رفع الحظر عن مقر عرفات يعد فرصة سانحة لشارون لكي يبدأ صفحة جديدة من علاقات سوية بينه وبين السلطة الفلسطينية قد تؤدي الى امكانية العودة الى طاولة التفاوض مرة اخرى للبحث في امور مازالت معلقة بفعل السياسة الاسرائيلية القائمة على التعنت والتطرف وقلب الحقائق والمفاهيم، ومحاولة السباحة ضد التيار، فبدلا من اشاعة اجواء من الثقة لتمكين السلطة من الاستمرارية في اصلاح مؤسساتها وهي خطوة تراجعت اثناء الحصار المضروب حول مقر الرئيس عرفات عاد شارون لمنغومته المهترئة بضرورة استبدال عرفات بشخصية ترشحها اسرائيل، رغم علمه يقينا ان عرفات هو الممثل الشرعي للشعب الفلسطيني ومن المحال استبداله دون ارادة الفلسطينيين، ولكنها العنجهية الشارونية التي تأبى الوصول الى تسوية عادلة مع الفلسطينيين، وترى في استبدال عرفات بشخصية اخرى موالية لاسرائيل طريقة مثلى للاجهاز على مشروع قيام الدولة الفلسطينية المرتقبة، ولتمرير مختلف الشروط التي يمليها شارون على الشعب الفلسطيني وهي املاءات تتعارض مع معطيات الشرعية الدولية والقرارات الاممية الملزمة التي مازال شارون يضرب بها عرض الحائط، فهو يخطط لتنحية الرئيس الفلسطيني وتحويله الى "رمز" مجرد من صلاحياته السياسية والامنية والمالية وتنصيب رئيس وزراء موال لاسرائيل ليتمكن شارون بهذه الطريقة من القضاء على الانتفاضة، والاجهاز على مشروع الدولة الفلسطينية، وهذه محاولة لن يحالفها التوفيق فهي متعارضة تماما مع ارادة الشعب الفلسطيني المصمم على استرداد كامل حقوقه المشروعة من براثن الصهاينة مهما امتد الزمن، ولن تتمكن اسرائيل من كسر شوكة تلك الارادة وفقا لسلسلة من تجاربها المشهودة، فرغم تفوقها العسكري وغياب توازن القوى على الارض الا ان السلطة الفلسطينية قادرة على الصمود والتحدي والمواجهة الى ان تعيد شرعيتها المغتصبة وحقوقها المهدرة ودولتها المرتقبة.