أغلق الباب، واطفأ الأنوار... واستسلم لخياله، تارة هو البحار وتارة هو الطيار.. وظل يسأل نفسه كيف اختصر الزمن أيامه وكيف أخطأت عقارب الساعة دقاتها.. نظر عبر النافذة، أشجاره التي كان يسقيها لم تعد اشجارا، والورد والياسمين والريحان لم تعد في ذات المكان.. وظل يسأل هل تغير الزمان أو المكان!؟ سرح بخياله، قلب صفحاته.. تذكر طفولته الصعبة ومع ذلك (حن) لها، ربما كان حنين الهروب من جرح اعمق من ان يداوى.. النوم آنذاك بلا خوف.. ولكن الحال لم يعد ذلك الحال فليله أصبح هما وغما، ونهاره ألما وذكرى، والكلام.. لم يعد كلاما!! قرر أن يكتب.. بحث في قواميس الدنيا عن عنوان.. أي عنوان!؟ لم يكن يهمه ما يكتب أعلى الكلام، انه اشبه برجال المناسبات لا يظهرون الا عندما يبدأ التصوير.. (بانتظار القدر) نعم هذا هو احلى عنوان ألسنا كلنا بانتظار القدر؟؟ البحار ارهقته الأمواج.. واتعبته الأيام.. والزمن.. آه.. آه منك يا زمن. غدر البحر بالبحار.. قال القمر.. لقد جئت في المكان والزمان الخطأ.. والناس على الشاطئ.. يتجمعون.. لا يهمهم ان مات البحار او عاش، ولا يعنيهم ان هو ضحك او بكى.. وضع المسكين خيمته.. وهنا بنى احلامه وآماله قالت له الأرض.. هذا بيتك.. ابن ماشئت وغن وارقص واضحك وافرح.. ثم غدت عاقدة الجبين.. تزلزل ما عليها فانهار بيت المسكين وانهار حلم المسكين ثم جلس القرفصاء بانتظار السماء ربما مطر يسقيه من جديد وربما دمع يواسي قلبه العليل.. طأطأ المسكين رأسه، فلا المطر هطل ولا البحر عدل ولا الارض اوفت بما وعدت.. آه.. لقد تذكر ان الأشجار تموت واقفة والأزهار تذبل نائمة. وهناك... (مرسى) حاول الوصول. خذلته قدماه.. وانتظر على الطريق والعشرات يمرون به. ينظرون اليه.. وهو جازم انه يعرفهم.. لم يتوقف أحد وهو يتوسل اليهم الا يتركوه ويرحلوا. عاد لغرفته وتمدد على سريره وأغمض عينيه بانتظار القدر.. ألم أقل لكم انه اجمل عنوان. لكم تحياتي