ليس من الغرابة ان ينسف شارون اتفاقات اوسلو وترتيبات كامب ديفيد واتفاقية طابا ويعلن (أنها لم تعد قائمة) فقد تعود العرب بشكل عام والفلسطينيون بشكل خاص من حكام اسرائيل الصقور منهم والحمائم على نقض الاتفاقات والتلاعب بالعهود، وهذه صفة جبل عليها الصهاينة منذ أمد بعيد مع مختلف الشعوب، وليس مع العرب وحدهم، والتاريخ خير شاهد على ذلك، فليس مهما في عرف شارون واعضاء حكومته المتطرفة بعد نسفه لتلك الاتفاقات المبرمة بين السلطة الفلسطينية واسرائيل ان تتحول المنطقة الى مرجل يغلي بالغضب والتوتر، بل هم يريدون ذلك ويسعون اليه، فمن يلحظ سياسة اسرائيل الحالية الدموية القائمة على الاغتيالات وارتكاب المجازر واحتلال المدن الفلسطينية وتشديد الحصار عليها سوف يدرك دون عناء او مشقة ان اسرائيل لا تبحث عن السلام، بل تبحث عن تصعيد العنف واراقة مزيد من دماء الفلسطينيين وتهميش ارادتهم في اقامة دولتهم المستقلة، فتصريحات شارون الاخيرة سوف تدخل اراضي السلطة الفلسطينية داخل دائرة جديدة من التوتر والعنف وسوف تؤدي الى شلل سياسي كامل لن يتمكن معه الطرفان الفلسطيني والاسرائيلي من الوصول الى خطوات قد تؤدي الى حلحلة الازمة القائمة بينهما، ويبدو ان الوضع في المنطقة وصل الى طريق مسدود بعد تلك التصريحات العدوانية التي لا يمكن الخروج منها الا بنتيجة واحدة تتمحور في ان فاقد الشيء لا يعطيه، فمنذ تربع شارون على سدة الرئاسة الاسرائيلية وهو يعلن بممارساته الدموية وحماقاته المتلاحقة مع الفلسطينيين عن افلاسه السياسي الواضح، وليس ادل على ذلك من الغائه للتفاهمات والاتفاقات المبرمة مع السلطة الفلسطينية، وقد يؤدي هذا الالغاء الى شلل سياسي معلن رغم ان الجهود العربية والدولية كانت تنصب لاخراج المنطقة من ازمتها الحالية، ولعل ما يثبت افلاس شارون السياسي هو ادعاؤه بان الفلسطينيين والعرب لا يعترفون باسرائيل ويسعون للتخلص منها، وهو بهذا الادعاء يحاول ان يتجاهل المبادرة العربية ورؤية الولاياتالمتحدة والاطروحات الاوروبية التي اجمعت كلها على اهمية وجود دولتين فلسطينية واسرائيلية تتمتعان بحدود آمنه ومعترف بها، غير ان شارون المجبول على سفك الدماء ونقض المواثيق والتوسع الاستيطاني يأبى الا ان يضع العراقيل والعقبات امام عملية السلام في المنطقة على اهم مساراتها، ويدخل الجميع في متاهات لا امل للتخلص منها، وتلك تصرفات لن تؤدي الا الى اشعال اراضي السلطة الفلسطينية ووضعها على صفيح ساخن.