يأتي الحوار مع المثقف العربي جورج خوري المذيع باذاعة وتليفزيون المانيا "الدوتش فيللة" في وقت مهم، حيث تسعى اوروبا الى التقارب مع العالم العربي، ومن اوجه هذا التعاون المشاركة العربية في معرض فرانكفورت للكتاب ضيف شرف في دورة المعرض القادمة في شهر اكتوبر من هذا العام، وجورج خوري احد الذين سعوا من اجل الموافقة على المشاركة العربية في فرانكفورت، وهو احد الوجوج البارزة في الاعلام الالماني، حيث قضى اكثر من ربع قرن هناك بعد ان سافر لدراسة العلوم السياسية والاعلام وتاريخ المسرح هناك، ثم عمل محرراً للشئون الثقافية في قسم افريقيا والشرق الاوسط باذاعة "الدوتش" فيللة وكلف منذ بداية العام الميلادي الحالي 2004 بتعميق الحوار والعلاقات الثقافية مع العالم العربي.. وقد تناولنا معه في هذا الحوار عدداً من القضايا التي تتعلق بمهمته، وبرؤيته لمشاركة العالم العربي ضيف شرف في معرض فرانكفورت الدولي للكتاب. @ انت جزء من العالم العربي وانسان ناجح في اوروبا، لكنك تحلم - بالتأكيد - بأن ترى العالم العربي متقدماً.. ما الذي يعوق هذا التقدم؟ * امل ان يبدأ العالم العربي في الاهتمام باسئلته المهمة، ولا يهتم بالقشور والمظاهر.. نحن نعيش في القرن الحادي والعشرين، وهناك تحديات في العالم كله، وعلى العالم العربي ان يطرح السؤال عن وضعه في العالم وماهيته في عالم متقلب بسرعة البرق، ويطرح السؤال عن اين يقف والى أين يريد ان يسير وكيف؟ هذه امور حاسمة، اذ يجب ان يتبنى العالم العربي مبادئ تسمح لكل فرد فيه بتقديم طاقاته والتعبير عن نفسه، فالعالم العربي لديه طاقات هائلة بشرية وطبيعية، واذا هيأنا الامور لتفجير هذه الطاقات يتغير كثير من الامور. وأنا اقول هذا الكلام غيرة على العالم العربي واملاً في تقدمه. من المهم جداً ان ينفتح العالم العربي على كل الاشياء، فاليوم يقال: اننا قرية صغيرة، والانفتاح من مظاهر القوة، اما التقوقع على النفس فانه من مظاهر الضعف، انظر الى الحضارة العربية الاسلامية في بداية الاسلام ستجد انها كانت منفتحة على العالم كله، فالقوي يأخذ من الاخرين دون ان يخاف من الزوال. الاخذ يغني النفس، ولولا حضارة العالم العربي الاسلامي لما وصلت اوروبا الى ما وصلت اليه، فلم لا نأخذ من اوروبا؟ لم نخف ان نأخذ الاشياء الجيدة؟.. وانا ادعو الى انفتاح البشر على بعضهم البعض، لان هذا يساعدهم جميعاً. معرض فرانكفورت @ يشارك العالم العربي في شهر اكتوبر القادم ضيف شرف في معرض فرانكفورت الدولي للكتاب بالمانيا.. ما توقعك لهذه المشاركة؟ * كانت هناك رغبة من المانيا في جعل العالم العربي مركز ثقل، او ضيف شرف - كما يقال- في معرض فرانكفورت لتعريف العالم به. انت تعرف ان معرض فرانكفورت للكتاب اكبر واهم معرض من نوعه في العالم، ويجتمع في هذا المعرض العالم، عالم الفكر والادب والكتاب والفن والاعلام، حيث يغطي المعرض اكثر من 16 الف صحفي من جميع انحاء العالم. وبعبارة اخرى، عندما يعرض بلد ما - او منطقة ما - كتابه وحضارته وثقافته في هذا المعرض. فان العالم يتعرف عليها عن قرب وتصل اليه، والاشتراك في معرض فرانكفورت ليس لمجرد عرض الكتب، وانما يشتمل على نشاطات ثقافية مختلفة تبدأ بالحفلات