عندما وصل شارون إلى سدة الرئاسة الإسرائيلية مدفوعا بانتخاب المتطرفين الإسرائيليين أخذ في ارتكاب سلسلة من الأخطاء السياسية الفادحة التي أدت إلى تعقيد الأزمة الفلسطينية بدلا من الوصول إلى حلحلتها فقد سعى منذ الساعات الأولى لاستلامه السلطة إلى الفصل بين مسألتي الأمن والسلام وهو بذلك أراد تكريس سياسته الدموية القائمة في الأصل على الاغتيالات والاجتياحات وهدم البيوت على رؤوس اصحابها وتجريف الأراضي الزراعية وتوسيع الاستيطان ومن ثم اقامة الجدار العنصري الذي سوف يلتهم بعد اكتماله نسبة كبيرة من الأراضي الفلسطينية، ومن ثم فان المفهوم الأمني في عرف اسرائيل بعد تطبيق تلك السياسة الجائرة لن يصب في روافد قرارات الشرعية الدولية بل في اعادة تكييف تلك القرارات بما يتناغم مع المطالب الإسرائيلية المغيبة لحقوق الفلسطينيين ومن ثم فان شارون يحاول تمرير أي تقدم على طريق الحل السياسي للأزمة القائمة عبر تلبية شروطه المجحفة التي جاءت وفقا لملاحظاته الأربع عشرة الشهيرة على خريطة الطريق الرباعية، وهي شروط تفرغ الخطة من كل محتوياتها ومضمونها واهدافها، وعلى هذا الأساس فان رفض الجانب الفلسطيني مبدأ الشراكة في صنع الأمن وفقا للإملاءات والشروط الإسرائيلية يبدو منطقيا للغاية ويصب في مصالح السلام الحقيقي المنشود في المنطقة، وسيظل الوضع على ماهو عليه إلى ان يتم تصحيح السياسة الإسرائيلية المتطرفة القائمة على ان قرارات الشرعية الدولية بشأن الأزمة الفلسطينية هي قرارات غير ملزمة ولها دور استثنائي لا أساسي، وهذا ما يفسر التطرف الاسرائيلي الرافض لأي حل سلمي ان لم يأخذ في الحسبان ما تصفه اسرائيل (بالحقائق على الأرض) اي بسنوات الاحتلال والعمليات الاستيطانية بمعنى انها تسعى من خلال عملها السياسي للوصول الى حل ينسجم مع سياستها التوسعية في فلسطين ولا ينسجم في الأصل مع تطبيق قرارات الشرعية الدولية ذات الصلة الوثيقة بجوهر الصراع الفلسطيني/ الإسرائيلي، لاسيما ما يتعلق منها بالإنسحاب الإسرائيلي الكامل من المناطق الفلسطينيةالمحتلة وتفكيك المستوطنات وحل قضية اللاجئين، وتبدو المسافة متباعدة بين السياسة الاسرائيلية القائمة على أفكار متطرفة وعدوانية وبين قرارات الشرعية الدولية الواضحة بما يدفع للقول ان حل الأزمة القائمة لن يتأتى إلا عن طريق استقلال الدولة الفلسطينية ومنحها الأمن والسيادة الكاملة وإلا فإن الوضع سوف يراوح في مكانه بافرازاته السلبية على الوضع الأمني وتصاعد موجبات العنف وابقاء المنطقة برمتها على صفيح ساخن.