الفعلي وهو تحرش جنسي قولي، وفي الحقيقة أن المعاكسات تزيد خطرًا كلما سهلت وتجددت طرقها وكلما أصبحت أخفى عن عين الرقيب فلابد من التيقظ والحذر الشديدين من انزلاق الفتاة أو الشاب في التلذذ بالمعاكسة فرضاعها سهل وفطامها صعب». وحدد الأحمد آليات الحد من هذه الظاهرة فقال: «أولًًا بالاستعانة بالله عز وجل والدعاء المُلح بأن يصلح الابن أو البنت المبتلاة بهذا الداء العضال، ثانيًا الاستعانة بذوي الخبرة المقربين من المبتلى بأن يجلس معه ويناقشه ويبين له خطورة الأمر وحرمته، ثالثًا الاستفادة من أصحاب الخبرة والممارسة في هذا الشأن سواءً مبتلى سابقًا وتاب أو والدًا أو والدة عندهما مبتلى وتاب وأناب أو رجال هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أو تربويًا أوتربوية صالحين مصلحين يمتلكان أسلوبا في النصح والنقاش جميلًا ومحببًا». التقنية الحديثة ومن جهته أكد الداعية الإسلامي سعود بن صالح الغربي أن المعاكسات أصبحت ظاهرة وخاصة عند المدارس والأسواق ولا يخلو أي مجتمع إلا ما رحم الله من وجود المعاكسات فمستقل ومستكثر. فإذا زاد الامر عن المعدل الطبيعي أصبحت ظاهرة وتحتاج إلى علاج، وهذا ما يراه الكثيرون في مجتمعنا، حيث أصبحت ظاهرة في كثير من الاماكن لا سيما عند المدارس وفي الاسواق وغيرهما، ولاشك أن لها أسبابا متعددة، ويختلف المحللون لها في أي الاسباب أكثر تأثيرا، والذي يظهر لي أن من أهم الأسباب ما يلي: أولًا: ضعف التربية الصحيحة لكلا الجنسين، لاسيما من قبل الاسر وكذلك في محاضن العلم كالمدارس وغيرها فجهل غالبية الاباء والامهات بالطرق الصحيحة للتربية أوجد أجيالا لا تبالي لكثير من القيم، ثانيا: انفتاح الناس على الثقافات الاخرى دون ان يصاحبها وعي صحيح، ولذا في كثير من الاحيان نجد حتى التقنية الحديثة تكون في بداياتها في الاعم الاغلب في الامور غير المناسبة كما حدث في اول ظهور جوالات الكاميرا، ثالثا: التقنية الحديثة وما ساهمت فيه من سرعة التواصل وخفائه على عين الرقيب، رابعا: الفراغ وتأثر الشباب والشابات بمن حولهم وتقليدهم، واعتقاد ان ذلك من التطور والتمدن، وضعف الوعي الأسري بأحكام ذلك وعدم الاكتراث بما سيترتب على ذلك من مشكلات، خامسا: عدم وجود أنظمة وعقوبات واضحة في حق من يخالف في ذلك ويحاول التعدي على الحرمات ولو بالكلام». وأضاف الغربي: «إن الحد من المعاكسات يكون بتوعية الناس توعية صحيحة بتوضيح ان مكارم الاخلاق في الدين تتنافى مع كل شيء يكون فيه تعرض لأحد الجنسين بما يخدش الحياء، وتنمية ثقافة المناعة الذاتية، ومراقبه الله في جميع التصرفات وتعزيز القيم الشرعية في النفوس، التواصل مع هذه الشريحة في المجتمع والاستماع لها ومحاورتها والاستماع إليها، عقد دورات تدريبية وبرامج موجهة بأسلوب يفهمه الشباب والشابات عن هذه الظاهرة، حث المختصين لاسيما من الاجتماعيين والنفسيين على إبداء الحلول المناسبة، قيام الجهات المختصة بسن انظمة توضح فيها العقوبات المترتبة على مثل هذه الافعال، لان جهل الناس بالعقوبة وعدم تطبيقها يدفع الى التمادي وعدم المبالاة». أثر المعاكسات وشدّد الداعية الإسلامي د. سعد السبر على أن الله خلق الكون لعبادته فقال تعالى: «وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون»، وقال تعالى: «وسخر لكم ما في الأرض جميعا منه». فإن الله جل وعلا سخر لنا هذه الأمور لتعيننا على طاعته، فيجب ان نستخدمها لهذا الأمر وهناك من يستخدمها لغير ذلك كانت شاهدة عليه لا له، فقال تعالى: «وقالوا لجلودهم لما شهدتهم علينا قالوا أنطقنا الله الذي أنطق كل شيء»، فالمعاكسات مسألة محرمة وفيها اعتداء على حرمات الله، وفيها اتباع لخطوات الشيطان، فهذه خطوة نحو الزنى والعياذ بالله، فيقع الناس من خلال المعاكسات في الشرور والبلاوي والفتن وانتهاك الأعراض واختلاط الأنساب فهذه من الشرور العظيمة، فهذه كلها تنتج من المعاكسات، وقد يستهين بها الشاب أو الفتاة ويرون أنها مجرد تسلية وينسون أن الإنسان محاسب على كل كلمة يقولها، فكلما ازداد الفراغ لدى الشباب ازدادت المعاكسات، فلذلك في الإجازة تكثر لأن الشباب تفرغوا من الدراسة أو العمل فأصبحوا يتجولون في الأماكن العامة والأسواق ويرتادون مواقع الانترنت والمنتديات ومواقع التواصل الاجتماعي ويترتب على ذلك مثل هذه التبعات من المعاكسات والتحرش». وأضاف السبر: «والعلاج لمثل هذه المشكلة هو التوعية في وسائل الإعلام المقروءة والمسموعة والمرئية، وغرس الرقابة الذاتية وخاصة في مواقع التواصل الاجتماعي التي غدت مرتعا للمعاكسات سواء كان فيس بوك اوتويتر فيجب ان يكون هناك نشاط توعوي فيها، كما يجب ان نذكر الشباب والفتيات بمراقبة الله جل وعلا وهوأعظم علاج واستشعار أن الله مطلع على كل أفعال الإنسان والمساهمة في تزويج الفتيات والشباب حتى يتم تحصين المجتمع».