الموسيقية والمهرجانات السينمائية والمسرحية والفنون الشعبية، وكل ما له علاقة بالثقافة بمعناها الاشمل، بالاضافة الى الترجمات، حيث ستتم ترجمة عدد - امل ان يكون كبيراً - من الاعمال العربية المتميزة من قصص وكتب علمية ومتخصصة من العربية الى الالمانية، فيتمكن العالم العربي من التعريف بأشياء لم تكن معروفة الى الان، هذا من جهة، ومن جهة اخرى فان الادباء والمفكرين العرب سيذهبون الى المانيا للقيام بجولات للقراءة والتعرف على الجمهور والتحاور معه، ليس في معرض فرانكفورت فقط، وانما قد تمتد النشاطات شهوراً، فقد تبدأ قبل المعرض وتمتد اثناءه، وتستمر بعده، وقد تبنت الجامعة العربية التحضير للامر وتنفيذ البرنامج المقرر، واعلنت انها ستدعو اكثر من 150 عالماً ومفكراً واديباً وكاتباً من جميع انحاء العالم العربي وبالطبع سيكون هناك تواصل كبير وستكون فرانكفورت في هذه الفترة منصة ينظر اليها العالم، وهذه هي الفرصة الذهبية السانحة للعرب. الفرصة الذهبية @ انت احد الذين كان لهم دور في المشاركة العربية في معرض فرانكفورت ضيف شرف.. كيف يستغل العرب هذه الفرصة؟ * من خلال علاقاتي ساهمت ولو مساهمة متواضعة في الوصول الى هذا القرار، واشعر بسعادة للوصول اليه، واقول بكل صراحة: هذه فرصة ذهبية سانحة، اذا احسن المسئولون عرض صورة العالم العربي كما هي، وهذه المشاركة تمثل خطراً في الوقت نفسه اذا لم يحاول المسئولون ان يعرضوا العالم العربي بواقعه كما هو، بأبعاده المختلفة، بمفكريه المؤيدين والمعارضين، وحتى بمشاكله، لان العرض بهذه الصورة يكون مقنعاً. اما اذا حدث ان اختلف البعض وراء اشياء شكلية وبيروقراطية فان الفرصة تكون قد ضيعت، ولكن املي كبير في ان يكون العرض كما يجب، وان يتمكن العرب من تقديم انفسهم بالطريقة الجيدة. الجاران الطبيعيان @ كيف ينظر الاوروبيون الى العرب الان؟ * الاحظ من خلال تنقلي بين العالمين العربي واوروبا ان هناك نوعاً من سوء التفاهم وعدم المعرفة بالاخر. لا اريد ان استخدم كلمة الجهل بالاخر، رغم ان اوروبا والعالم العربي جاران طبيعيان، جغرافيا على الاقل، ولهما تاريخ مشترك، كان تاريخ فيه صراعات ونزاعات وايضاً كانت فيه لقاءات، ومع ذلك لا يعرف احدهما الكثير عن الاخر، وما يعرفه خاطئ وغير صحيح.. ومن خلال وجودي في اوروبا الاحظ ان مواطني الاتحاد الاوروبي بدأوا يهتمون بصورة اكبر بالعالم العربي والاسلامي، وتعرف انه هاجر كثيرون من العرب والمسلمين الى اوروبا، وفي المانيا اليوم ما يزيد على ثلاثة ملايين مسلم، والاحتكام بهم اثار الاهتمام لدى الالمان، فأصبحت المعرفة بالمسلمين اكثر، وبعد احداث 11 سبتمبر 2001 ازداد الاهتمام بالعالم العربي، والاسلام، وهذه ظاهرة تدل على ان الناس يريدون معرفة اكثر عن العالمين العربي والاسلام. وارى ان هذه الظاهرة ايجابية، وكثير من العرب يظنون ان اوروبا ضد العالمين العربي والاسلامي وانها تتآمر عليهما وتريد بهم شراً. وهذا القول منتشر في اوساط المثقفين انفسهم، ومن خلال تنقلي بين العالمين ومعرفتي باوروبا التي قضيت فيها معظم ايام حياتي اقول ان هذا غير صحيح، فما الاحظه ان اوروبا مهتمة جداً باقامة علاقات وثيقة مع العالمين العربي والاسلامي.